أنشئ على أنقاض قرية.. مطار العلمين قاطرة جذب السياحة الأجنبية للساحل الشمالي

قبل عدة أسابيع، أعلنت القوات الجوية عن إطلاق النسخة الأولى من معرض مصر الدولي للطيران والفضاء "Egypt Air Show 2024" بمطار العلمين الدولي في مايو 2024، ليجمع كبرى المؤسسات العاملة في مجالات الدفاع والتسليح وتكنولوجيا الفضاء والطيران في العالم.
واختيار مطار العلمين الدولي، لاستضافة هذا التجمع العالمي الضخم المتوقع أن يشهد إقبالاً واسعا من كبرى المؤسسات الإقليمية والدولية، إضافة إلى عروضا جوية مثيرة وعرضا مفتوحا لكبرى طرازات الطائرات المختلفة، ليس مصادفة ولكن ثقة في قدرات وإمكانيات هذا المطار الدولي المنشأ بنظام ال B.O.T في مطلع الألفينات، بمنطقة الساحل الشمالي لمصر، وشهد أعمال تطوير مكثفة خلال أخر عامين.
ما هو نظام (B.O.T)؟
وقبل الحديث عن قدرات مطار العلمين الدولي.. يجب أولا إيضاح ما هو نظام (B.O.T)؟
نظام "B.O.T" هو اختصارا لعبارة (BUILD OPERATE TRANSFER ) التي تعني البناء والتشغيل والتحويل، مضمونه هو أن يتولى مستثمر من القطاع الخاص بعد الترخيص من الدولة بناء مشروع وتشغيله لعدة سنوات يحصل خلالها على ما تم إنفاقه في بناء المشروع بالإضافة إلى نسبة من الأرباح، وتمنح الدولة نسبة أيضا من الأرباح ثم بعد السنوات المتفق عليها وفقا للتعاقد يتم إعادة ملكية هذا المشروع للدولة مرة أخرى، ويعد هذا النظام أحد وسائل تمويل مشروعات البنية الأساسية بعيدًا عن تحميل ميزانية الدولة أي أعباء.
مطار العلمين الدولي
ويعد مطار العلمين الدولي، الذي تقدر مساحته ب 64 كيلومتر مربع، واحدًا من مشروعات الدولة التي بنيت بهذا النظام، ومثله أيضًا مطارات برج العرب وراس سدر ومرسى علم وسوهاج الدوليين، وكان لكل مطار منهم نصيب مع مستثمر باستثناء مطار سوهاج الذي شيدته القوات المسلحة.
قرار إسناد إنشاء عدد من المطارات لرجال أعمال وطنيين، اتخذته الحكومة المصرية ممثلة في مجلس الوزراء عام 1997، وكان بناءًا على مذكرة من رئيس هيئة الطيران المدني حينها (اللواء عبدالفتاح كاطو)، وخرج حينها القرار الحكومي بإنشاء 9 مطارات مصرية موزعة على محافظات الجمهورية هي: ( الفرافرة – البحرية - سوهاج - راس سدر - مرسى علم - العلمين - دهب في سينا - برج العرب – قويسنا) وكان اختيار قويسنا في وسط الدلتا حينها لتشجيع وتصدير صادرات الخضروات من كل محافظات الدلتا إلى أوروبا.
وبموجب قرار رئيس الوزراء، كان المستثمر الذي يقع عليه الاختيار لبناء المشروع، مُلزم بإنشاء شركة مساهمة مصرية تتولى إنشاء وإدارة المشروع تكون هي حلقة الوصل بين المستثمر والدولة، حينها تم إسناد مناقصة إنشاء مطار العلمين لأحد رجال الأعمال الذي أنشأ بعدها الشركة الدولية للمطارات لتكون مساهمة مصرية تتولى إنشاء المشروع وإداراته وفقا للقانون، كما تم إرساء مطار مرسى علم الدولي أيضا على مستثمر وطني استعان بخبراء الشركة التي أنشأت مطار شارل ديجول الفرنسي لإنشاء مطار مرسى علم".
5 سنوات في إنشاء مطار العلمين
وجرى وضع أول حجر أساس لمطار العلمين الدولي في عام 2000، واستغرق بناءه 5 سنوات، وحينها كانت هيئة الطيران المدني تمنح المستثمر الذي وقعت عليه المناقصة الخاصة بإنشاء المطار، عام لإجراء دراسات للمنطقة والتربة والرياح وكافة الدراسات الشاملة للمشروع وثلاث أعوام أخري لإنشاء المطار، فاستغرق المطار حينها 5 سنوات لأن المنطقة المقام في حرمها المطار عبارة عن قرية صغيرة يقطنها عرب مصريين، وتم إخلاء هذه القرية وإقامة قرية بديلة لأهلها بالقرب من المنطقة داخل حدود مدينة الضبعة وهو الأمر الذي استغرق عام أخر، فكان افتتاح المطار في عام 2005، وتم الاستعانة بغالبية العمالة في المطار من أهل المنطقة المحيطة.
