أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 21-5-2025 في محافظة الفيوم    سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 21-5-2025 مع بداية التعاملات    للتشاور.. نتنياهو يسحب فريق مفاوضيه بشأن غزة من الدوحة    بعد واشنطن.. الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات عن سوريا: آمال كبيرة تلوح في الأفق    جيش الاحتلال يعلن مقتل جندي وإصابة آخر في تفجير منزل بغزة    بتكلفة 175 مليار دولار.. ترامب يختار تصميما لدرع القبة الذهبية    كلاسيكو إنجليزي خالص، مانشستر يونايتد يواجه توتنهام اليوم في نهائي الدوري الأوروبي    توافد طلاب ثانية ثانوية بالجيزة على لجان امتحانات الفصل الدراسى الثانى    اليوم.. أولى جلسات طعن المخرج عمر زهران على حكم حبسه    اليوم.. أولى جلسات محاكمة عاطل بتهمة التنقيب عن الآثار    رئيس الإذاعة يكشف تفاصيل وموعد انطلاق إذاعة "دراما FM"    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    موعد نهائي الدوري الأوروبي بين توتنهام ومانشستر يونايتد    إسرائيل تواصل هجومها على غزة رغم الانتقادات الدولية    لينك و موعد نتيجة الصف الأول الثانوي الأزهري الترم الثاني 2025 برقم الجلوس    مساعدات عاجلة واستئناف «هدنة غزة».. تفاصيل مكالمة وزير الخارجية الإماراتي ونظيره الإسرائيلي    هبوط كبير تجاوز 800 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 21-5-2025    أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 21-5-2025 بعد الهبوط الجديد.. وبورصة الدواجن الآن    مصرع طفلتين غرقا في ترعة بسوهاج    ثلاثي الأهلي يجتاح قائمة الأفضل ب الدوري في تقييم «أبو الدهب».. ومدرب مفاجأة    الخارجية الفلسطينية ترحب بالإجراءات البريطانية ضد ممارسات الاحتلال في الضفة وغزة    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    أفضل وصفات طبيعية للتخلص من دهون البطن    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفى والإعلامى (2)    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    محافظ الدقهلية يشهد حفل تجهيز 100 عروس وعريس (صور)    محمد معروف المرشح الأبرز لإدارة نهائي كأس مصر    «غزل المحلة» يعلن مفاوضات الأهلي مع نجم الفريق    الدولار ب49.86 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 21-5-2025    أسطورة ليفربول: مرموش يمكنه أن يصبح محمد صلاح جديد    طريقة عمل المكرونة بالصلصة، لغداء سريع وخفيف في الحر    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    بعد شهر العسل.. أجواء حافلة بالمشاعر بين أحمد زاهر وابنته ليلى في العرض الخاص ل المشروع X"    ترامب يتهم مساعدي جو بايدن: سرقوا الرئاسة وعرضونا لخطر جسيم    رسميًا الآن.. رابط تحميل كراسة شروط حجز شقق الإسكان الاجتماعي الجديدة 2025    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    تفسير حلم الذهاب للعمرة مع شخص أعرفه    المستشار محمود فوزي: لا يمكن تقنين الخلو.. ومقترح ربع قيمة العقار للمستأجر به مشاكل قانونية    الخطيب: سعداء بالشراكة الجديدة والجماهير الداعم الأكبر للأهلي    شاب يقتل والده ويشعل النيران في جثته في بني سويف    حدث في منتصف الليل| الرئيس يتلقى اتصالا من رئيس الوزراء الباكستاني.. ومواجهة ساخنة بين مستريح السيارات وضحاياه    مجلس الصحفيين يجتمع اليوم لتشكيل اللجان وهيئة المكتب    لميس الحديدي عن أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز: هناك من عايش الزيجة 20 سنة    رابطة الأندية: بيراميدز فرط في فرصة تأجيل مباراته أمام سيراميكا كليوباترا    تحول في الحياة المهنية والمالية.. حظ برج الدلو اليوم 21 مايو    إرهاق مزمن وجوع مستمر.. علامات مقاومة الأنسولين عند النساء    بمكونات سهلة وسريعة.. طريقة عمل الباستا فلورا للشيف نادية السيد    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    نص محضر أبناء شريف الدجوي ضد بنات عمتهم منى بتهمة الاستيلاء على أموال الأسرة    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    المدرسة الرسمية الدولية بكفر الشيخ تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    تعرف علي موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    وفد صيني يزور مستشفى قصر العيني للتعاون في مشروعات طبية.. صور    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منال الشرقاوي تكتب: كيف يكشف الهالوين عن المخاوف الإنسانية من خلال السينما؟
نشر في صدى البلد يوم 23 - 10 - 2024

يعدّ الهالوين واحداً من أكثر الاحتفالات الشعبية انتشاراً، لا سيما في الثقافات الغربية، حيث يُحتفل به في ليلة 31 أكتوبر. ومؤخراً بدأت بعض الدول العربية تشهد احتفالات مشابهة، خاصة في المجتمعات التي تتسم بالتنوع والانفتاح الثقافي لديها.
