كشفت الاحصاءات الرسمية الصينية أن عدد ناطحات السحاب في الصين قد بلغ 470 ناطحة سحاب مع نهاية سنة 2012 ، إلى جانب 332 ناطحة سحاب قيد الإنشاء ، ومن المتوقع ان يبلغ عددها الإجمالي 1318 ناطحة سحاب بحلول عام 2022 ، ما يعني 5ر2 أضعاف أمريكا ، منها 80 % تم بناؤها في المدن المتوسطة والصغيرة . وتجتاح الصين خلال السنوات الأخيرة موجة من التخطيط لبناء الابراج العالية وناطحات السحاب ، حيث أثار هذا النسق السريع في الإنشاء العديد من المخاوف لدى الناس حول عدم قدرة انهاء الإنشاء ، والخسائر ، وجودة البناء والسلامة ، والفضاءات الشاغرة وغيرها من مشاكل "ناطحات السحاب". وقد أثبت تاريخ تطور المدن على مدى العديد من القرون أن عظمة مدينة ما لا يعود أبدا إلى علو أبراجها ، بل يعود إلى ديمومة فضاء الحياة بها ، لكن خلال السنوات الأخيرة ظلت أخبار قيام المدن الصينية ببناء ناطحات السحاب تملأ الصحف ، ووفقا للمتخصصين ، فإن عائدات ناطحات السحاب مرتبطة بنسبة التأجير، وعادة يتم تسديد تكلفة الإنشاء من عائدات الإيجار خلال 15 سنة أو أكثر ، لكن مستوى الإيجار له ارتباط وثيق بنسبة مساهمة قطاع الخدمات في الناتج الداخلي الخام لمدينة ما. وعلى سبيل المثال تصل مساهمة الخدمات في الناتج الداخلي الخام بمدينة بكين إلى أكثر من 75% ، وهو ما جعل طاقة استيعاب قطاع الأعمال للمباني الإدارية تصل إلى 600 ألف متر مربع سنويا ، في ذات الوقت ، تصل نفقات حماية وصيانة ناطحات السحاب عادة إلى 3 أضعاف المباني العادية ، وهذه التكلفة العالية أدت بدورها إلى ارتفاع مستوى الإيجار. ويشير تشانغ سونغ أستاذ تخطيط المدن بجامعة تونغجي الصينية إلى " أن قيام مدن المستوى الثاني والثالث ببناء ناطحات سحاب في ظل الفروق الشاسعة بينها وبين مدن المستوى الأول على صعيد مستوى الإزدهار الإقتصادي ، ومستوى تركز الأعمال ومايمكن أن تحدثه من تأثير ايجابي جماعي ، يحتم على قطاع العقارات المزيد من التفكير في ما اذا كانت القوة الإقتصادية وطاقة الإستهلاك بهذه المدن قادرتان على تحمل مستوى مرتفع من الإيجار. وتتلهف بعض مدن المستوى الثاني والثالث على بناء ناطحات السحاب دون الإنتباه إلى وضعهم الإقتصادي تعد ظاهرة تستحق الإنتباه، لأن هذه الظاهرة لا تناسب مبادئ السوق وقواعد قطاع الاعمال ، حيث يكون من الصعب الحصول على الأرباح أو حتى اعادة تكلفة الإنشاء ، وإلى جانب الأضرار التي سيمثلها على التطور الإقتصادي في المستقبل ، فإن ذلك سيتسبب في اهدار كبير للموارد. في ذات الوقت ، يستغرق بناء ناطحات السحاب وقتا طويلا ، ومن السهل تعرضها إلى تأثيرات البيئة الخارجية ، وفي حال لم يتم توفير الأموال الكافية في الوقت المناسب ، يكون من الوارد جدا حدوث انقطاع في التمويل ثم يؤدى الى ترك المشروع ، ودائما ماتكون ناطحات السحاب نوعا من المخاطرة بالنسبة للمدن ، واذا كانت أنماط التصاميم ، ومواد البناء متلائمة مع اللون العام للمدينة فإن ذلك يمكن أن يقدم إضافة للصورة الفريدة لمدينة ما، وماعدى ذلك فإنه قد يمثل إضرار ، ويستقطب النقد لمدة طويلة. ويرى تسي هويمين نائب مدير معهد الإدارة العامة بجامعة الشعب الصينية ، أن السعي وراء المباني المرتفعة قد غير وجه المدن الصينية وأفقدها خصائصها ، فناطحات السحاب بمدن المستوى الثاني والثالث أصبحت أشبه بنوع من حب البروز عبر "انجازات للمدينة" أو "مشاريع للصورة"، في حين أنها تفتقد التناسق مع ظروف المواصلات في المدينة ، والحسابات الإجمالية لمستوى تطور المدينة ، حيث تكون صورة بلا محتوى ، ووجود تنافس غير معلن بين مختلف المدن والمناطق حول من يبني المبنى الأعلى ارتفاعا ، وهذه الظاهرة غير سليمة بالمرة" . ويؤكد الخبراء أن المباني العالية دائما ما تحتوي على مخاوف أمنية ، مثل مقاومة مختلف أنواع الحرائق ، ومعالجة الأحداث الطارئة أو حتى الهجمات الإرهابية ، وجميعها تعد مشاكل يجب على المباني العالية مواجهتها ، حيث يمكن للغازات العادمة أن تتسرب لكافة المبنى خلال نصف دقيقة فقط في مبنى ارتفاعه 100 متر ، كما تتسبب في احداث حريق ، وتتسبب ايضا آشعة الشمس التي تعكسها ناطحات السحاب التي تستعمل الجدران البلورية في أثار سيئة على البيئة المجاورة لها، وزاد على ذلك أن بناء ناطحات سحاب في مراكز المدن ، يتسبب في زيادة عدد الداخلين والخارجين من مركز المدينة، ويزيد من ضغوط المواصلات .