وبالحديث عن القدرات الفنية لمطار العلمين الدولي، الذي تكلف إنشاءه حوالي 640 مليون جنيه في عام 2000م، وينتظر استضافة أكبر حدث عالمي في الطيران المدني خلال النصف الأول من العام القادم "Egypt Air Show 2024" على ممره الخاص، فإن ممر مطار العلمين وصل طوله إلى 3.5 كيلو متر، وقدرت قوة الضغط على البوصلة المربعة للمطار PCN لتتحمل هبوط وإقلاع جميع أنواع طرازات الطائرات متوسطة الحجم والصغيرة والطائرات الجامبو أيضا، وتستوعب صالة الركاب داخل المطار 600 راكب/ ساعة.
وخلال أخر عامين، تحديدًا منذ عام 2020م بعدما استردته الدولة بشكل كامل بعد 15 عاما ظل خلالها تحت إدارة الشركة الدولية للمطارات، شهد مطار العلمين الدولي أعمال تطوير تشمل زيادة طاقته الاستيعابية، وتطوير الحقل الجوى ليستوعب 45 طائرة في نفس الوقت، وأيضا إنشاء ممر جديد بطول 4 كيلو مترات وعرض 45 مترا، وتم عمل نظام إنارة جديد على الممرات وربطها ببرج المراقبة الجوية ومحطة للخدمات الأرضية وتموين الوقود ومحطة للكهرباء، وأيضا تم توسعة البارك الخاص بالمطار ليستوعب 400 سيارة و150 أوتوبيسا.
وقد حصل "صدى البلد" على المعلومات التي تضمنها هذا التقرير خلال لقاء مع محمد حمدي عبدالعظيم وكيل وزارة الطيران المدني السابق لشئون المطارات ومدير عام الشركة الدولية للمطارات سابقا، وأحد من تولوا إنشاء مطار العلمين الدولي من خلال ترشحه لرئاسة الشركة الدولية الذي وقع عليها الاختيار لإنشاء المطار عام 2000، وهو مراقب جوي مصري عمل بالخدمة في المراقبة الجوية منذ عام 1964 حتى عام 1994، ثم وكيل وزارة الطيران المدني لشئون المطارات حتى عام 2000، بعد تولى رئاسة الشركة الدولية للمطارات حتى عام 2014.
محمد حمدي عبدالعظيم مدير عام الشركة الدولية للمطارات سابقا مع محررة صدى البلد
وتنقل "حمدي عبدالعظيم"، خلال فترة خدمته بالطيران المدني التي وصلت نحو 42 عاما ، بين مطارات ( الخارجة – المنيا – القاهرة) وأيضا كان من ضمن المراقبين الجويين الذي سافروا إلى ليبيا لنقل الخبرات إلى كوادر المطارات الليبية.
معرض مصر الدولى للطيران والفضاء.. "Egypt Air Show 2024"
ويعد مطار العلمين الدولي، الواقع شمال غرب مصر على بعد 12 كم من منطقه الضبعة، واحدا من المطارات السياحية الواعدة، التي تدعم خطة الدولة المصرية فى تنمية الساحل الشمالى الغربى لمصر حيث يخدم مدينة العلمين الجديدة ومنطقة الساحل الشمالى كما يسهم فى تنشيط الحركة الجوية والسياحية إلى مصر، وتولي القيادة السياسية اهتماما كبيرا بنهضته ليتكامل مع خطة التنمية الشاملة وجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية لمنطقة العلمين الجديدة التى تعد من المشروعات التنموية الكبرى الواعدة في مصر.
ويشهد مطار العلمين خلال الفترة الحالية، زخمًا في الحركة الجوية، ضمن ما تشهده مدينة العلمين الجديدة من استضافتها لأكبر مهرجان ترفيهي سياحي في المنطقة تحت عنوان "العالم علمين"، الذي تستمر فعالياته حتى نهاية موسم الصيف الحالي، ومتوقع أن يستقبل مليون زائر من جميع أنحاء الوطن العربي لحضور العديد من الفعاليات الفنية والرياضية.
وأعلنت القوات الجوية خلال مؤتمر صحفي عالمي الشهر الماضي، عن إنطلاق النسخة الأولى من معرض مصر الدولى للطيران والفضاء "Egypt Air Show 2024" المقرر انعقاده في مايو 2024 بمطار العلمين الدولي بمشاركة 250 دولة، ليكون بمثابة تجمع ضخم لكبرى المؤسسات العاملة في مجالات الدفاع والتسليح وتكنولوجيا الفضاء والطيران في العالم.
ومن المنتظر أن يشتمل المعرض عرضاً مفتوحاً لأحدث الطائرات بمطار العلمين الدولي بالإضافة إلى عروضاً جوية مثيرة مما يؤكد على حرص مصر أن تصبح مركزاً متميزاً في مجال الطيران وقوة دافعة لتقدم صناعة الطيران وتكنولوجيا الفضاء.