أصبح هناك 3 ملفات تحكم مسار الحرب الأوكرانية الروسية خلال عام 2023، وذلك في ضوء ما كشفته أحداث الحرب وما خلفها من تحركات سياسية، ومخططات عسكرية، من جميع الأطراف، أول تلك الملفات، هو تسليح القوات الأوكرانية، وهو الملف الذي يحظى باهتمام واسع داخل أروقة السياسيين، ويظهر صداه في تقارير وسائل الإعلام الدولية، وأحدث نقاش حول الأمر هو قضية الدبابة الألمانية. ثاني الملفات التي ستؤثر في مسار الحرب خلال العام الجديد، هو دخول دولة جديدة على خط الحرب بشكل مباشر، وبمعنى أوضح اتساع دائرة الاشتباك المباشر لتتخطى دولتي روسيا، وأوكرانيا، وهذا الخط الأحمر الذي يخشاه الجميع، عاد للسطح، مع التكهنات حول مشاركة بيلاروسيا في الحرب بشكل مباشر، فيما يأتي الملف الثالث الذي يعكس الواقع على أرض المعركة، وهو خطط الهجوم التي يبشر بها كلا الطرفين في الربيع القادم. حرب بلا مشاركة .. غموض حول دخول بيلاروسيا للحرب بدأت موسكو ومينسك أولى تدريبات طيران عسكرية مشتركة لهذا العام في بيلاروسيا، ومن المقرر أن تستمر حتى الأول من فبراير المقبل، وتشمل جميع المطارات ومناطق تدريب القوات الجوية وأنظمة الدفاع الجوي، في الجمهورية السوفياتية السابقة، والحليفة لموسكو، ومن المعروف أن بيلاروسيا منحت الجيش الروسي إمكانية استخدام أراضيها وبنيتها التحتية العسكرية، لذلك تعتبرها كييف والدول الغربية طرفا في النزاع، وهو ما تنفيه مينسك بشدة، وتؤكد أنها لم ترسل قواتها إلى ميادين المعارك في أوكرانيا. ومع ذلك، تراقب الدول الغربية عن كثب الأنشطة العسكرية المشتركة لروسياوبيلاروسيا، خصوصا في ضوء الاتفاق الذي وُقع العام الماضي بين موسكو ومينسك بإنشاء فضاء دفاعي واحد، والذي يفترض الغرب أن هذا الفضاء الدفاعي الواحد يمكن، بالحد الأدنى نظريا، أن يتحول إلى سلاح نووي واحد، إلى جانب ذلك، لا يمكن وصف الأوضاع على الحدود بين بيلاروسياوأوكرانيا بالهادئة. فالاتهامات المتبادلة بين البلدين تبرز بين حين وآخر بإطلاق النار باتجاه الحدود، وانتهاك إشارات الترسيم. ويطرح تصاعد التعاون العسكري وتكرار المناورات العسكرية المشتركة بين روسياوبيلاروسيا الكثير من علامات الاستفهام، خصوصا حول نوعية المناورات، وتوقيتها، وخطط التوسع في الحرب التي تنوى موسكو البدء فيها مع بداية الصيف المقبل، وهنا يتزايد احتمال أن تتحول مينسك لتصبح طرفا بالحرب. روسياوبيلاروسيا تناور .. وواشنطن تترقب ومع تزايد الحديث حول مشاركة بيلاروسيا في الحرب، اتبعت كلا من روسياوبيلاروسيا، سياسة المناورة، والحديث عن المشاركة ليس مطروح الآن، ولكن إمكانية المشاركة واردة في ضوء شروط، تضمنت التعدي على الأمن القومي البلاروسي، أو هجوم عسكري من أوكرانيا عليها، وغيرها من الشروط التي يمكن تدبيرها في أي وقت، ولكن كلا الطرفين تحدث بشكل قطعي أن المناورات الحالية هي وقائية ولا ترتبط بالحرب الحالية بشكل مباشر. فيما علق منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، على ما أثير بشأن مشاركة بيلاروسيا المحتملة في الهجوم العسكري الذي تشنه روسيا على أوكرانيا، وقال كيربي في تصريحات للإعلام الأمريكي، إن واشنطن "لم تشهد أي تحركات من بيلاروسيا تدل على دخول محتمل في الحرب مع أوكرانيا"، وأضاف المسؤول الأميركي البارز: "نراقب التدريبات العسكرية الروسية البيلاروسية، ومن غير الواضح حتى الآن الهدف منها". تلك الدبابات داخل أوكرانيا الملف الثاني الذي يحدد مصير الحرب داخل أوكرانيا، هو ملف تسليح الجيش الأوكراني، ولا حديث بهذا الملف، إلا أن الدعم البري عبر الدبابات والمدرعات والمركبات القتالية، وبالنظر إلى أنواع الأسلحة التي قدمها الغرب إلى أوكرانيا في هذا الصدد نجد أن الغرب قدم لأوكرانيا حتى الآن، شملت مركبات ومعدات من عدة دول أوروبية، وأمريكية. فمن الأنواع التي دخلت بالفعل أوكرانيا، نجد من الولاياتالمتحدةالأمريكية، مركبة برادلي القتالية، ونظام راجمة الصورايخ عالية الحركة هايمرس