يبدو أن الهدنة التى وعد بها نواب مجلس الأمة الكويتى الحكومة بمنحها مهلة لإطلاق برنامجها قبل الحكم عليها قد تبخرت، وجاءت مواقف بعض النواب مؤشرا على أن الهدنة هشة وستنتهى فاعليتها تحت تأثير معاودة الزحف النيابى على صلاحيات الحكومة ومصادرة حقها فى ممارسة سلطتها المنصوص عنها فى الدستور والقوانين. ورغم أن الحكومة اتخذت، فى اجتماعها الاستثنائى أمس، قرارا بتحويل قضية التحويلات التى تمت عبر وزارة الخارجية إلى ديوان المحاسبة للتحقيق فيها وتقديم تقرير خلال شهر، إلا أن هذا القرار لم يلق ترحيبا من كتلة المعارضة، وشن الناطق باسم كتلة العمل الشعبى النائب مسلم البراك حملة على قرار الحكومة، ووصفه بأنه محاولة للتستر على الفساد وإبراء الذمم. وأضاف أن اللجنة التنسيقية للغالبية النيابية اتفقت على تشكيل ثلاث لجان تحقيق مختصة بالإيداعات والتحويلات وقضية الديزل، وأنها ستحقق "لجنة التحويلات" مع الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء السابق، والشيخ محمد الصباح وزير الخارجية السابق، ووكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله لأنه على علم بالتحويلات إلى جانب سفراء الكويت في لندن وواشنطن وجنيف، ومحافظ البنك المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح، كما لوح بمساءلة وزير الخارجية الحالى الشيخ صباح الخالد". وفى رد على تهديدات البراك، أكد مصدر حكومى لصحيفة "السياسة" أن الحكومة ترفض لغة التهديد وتعارض تشكيل أية لجان برلمانية للتحقيق فى قضية الإيداعات المليونية احتراما للسلطة القضائية التى لاتزال تنظر فى القضية، مشيرا إلى أن ما قامت به الحكومة فى موضوع التحويلات يشكل الحل الأمثل لكشف ملابساته بعيدا عن المزايدات واستغلال القضية فى السوق السياسى، وبالتالى فإن على النواب انتظار كلمة ديوان المحاسبة فى هذا الشأن واحترام ما يصدر عنه بعيدا عن لغة التهديد والوعيد. وأوضح المصدر أن ما يلوح به البعض من تهديدات ينطوى على محاولة لاستغلال التركيبة النيابية الجديدة للاقتصاص الكيدى من بعض الأشخاص، فضلا عن محاولة الزحف على صلاحيات الحكومة ومصادرة دورها وتشكيل لجان تحقيق أشبه ما تكون بمحاكم التفتيش، علما بأن هذا النهج ينذر بنهاية وشيكة للهدنة المعلنة بين مجلس الأمة والحكومة.