يعود تاريخ هذا الاحتفال إلى تقاليد قديمة، لكنه تطور بمرور الزمن ليصبح مناسبة اجتماعية تمتزج فيها الأزياء التنكرية والخدع والحلوى. أما في السينما، فقد اكتسب الهالوين بُعداً آخر، حيث أصبح مصدر إلهام لأفلام الرعب والإثارة التي تتناول موضوعات مثل الخوف والغموض والموت.
ترجع جذور الهالوين إلى احتفال "سامهاين" Samhain، وهو مهرجان كلتي قديم كان يُقام في نهاية موسم الحصاد وبداية الشتاء. كان "الكلتيون" يعتقدون أن الحاجز بين عالم الأحياء والأموات يصبح رقيقاً في هذه الليلة، مما يسمح للأرواح بالعودة إلى الأرض. و-في معتقداتهم-، أن الحماية من تلك الأرواح الشريرة، تكون بإرتدائهم للأزياء التنكرية وإشعالهم للنيران كي تبعد عنهم.
"الكلتيون"، تلك الشعوب القديمة التي نشأت في أوروبا منذ العصر الحديدي، توزعت بين أيرلندا، بريطانيا، فرنسا، وإسبانيا. لم يكونوا دولة موحدة، بل قبائل تتشارك لغة ومعتقدات متجذرة في الطبيعة والأرواح. اشتهروا بالفنون والحرف اليدوية، من أسلحة ومجوهرات إلى تماثيل تنبض بأساطيرهم. وسط دورات الفصول. مع مرور الزمن، اندمجت هذه التقاليد مع الاحتفالات المسيحية، وأخذ الهالوين شكله الحديث في الثقافة الغربية، الذي يتميز بالاحتفالات التنكرية وتوزيع الحلوى والخدع.
إن الهالوين يشغل من النفس البشرية مكانة لا تبارى، فهو ليس مجرد احتفال عابر، بل حالة أقف عندها متأملة. ففي هذا اليوم، يتحول الناس إلى شخصيات أخرى، ويطلقون العنان لأفكارهم الإبداعية الكامنة، وكأنهم يرتدون أقنعة تكشف عن جوانب مظلمة من أنفسهم.. ومع ذلك، يجدون في هذا اليوم ملاذاً آمناً، حيث يواجهون رهبتهم، لا بقلوب خافقة أو عيون قلقة، بل بابتسامات ساخرة، وبطريقة، يرونها مسلية، تجعلهم يلهون بما يخشونه، ويتنكرون بما يرتعدون منه، كأنهم يضحكون في وجه الظلام!
قد يكون ارتداء الأزياء التنكرية في الهالوين ضرباً من التمرد الصامت، يتمكن من خلاله الناس أن يفلتوا من قبضة واقعهم اليومي، وأن يتقمصوا شخصيات أخرى، مرعبة أو مرحة. ففي تلك الليلة، يرتدون الأقنعة، لا ليخفوا وجوههم فحسب، بل ليخفوا أنفسهم أيضاً، ويهربون من ضغوط الحياة، كأنهم يجدون في التنكر حصناً يحررهم ولو مؤقتاً من تلك القيود. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يتجاوز إلى ما هو أعمق وأشد غرابة. فهم يقبلون على تجربة الخوف، يسعون إليه، يطلبونه طلباً، فيضعون أنفسهم عن طيب خاطر في مواقف مرعبة، يشاهدون أفلام الرعب، ويدخلون بيوت الظلام المخيفة. ولعلهم يفعلون ذلك لأنهم يدركون، أن هذا الخوف الذي يعيشونه لحظات، خاليا من الخطر الحقيقي. فتلك اللحظات تمنحهم الفرصة لمواجهة الرعب، لا ليهربوا منه، بل ليتحدّوه ويتحكموا فيه، كأنما يستمتعون بإحساسهم بالقوة والسيطرة عليه.
لكن، في بعض الثقافات، يبدو الهالوين وكأنه فصل من فصول الحياة، فصلاً يعلن قدومه نهاية دورة وبداية دورة جديدة. يتزامن مع فصل الخريف، حيث تسقط الأوراق وتتهيأ الأشجار لاستقبال شتاء قاسٍ. فكأنما الاحتفال بهذا اليوم هو احتفال بالتجدد والتحول، ووداع لشيء قديم، واستقبال لشيء جديد. فهو لحظة من لحظات التحرر، يبذل فيها الناس أقنعة الماضي، ويتهيئون لرحلة جديدة مع الحياة.
