سلطت صحيفة (ديلي تليجراف) البريطانية الضوء على تخاذل دول العالم في الرد على المذابح وتشريد الملايين في جمهورية أفريقيا الوسطي وسوريا دون أخذ العبرة من حادثة الإبادة الجماعية في روندا عام 1994. وذكرت الصحيفة البريطانية في تقرير بثته على موقعها الألكتروني اليوم الأحد - أنه بعد مرور عقدين من الزمان ومشاهدة العالم أجمع تمزيق أوصال رواندا وارتكاب الإبادات الجماعية بأراضيها ، فشل المجتمع الدولي ، الذي أثقل كاهله فشله فى الصومال وشتت انتباهه العديد من الأحداث الجمة ، مرة أخري في وقف سلسلة الدم في روندا ، حينما رفض مجلس الأمن الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة ودعم بريطاني نشر قوات حفظ سلام أكثر في المنطقة عام 1994. وتابعت الصحيفة ، ففي الوقت الذى كان يبحث فيه المجتمع الدولي قضية رواندا تم قتل 800 ألف شخص ، وكنتيجة للأعمال الوحشية التي ترتكب قرر المجتمع الدولي بالإجماع العمل على وقف هذه الممارسات الشنيعة فقادت بريطانيا جهودا للوصول إلى اتفاق عالمي وتوصلت إلى مبدأ "مسؤولية الحماية" والذي يخول المجتمع الدولي باستخدام الوسائل الدبلوماسية والانسانية لحماية المدنيين ضد أى حادث جلل واللجوء فى آخرالمطاف إلى القوة العسكرية إن لم يجد ما سبق. ومضت الديلي تلجراف تقول "يبدو أننا في خطر نسيان الدروس المستفادة من الابادة الجماعية التي حدثت في رواندا عام 1994 ، ففي سوريا يقف العالم موقف المتفرج والأطفال يذبحون ويعذبون ويعانون من ويلات الجوع والسجو، ولم يستفد العالم أيضا من دروس الابادة الجماعية في رواندا فتأتي دولة أخري على الساحة وهي جمهورية أفريقيا الوسطي التي تعاني الآن من الصراع والتطهير العرقي". ونوهت بأن ما يحدث في افريقيا الوسطي الان يقلب صفحات التاريخ إلى الوراء قليلا إبان أحداث رواندا حيث الذبح بالمناجل واحراق المدنيين واحراق منازلهم واستخدام ابشع الطرق في قتل المسلمين هناك ، فقد تم قتل آلاف المسلمين خلال الأشهر الأربعة الماضية ، ونزوح أكثر من 600،000 شخص داخليا لخوفهم الشديد من العودة إلى ديارهم ، ومع اقتراب موسم الأمطار ومع تهديدات الاصابة بالملاريا والكوليرا والمجاعات أكثر من مليون طفل هناك في حاجة ماسة إلى المساعدات الانسانية. كانت الأممالمتحدة قد حذرت من أن جمهورية أفريقيا الوسطي على شفا إبادة جماعية إلا أن المجتمع الدولي يتباطئ فى الرد على هذه الجرائم لعدم وجود التمويل الكاف لجهود الإغاثة ، وعدد القوات الفرنسية وقوات الاتحاد الأفريقي قليل جدا لا يستطيع بمفرده حماية المدنيين في جميع أركان الدولة. وسيعقد مجلس الامن اجتماعا الاسبوع المقبل ليقرر ما إذا كان سيتم استبدال قوات الاتحاد الأفريقي ببعثة حفظ سلام كاملة من الأممالمتحدة ، وقالت الصحيفة معلقة علي ذلك أن يسارعوا فى وتيرة اتخاذ الاجراءات اللازمة حيث تحتاج جمهورية أفريقيا الوسطي ما لا يقل عن 20 ألف من قوات حفظ السلام على أراضي الدولة. ورأت الصحيفة أنه " حتي إذا وافقت الأممالمتحدة على ارسال بعثة حفظ سلام لجمهورية أفريقيا الوسطي ، فلن تطأ أقدام جنود البعثة أراضي الجمهورية إلا في سبتمبر القادم ، وهو القرار الذي سيأتي بعد فوات الأوان بالنسبة لحماية المدنيين الذين يتوقون إلى مثل هذه الحماية". وقالت " إن الابادة الجماعية فى رواندا كانت بمثابة نقطة سوداء في تاريخ البشرية والتي ينبغي أن لا نقع فيها مرة أخري ، إلا أننا على شفا الوقوع فيها وإعادة الخطأ مرة أخري في سوريا وجمهورية أفريقيا الوسطي". واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول " لم نكن نتوقع بعد 20 عاما من الإبادة الجماعية في رواندا أن تقوم الدعوات من خارج الأممالمتحدة لدفعها لنشر قواتها في جمهورية أفريقيا الوسطي ، فكل الأزمات التي تمر بها الدول تختلف ظروفها ولكن يبقى النتاج واحدا وهو سفك دماء وقتلي وأطفال فى حاجة إلى مساعدة ، وعلينا أن نضافر من جهودنا لحمايتهم بأي شكل من الأشكال".