منذ عدة أيام، خرج علينا المشير عبد الفتاح السيسي وأعلن استقالته من منصبه كوزيرا للدفاع، والترشح في الانتخابات رئاسة الجمهورية. حيث انطلقت عشرات التحليلات حول هذا القرار، وأود أن أركز هنا على نقطة بعيدة لم يشير إليها الكثيرون، وهي آخر زيارة رسمية قام بها المشير السيسي قبل خلع البزة العسكرية، وهي زيارته لدولة الإمارات ضمن التدريب العسكري المشترك زايد 1. فمناورة "زايد 1" تعد تدريبات رفيعة المستوى لكونها الأولى من نوعها، وهو ما اعتبرته الصحف ووسائل الإعلام في العالم خطوة توجت خطوات أخرى سابقة للتعاون والشراكة بين البلدين. ويعد التركيز هنا على الوضع المصري الإماراتي، حيث شارك بصورة رمزية الأمير سلمان بن سلطان نائب وزير الدفاع فى المملكة السعودية، لذا فدى الأمر أن الإمارات ومصر رأس الحربة. لدى البلدين مصالح استراتيجية كبرى فى المنطقة، التى تتشكل برمتها من جديد، فمصر لم تعد كما كانت والإمارات تتطلع بقوة للمستقبل، و الخليج لم يعد كما هو، المغرب العربى فى حالة قلق، والتحالفات القديمة كلها تنهار، مجلس التعاون الخليجى على صفيح ساخن، والكويت تتفرج، قطر تتآمر. كما إن إيران ليست بعيدة عن المشهد، ظهرها فى الخليج مؤمن تماماً بوجود المالكى فى العراق، وحزب الله فى لبنان، وطابور خامس من المثقفين أو المبدعين العرب فى بعض العواصم العربية، وطهران لديها أفضل قنوات الاتصال مع جماعة الإخوان فى مصر، لا تتوقف عن إعادة ترتيب أوراقها فى مصر فى ظل التطورات الأخيرة. لذا فهذه الزيارة "وصية" من المشير لمن يخلفه بضرورة الحفاظ على العلاقات المصرية الإمراتية قوية ومتماسكة وربط الأمن القومي الإماراتي بالأمن القومي المصري، فهي رد الجميل لوصية الشيخ زايد، حكيم العرب، التي ماوال اولاده ينفذونها.