ولعل هذه الروح المتجددة والمتناقضة في الوقت ذاته، هي ما جعلت الهالوين مصدر إلهام غني لصناع الأفلام، وخاصة في أفلام الرعب، التي تستفيد من هذا الاحتفال لخلق أجواء مرعبة. فهو يوم تتداخل فيه الحياة والموت، المرح والخوف، مما يتيح للسينما أن تستلهم من رمزيته وتبتكر قصصاً تثير الفزع والدهشة في آن واحد.
ولم يكن غريباً أن تستخدم الأفلام التي تدور حول الهالوين الأزياء التنكرية والأقنعة كرمز للوحشية الخفية داخل الإنسان. ففي فيلم "هالوين" الشهير للمخرج "جون كاربنتر" (1978)، وإنتاج "مصطفى العقاد"، نجد أن القناع الذي يرتديه "مايكل مايرز" يعبر عن وحشية غامضة، كأنما هو هروب من الهوية الإنسانية إلى الهوية المتوحشة. تلك الوحشية ليست إلا تجسيداً للرعب الذي يسكن أعماق النفس البشرية، مما يجعل من الهالوين فرصة مواتية لظهور هذا الجانب المظلم الذي يبقى مختبئاً معظم أيام السنة. ولعل هذا الجانب هو ما دفع الكثير من الأفلام إلى استغلال أجواء الهالوين، فتعتمد على خلق بيئة غامضة ومثيرة للخوف، حيث تتجسد الرهبة في الأزقة المظلمة والمنازل المهجورة، لتصبح خلفية مثالية للأحداث المرعبة.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك، فيلم "خدع أو حلوى" (Trick 'r Treat) الذي يقدم خمس قصص تقع جميعها في ليلة الهالوين، مستفيدة من بيئة الهالوين المظلمة والمشبعة بالغموض لإضفاء جو من الرعب والتشويق. تم إنتاج الفيلم في عام 2007، وأخرجه "مايكل دورتي" الذي كتب أيضاً السيناريو، ليخلق من خلاله تجربة سينمائية ترسم تفاصيل الخوف والمفاجأة، تماماً كما يفعل الهالوين نفسه.
في بعض الأفلام، يكون الهالوين رمزاً لمواجهة قوى خارقة للطبيعة، حيث تظهر مخلوقات أو أشباح تهدد الشخصيات. الأفلام التي تصور الهالوين غالباً ما تعكس خوف الإنسان من المجهول والموت. هذه الأفكار يتم تجسيدها في العديد من الأعمال التي تسعى لربط ليلة الهالوين بالقوى الغامضة التي يُعتقد أنها تتحرك في الظلام.
لا يمكن إنكار أن السينما لها دور كبير في تشكيل الثقافة الشعبية للهالوين. فقد ساعدت الأفلام في تعزيز الاهتمام بالاحتفال وفي ترسيخ بعض الرموز المرعبة المرتبطة به، مثل الأقنعة والسكاكين والمخلوقات المخيفة. هذه الأفلام لم تكتفِ فقط بعرض الهالوين كخلفية للأحداث، بل أسهمت في ابتكار أساطير وقصص جديدة أصبحت جزءاً من ثقافة الهالوين نفسها. في رأيي، يمثل الهالوين تداخلاً بين الخوف والمرح، وبين الواقع والخيال. هذا التداخل هو ما يجعل منه مادة دسمة للأفلام التي تحاول استكشاف الأبعاد النفسية للخوف والوحشية والهروب من الواقع. على الرغم من أن الاحتفال في الأصل كان وسيلة لدرء الشرور، إلا أنه تحول إلى طريقة للاحتفال بالخوف نفسه، وتحدي المجهول والاحتفاء بالغموض. ومن هنا، لم يعد الهالوين مجرد ليلة من الأزياء والخدع، بل رمز يجسد كيفية تعاملنا مع الواقع، بجرأته وغموضه.
من قال إن الهالوين احتفال بالرعب؟ إنه يشبه الحياة نفسها، احتفال بالجرأة على ملامسة المجهول، والتحدي وسط ظلام لا نعرف نهايته. فالأقنعة التي نرتديها، سواء في الهالوين أو في الحياة اليومية، ليست دائماً لإخفاء الوجوه، بل أحياناً تكشف عن حقائق نخفيها خوفاً أو تردداً. في كل يوم، تتحول مخاوفنا من أعداءٍ إلى أصدقاء، نعتادها، نضحك في وجهها، تماماً كما نفعل في ليلة الهالوين. فالحياة، ليست عن النجاة من الخوف، بل عن القدرة على التعايش معه وتحويله إلى ضوء يكشف لنا طريقاً جديداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.