يحتفل اليوم الكاتب والشاعر الكبير أدونيس بعيد ميلاده ال92، والذي يعد واحدًا من أهم الشعراء ونقاد الأدب في العالم. استطاع أدونيس أن يدخل منهجا جديدا للشعر العربي يعتمد على التجريب واللغة منذ ديوانه "أغاني مهيار الدمشقي"، كما حصل على جوائز عالمية عديدة في الأدب. اسمه الحقيقي هو علي أحمد سعيد اسبر وقد اختار لنفسه اسم أدونيس تيمنا بأسطورة أدونيس الفينيقية. درس في جامعة بيروتاللبنانية حيث حصل هناك على درجة الدكتوراه في الآداب. وقد بدأ أدونيس بكتابة الشعر بعمر صغير وقدم مؤلفات وقصائد وترجمات جعلت منه اسمًا لامعًا بين الشعراء العرب. ولد أدونيس في 1 يناير عام 1930، في قرية قصابين بمدينة جبلة في سوريا، وقد بدأ الدراسة على يد والده الذي علمه القراءة وساعده على حفظ الشعر القديم. وعندما بلغ أدونيس الثالثة عشر من عمره ألقى قصيدته الوطنية الأولى أمام الرئيس شكرى القوتلى، الذى أعجب به وبأدائه كثيرًا، فقدمت له الدولة منحة للدراسة فى المدرسة العلمانية الفرنسية فى طرطوس. وانتقل أدونيس إلى لبنان في عام 1956 حيث التقى هناك بالشاعر يوسف الخال وتعاونا على إطلاق مجلة شعر في بداية العام التالي. وخلال ستينيات القرن الماضى أصدر ديوان الشعر العربى المؤلف من ثلاثة أجزاء، كما قدم عدة ترجمات فى بدايات السبعينيات منها حكاية فاسكو والسيد بويل وسهرة الأمثال، وفى عام 1969 بدأ بإصدار مجلة مواقف والتى استمرت حتى عام 1994، خلال هذه الفترة كتب أدونيس العديد من القصائد التي تركت أثر كبير في الشعر المعاصر . وقد ظل الشاعر أدونيس يقدمع إبداعته فى مطلع القرن الحادى والعشرين، إذ أصدر العديد من الكتب الشعرية منها كتاب "أول الجسد آخر البحر" وكتاب "تنبأ أيها الأعمى". جرأة أخلاقية خلال عام 2003 وبعد غياب دام خمسين عام عن وطنه سوريا عاد أدونيس إلى أرض الوطن وألقى قصيدة تحولات الصقر في أمسية شعرية حضرها جمهور كبير بقصر العظم في دمشق، وقد أثارت مواقفه السياسية الجدل في العالم العربي بالإضافة إلى قضاياه الفكرية والأدبية التي تبناها. وقد حصل أدونيس على العديد من الجوائز الرفيعة التي قدمت له بفضل ما تركه من أثر كبير في الساحة الثقافية العربية، إلا إنه في سنة 2016 حصل أدونيس على جائزة إيريش ماريا ريمارك للسلام، إلا أن الأوساط السورية المعارضة في تلك الفترة عبرت عن استياءها من ذلك ووجهت نقداً صريحاً للجنة التحكيم، وهو الأمر الذي لم يدهش أدونيس، وهو أن يمنحه أعضاء اللجنة تلك الجائزة الرفيعة يقول خلال حديث له مع دويتشه فيله: "لم أكن مندهشاً، فأنا أعتقد أن أعضاء لجنة التحكيم هم مفكرون كبار، والمفكرون الفعليون يعرفون موقفي، وهم صوتوا بالإجماع لصالحي. الذي أدهشني هو جرأة أعضاء اللجنة، فقد برهنوا على جرأة أخلاقية تثير إعجابي. أما بخصوص المعارضة فهناك العديد من المجموعات المعارضة، وأنا دعمت المعارضة الداخلية التي وقفت ضد العنف ويقودها هيثم مناع، لقد تعاونت معهم وأبقى إلى جانبهم. أنا كنت وما أزال ضد المعارضة في الخارج، فهي عنيفة وتقوم على نهج السلطة الدينية، وهي تتعاون أيضاً مع الأمريكيين وكذلك مع الأوروبيين. الولاياتالمتحدة لا يمكن أن تكون إلى جانب الحرية وتحرر الشعوب ولم تكن يوماً إلى جانب الديمقراطيات، فهي متحالفة مع أسوأ الأنظمة في العالم، وهناك أيضاً بعض الدول الأوروبية التي كانت سابقاً استعمارية وإمبريالية وتتصرف نوعاً ما من هذا المنطلق حتى يومنا هذا. إنني كنت وسأبقى ضد هذه المعارضة". عقيدة شخصية وقد انتقد أدونيس كذلك خروج المتظاهرين في سوريا من دور العبادة، فقد نادى دائما بفصل الدين عن الدولة "إذا كانت أوروبا قد تمكنت من فصل الدين عن الدولة، فلماذا لا يتمكن العرب من فعل الشيء نفسه وهم الذين كانوا في التاريخ الباكر متطورين وأحراراً؟. في تلك الأوقات كان الدين يجسد الحلول في شتى المجالات، أما اليوم فهو يمثل بالأحرى المشكلة. الإسلام هو دين شمولي، إنه يفرض حدودا معينة على الحياة الشخصية والخاصة. أما إذا بقي الإسلام عقيدة شخصية ولا يلزم إلا الفرد بحد ذاته، فلا مانع لدي، أنا من مؤيدي تمتع الفرد بالحرية. لقد كنت وسأبقى ضد الإسلام المؤسساتي الذي يفرض بالقوة على المجتمع بأسره". يرى أدونيس عليهم ألا يقفون أمام أمرين أحلاهما مُرّ: وهما إما النظام الديكتاتوري الحاكم أو الإسلاميي يقول: "يجب عدم القبول بأي من الاثنين ويجب إظهار الاستعداد للمضي في المقاومة والتضحية. مشكلة قائمة منذ أربعة عشر قرناً لا يمكن أن تحل في غضون أسبوع أو سنة ويجب أن يستمر الكفاح ضد الشر وضد الدين، فهذه الأنظمة هي نتاج نظام ديني شمولي. أنا تعاملت في كل حياتي مع نظام المعارضة الداخلي، الذي يطالب بالعلمانية والحريات الديمقراطية وبفصل الدين عن الدولة، لأنه يستحيل قيام ديمقراطية أو مجتمع مدني يلزم أفراده بنفس الواجبات، لكن لا يمنحهم نفس الحقوق. فالديمقراطية تبدأ بفصل الدين عن الدولة. فليعلنوا في خطاب جديد هذه الأمور وكلنا نسير في هذا الاتجاه، لكن مادام الخطاب غير موجود، فالكلام العام وغير الدقيق لا يفضي إلى أي نتيجة حقيقية. مسألة متغيرة وحول إمكانية محاسبة الأديب أو الشاعر سياسيا، أجاب: "أنا لست سياسيا، أنا أنظر إلى السياسة بوصفها جزءا من الثقافة. لكن هم كما يبدو ينظرون بنظرة معاكسة. إذ يعتبرون الثقافة جزءا أساسيا من السياسة وأنا ضد ذلك تماما. السياسة مسألة متغيرة، لا علاقة لها بالحقيقة، على عكس الثقافة والفكر. وما ليس له علاقة بالحقيقة فهو لايعبر عني. ولم أكن يوما ما سياسيا وأنا ضد الأدلجة".