مبنى مجلس الشعب شهدت أولي جلسات مجلس الشعب –الجلسة الإجرائية- حالة من الصراع والصراخ، في مشهد أحزن أغلب المشاهدين لأولي جلسات برلمان الثورة المصرية، وهو المشهد الذي جاء علي النقيض لما خرجت به أولي جلسات برلمان الثورة التونسية. بدأت صباح أمس أولي جلسات برلمان الثورة، عرس الديمقراطية المصرية، بعد أن دفع المصرين ما يزيد على ألف شهيد ومئات المصابين الذين خرجوا للمطالبة بالحرية والديمقراطية، وحرية التعبير عن الرأي. كان أبرز ما شوهد في أولي جلسات البرلمان حالة من الدجل والمشادات والمزايدات في محاولة للتمسح بالثورة والشهداء، وهو المشهد الذي خرج علي النقيض تماما لما خرجت به أولي جلسات البرلمان التونسي التي شاهدناها خلال الأيام الماضية والتي كانت مثالا يحتذى به للديمقراطية. بدأ البرلمان التونسي بالوقوف دقيقة حدادا وقراءة الفاتحة علي أرواح شهداء الثورة التونسية، وهو المشهد الذي بدأت به الجلسة اليوم –وهي الجلسة الإجرائية- إلا أن مضمون الجلستين تغير كثيرا. كان البرلمان التونسي نموذجًا للتعبير عن الرأي والوطنية في ذات الوقت دون صياح المزايدات، وادعاء البطولات، قرأوا الفاتحة ورددوا النشيد القومي " إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر"، وذرفت أعين الرئيس المؤقت منصف المرزوقي الدموع حين ترحم علي شهداء الثورة التونسية التي وضعت من نفوا وطردوا علي يد نظام زين العابدين بن علي، على رأس الدولة اليوم. فاز حزب النهضة التونسي صاحب المرجعية الإسلامية بأغلبية البرلمان إلا أن نائبا منهم لم ينطق بأي إيحاء لتوصيل مغذي معين علي مسامع المواطنين، والمشاهدين لجلسة برلمان الثورة، فلم يتملقوا الثورة ولا المرجعية الاسلامية سوى أنهم أصروا علي الاستمتاع بالحرية والديمقراطية في يوم عرس افتخر به العرب والعالم. قال رئيس الجلسة الأولي للبرلمان التونسي الطاهر هميلة فى كلمته خلال الجلسة يومها "إن المجلس يعقد جلسته الافتتاحية فى لحظة فارقة فى تاريخ تونس الساعية إلى بناء دولة مدنية تسودها الحرية والديمقراطية، ويكون فيها الشعب صاحب السيادة المطلقة ضمن أحكام دستور يشترك الجميع فى صياغته"، ودعا أعضاء المجلس إلى تجاوز انتماءاتهم الحزبية والفئوية والالتزام فقط بخدمة تونس وقضايا شعبها. إلا رئيس الجلسة الأولي من البرلمان المصري المستشار محمود السقا لم يكن حازما بعض الشىء مما جعل الجلسة تخرج وكأنها حلبة للصياح، وكان أول الخارجين عن الالتزام عن وقار كرسي رئيس المجلس عندما حاول كسر جمود الجلسة بعبارت مثل "العشرة المبشرين بالمجلس"، وكأنها بشارة الجنة، و حينما طلب من النواب الحضور تقديم التحية للجيش والمجلس العسكرية بعبارة "تحية كبيرة"، وهو ما كان له دور في خروج بعض النواب عن النص اللائق بهم. كما شهدت الجلسة الأولي للبرلمان المصري خروجا مملا عن نص اليمن الدستورية وقسم الولاء والانحياز للشعب، ما بين من يزايد علي الإسلامية وآخر يزايد علي الثورة والشهداء. انتخبت تونس رئيسا مؤقتا للبلاد ورئيسا للبرلمان دون خلاف ولا جدال ، إلا أن البرلمان المصري شهدت أولي جلساته توترات ومشادات حول كيفة انتخابات رئيسا للمجلس، وكأنها المرة الاولي التي تجري مثل هذه الانتخابات، فكانت جلسة للصياح والمزايدة لا لتقديم الولاء للثورة بالالتزام بالديمقراطية. ما بين الجلسة الأولي للبرلمان التونسي والبرلمان المصري دروسا لابد أن نتعلم منها، فكيف كانت وحدة الصف في داخل البرلمان التونسي علي اختلاف الهوية السياسية سعيًا وحرصًا منهم للوصول إلا الديمقراطية الحقيقية، لا ديمقراطية الصياح.