توقعت مؤسسة "ايرنست يونج" العالمية للتقييم والتنبؤ الاقتصادى ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى لقارة أفريقيا بواقع 4 فى المائة بنهاية العام الجارى وبنسبة 4.6 فى المائة بنهاية العام 2014، مشيرة إلى تحسن مقبولية أفريقيا أمام المستثمرين الدوليين بصورة كبيرة خلال الأعوام الخمسة الماضية، كما أن نصيب أفريقيا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى العالم كان 3.2 فى المائة خلال عام 2007 وارتفع إلى 5.6 فى المائة بنهاية العام 2012. وأوضحت الدراسة، التى تعد الثالثة حول الجاذبية الاستثمارية لأفريقيا التى تصدرها "ايرنست يونج"، أن استطلاع آراء 500 من مديرى الاستثمار فى المؤسسات الدولية الكبرى العاملة فى أفريقيا أظهر استعدادهم لضخ مزيد من الاستثمارات فى القارة نظرا للتحسن الطارئ على بيئة العمل الاقتصادى فيها ورخص الأيدى العاملة، وهو ما تجلى بصورة كبيرة خلال الأعوام الخمسة الماضية. وكشفت الدراسة، التى أعدها خبراء مؤسسسة "ايرنست" فى جوهانسبيرج بجنوب أفريقيا عن الجاذبية الاستثمارية للقارة السمراء، أنه برغم تراجع عدد المشروعات الاستثمارية الجديدة التى أقيمت على أرض أفريقيا فيما بين العامين 2011 و2012 من 867 إلى 764 مشروعا، فإن عدد تلك المشروعات لا يزال له اعتباره بالنظر إلى حالة التراجع فى منحنى الاستثمارات الدولية بشكل عام بعد وصول هذا المنحنى إلى ذروة ارتفاعه فى العام 2008 ليبدأ بعد ذلك مشوار تراجعه. ويرى خبراء "ايرنست يونج" الذين عكفوا على إعداد الدراسة أن تنامى الحالة الديمقراطية فى أفريقيا وتحسن الأحوال المعيشية لقطاعات كبيرة من سكان القارة وارتفاع مستوى الصحة العامة أوجد فى حد ذاته بيئة جاذبة للمستثمرين الأجانب فى القارة التى يتحدث أهلها الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية والعربية مشكلين بذلك ميزة كبيرة للتوظف فى المؤسسات المتعددة الجنسية إذا أقدمت على الاستثمار فى القارة. وبرغم الوضع الاقتصادى العالمى المتأزم وما تشهده اقتصاديات بعض البلدان الغربية والشرق أوسطية من انكماش، تضاعفت القدرة الاقتصادية للقارة الأفريقية ثلاث مرات بنهاية العام 2012 مقارنة بما كانت عليه فى العام 2000 وباتت دول أفريقية عديدة فى مصاف بلدان العالم الأسرع نموا. وأجمع 86 فى المائة من مدراء المشروعات الخمسمائة الكبرى العاملة فى أفريقيا والذين استطلعت الدراسة آراءهم فى مستقبل أفريقيا الاقتصادى على أنه سيكون مستقبلا واعدا وآخذا فى التحسن خلال الأعوام المقبلة، وأبدوا قناعة بأن أفريقيا ستكون فى غضون أعوام قليلة أفضل موضع للاستثمارات فى العالم بعد آسيا فى وقت تتراجع فيه معدلات النمو الاستثمارى المباشر فى الغرب بنسبة 20 فى المائة باستثمار بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا التى سجلت الاستثمارات المباشرة القادمة إليها ارتفاعا نسبته 9 فى المائة فى المتوسط خلال الأعوام الخمسة المنصرمة. وخلال الفترة من 2007 وحتى أواخر العام الماضى 2012، شهدت أفريقيا نموا نسبته 21 فى المائة فى معدل الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة إليها من بلدان العالم ذات الاقتصاد الآخذ فى النمو مثل نمور آسيا والأرجنتين والبرازيل وتركيا والصين وفى المقابل لم تتعد نسبة نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة لأفريقيا من بلدان العالم المتقدم نسبة 8 فى المائة خلال نفس الفترة. ورصدت الدراسة الهند والإمارات العربية والمتحدة والصين والسعودية وكوريا الجنوبية على رأس