M142، وهي مركبة ذات عجلات يمكنها إطلاق صواريخ متعددة، وناقلات جنود مدرعة من طراز سترايكر، مركبة مدرعة بعجلات يمكن تهيئتها للتعامل مع أي شيء من حمل المشاة إلى عمليات الإجلاء الطبي، بالإضافة إلى مئات المركبات المقاومة للألغام ومحمية من الكمائن وللمركبات متعددة المهام ذات قدرة تنقل عالية. من أوروبا نجد مدفعية هاوتزر الألمانية، ذاتية الدفع، ومركبة مشاة ماردر Marder القتالية، فيما أرسلت بريطانيا، دبابة تشالنجر 2 القتالية، ومدفعية من طراز AS90 ذاتية الدفع ومركبة حاملة أفراد مصفحة بولدوغ، وعدد آخر من المركبات الفرنسية ودبابة T-72 سوفييتية الصنع التي لا تزال جيوش أوروبا الشرقية وجيوش أخرى حول العالم تستخدمها لماذا الإصرار على الدبابة الألمانية؟ ورغم ما أرسله الغرب، إلا أن أوكرانيا تلح على الدول الغربية وتتوسل إليها لتزويدها الدبابة الألمانية ليوبارد، فبعد نحو 11 شهرا من المعارك بين روسياوأوكرانيا تراجع عدد الدبابات التي يستخدمها الجيش الأوكراني في معاركه بسبب خسارة العديد منها في المعارك وخروج العديد منها من الخدمة بسبب انعدام قطع الغيار الضرورية كون كل أسلحة أوكرانيا قبل الغزو الروسي هي من مخلفات المرحلة السوفييتية وروسيا هي المصدر الوحيد لقطع الغيار. وقبل اندلاع الحرب كانت أوكرانيا تملك نحو 900 دبابة من طرازات المرحلة السوفييتية مثل تي 72 وتي 64 وتبرعت لها بعض دول الكتلة الشرقية السابقة التي انضمت إلى حلف شمال الأطلسي بنحو 200 دبابة من طراز تي 72 تعود لمرحلة حلف وارسو الذي كان يضم دول أروبا الشرقية، فيما دخلت روسيا الحرب بنحو 3 آلاف دبابة من الطرازات الحديثة وخسرت المئات منها في بداية الحرب بفضل الأسلحة المضادة للدبابات التي قدمتها الدول الغربيةلأوكرانيا. وتعتبر دبابة ليوبارد الخيار المثالي بالنسبة لأوكرانيا كونها الأكثر استخداما وانتشارا بين الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو، حيث يوجد منها حاليا أكثر من 2300 دبابة من مختلف الطرازات قيد الاستخدام لدى جيوش هذه الدول ويمكن بسهولة نقلها براً إلى أوكرانيا، فهذه الدبابة تستخدم ذخائر حلف شمال الأطلسي الناتو ويمكن الحصول على هذه الذخائر بكميات مناسبة من أي من دول الحلف إضافة إلى امتلاك هذه الدول لكميات كبيرة من هذه الذخائر والدبابة الأمريكية ابرامز ام 1 تستخدم نفس ذخيرة ليوبارد 2 وبالتالي يمكن للولايات المتحدة تأمين حاجة هذه الدبابات من الذخائر. مخططات الحرب على الأرض تمهد إلى .. حروب الربيع وبالنظر إلى ما يحدث بالملفين الأولين، نجد أن كافة التفاصيل تمهد لحرب أوسع منتظرة داخل أوكرانيا، وهو ما كشفه كلا الجانبين من استعدادات لحروب الخريف، فكلا الدولتين، تحدثت أن هناك معركة حاسمة وشاملة بين الطرفين مع قدوم ربيع 2023، وحتى المعارك على الأرض الآن، هي محاولة كل جيش التمركز في الوضعية الأنس لتلك المعركة. وعن خطط روسيا للحرب القادمة، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي رزنيكوف إن الأدلة تتزايد بشأن تخطيط روسيا، لشن هجوم جديد واسع النطاق، حيث تكهن بأن يحدث الهجوم في فبراير، بعد انتهاء تدريبات عشرات الآلاف من الأشخاص جندتهم روسيا في أكتوبر لمساندتها في حرب أوكرانيا، حيث أن الجزء الثاني من التعبئة يشمل 150 ألف شخص تقريبا، يحتاجون ما لا يقل عن ثلاثة أشهر للتحضير، وهذا يعني أنهم يحاولون بدء الموجة التالية من الهجوم على الأرجح في فبراير، مثل العام الماضي. وفي مقابل الحديث عن هجوم روسي واسع جديد، قال رئيس الاستخبارات الأوكرانية كيريل بودانوف إن بلاده تخطط لشن هجوم كبير في الربيع المقبل على مواقع تمركز القوات الروسية، مبينا أن القتال في مارس سيكون "الأشد ضراوة"، وأضاف في تصريحات لشبكة (ABC) الأميركية أن الهجوم سيشمل كامل المواقع الروسية؛ بدءا من شبه جزيرة القرم -التي ضمتها روسيا عام 2014- وانتهاء بإقليم دونباس الذي يقع شرقي أوكرانيا وتسيطر القوات الروسية على أجزاء منه.