قائمة بلدان العالم ذات الاقتصاديات البازغة العشرين الأعلى استثمارا فى أفريقيا فى الفترة من 2007 وحتى نهاية 2012، حيث أقامت الهند 237 مشروعا استثماريا وتلتها الإمارات العربية المتحدة 210 مشروعات والصين 152 مشروعا وكوريا الجنوبية 57 مشروعا والسعودية 56 مشروعا. أما على صعيد الاستثمارات الأفريقية البينية فى داخل القارة، فقد شهدت نموا نسبته 33 فى المائة خلال الفترة من 2007 وحتى 2012، بل إن إقليم أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى استطاع وحده تحقيق زيادة نسبتها 21 فى المائة خلال ذات الفترة من إجماليات الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة إليه. وتصدرت جنوب أفريقيا قائمة أكبر بلدان القارة استثمارا فيها من خلال 235 مشروعا وتلتها كينيا "113 مشروعا"، ثم نيجيريا "78 مشروعا" على مستوى القارة، كما بدأت انجولا وضع قدمها على أولى درجات المستثمرين الأفارقة الكبار بعد اكتشاف الثروة النفطية فى أراضيها بكثافة قبل عدة أعوام، ومن خلال صندوق الثروة السيادية الوطنى البالغ رأسماله خمسة مليارات دولار أمريكى أعلنت أنجولا عن نية توظيفها فى مشروعات استثمارية فى داخل أفريقيا. وشددت دراسة مؤسسة "ايرنست يونج" على أهمية قطاع البنية التحتية وضرورة دعم استثماراته فى أفريقيا كقطاع قائد للتنمية الاقتصادية الشاملة فى القارة، ورصد التقرير وجود 800 مشروع بنية أساسية يجرى العمل فيها على الأرض الأفريقية حاليا فى جميع القطاعات بإجمالى استثمارات قدرها 700 مليار دولار أمريكى وأن نسبة مشروعات الكهرباء إلى العدد الكلى من تلك المشروعات يصل إلى 37 فى المائة، فيما بلغت نسبة مشروعات النقل 41 فى المائة. وأكدت دراسة "ايرنست يونج" على أهمية مضى بلدان أفريقيا قدما فى سياسة تنويع مصادر القوة الاقتصادية لتشمل قطاعات الخدمات والتصنيع وما يتصل به من أنشطة مثل تجهيز الصادرات والتغليف والتعبئة والشحن والتسويق والخدمات المصرفية والكف عن الاعتماد على الصناعات الاستخراجية كمصدر أوحد وأساسى للقوة الاقتصادية لبلدان القارة. وفى العام 2007، اجتذبت الصناعات الاستخراجية فى أفريقيا نسبة 8 فى المائة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة إلى القارة والتهمت الصناعات الاستخراجية فى أفريقيا نسبة 26 فى المائة من إجمالى رءوس الأموال الموظفة فى أفريقيا، وهما النسبتان اللتان تقزمتا بنهاية العام 2012 الى 2 فى المائة للاستثمارات المباشرة و12 فى المائة لرءوس الأموال الموظفة على التوالى. وفى مقابل ذلك، شهد العام 2012 ارتفاعا فى نصيب قطاع الخدمات من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التى دخلت إلى أفريقيا إلى 70 فى المائة منها مقابل نسبة لم تكن تتعدى 45 فى المائة فى العام 2007، أما الأنشطة ذت الصلة بعمليات التصنيع فقد اجتذبت نسبة 43 فى المائة من حجم رءوس الأموال المستثمرة فى أفريقيا عام 2012 مقابل نسبة لم تكن تتعدى 22 فى المائة فى عام 2007. كما أبدى مدراء الأعمال فى المؤسسات العالمية الخمسمائة الكبرى العاملة فى افريقيا ممن تم استطلاع رأيهم ثقة فى أن قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبرمجيات ستنمو جاذبيتها الاستثمارية فى الفترة المقبلة بحسب مؤشرات هذا النمو من 8 فى المائة إلى 14 فى المائة فيما بين عامى 2007 و2012، وكذلك قطاعات الخدمات المالية التى نمت جاذبيتها الاستثمارية من 6 فى المائة إلى 13 فى المائة خلال نفس عامى المقارنة واستثمارات التعليم التى تنمو فى أفريقيا بنسبة 10 فى المائة سنويا.