«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حجازى يسترجع الذاكرة : أحببت عبد الناصر رغم الهزيمة .. وندمت على اتهام السادات بالخيانة
نشر في المشهد يوم 05 - 10 - 2011

لم ألوث قلمى بالوقوف إلى جانب رموز " الوطنى المنحل " .. وطالبت مبارك بالديمقراطية فسخر منى
الصحافة أنقذتنى من الجوع بعد حرمانى من العمل فى مجال التدريس
المسئول فى الأنظمة السابقة " حرفى " وليس سياسيا .. كمن يستأجر "سباكا " أو "سمكريا"
غضبتى فى احتفالية السفارة العراقية عام 1980 أذبت الجليد بينى وبين السادات
أنظمة الحكم استخدمت الجماعات الإسلامية " فزاعة " .. ولايحق لأحد احتكار الحديث بإسم الإسلام
يخطئ من يعتقد أن ثورة يناير كانت بلا مقدمات فالحفر كان هادئا وانتهى بسقوط رأس النظام
الإخوان لاعلاقة لهم بالديمقراطية ويجب منعهم من الإنفراد بوضع الدستور
لا أستبعد فوز أدونيس بجائزة نوبل للآداب لأن الغرب لايعرف غيره من الشعراء العرب
القاهرة أ ش أ
أحمد عبد المعطي حجازي شاعر وناقد وأديب له صولاته وجولاته فى عالم الكتابة والأدب .. ولد عام1935 بمحافظة المنوفية وشارك في العديد من المؤتمرات الأدبية في كثير من العواصم العربية .
ويعد حجازى من رواد حركة التجديد في الشعر العربي المعاصروترجمت مختارات من قصائده إلى الفرنسية والإنجليزية والروسية والإسبانية والإيطالية والألمانية.
حصل على جائزة كفافيس اليونانية المصرية عام 1989، جائزة الشعر الأفريقى، عام 1996 وجائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1997.
حفظ القرآن الكريم، وتدرج في مراحل التعليم حتى حصل على دبلوم دار المعلمين عام 1955م، ثم حصل على ليسانس علم الاجتماع من جامعة السوربون الجديدة عام 1978م، وشهادة الدراسات المعمقة في الأدب العربي عام 1979م.
عمل مدير تحرير مجلة صباح الخيروسافر إلى فرنسا حيث عمل أستاذاً للشعر العربي بالجامعات الفرنسية. عاد إلى القاهرة ليعمل بتحرير جريدة الأهرام. ويرأس تحرير مجلة إبداع التي تصدر عن الهيئة المصرية للكتاب.
عضو نقابة الصحفيين المصرية ولجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان.
أصدر عددا من الدواوين الشعرية منها مدينة بلا قلب 1959. وأوراس 1959. ولم يبق إلا الاعتراف 1965.ومرثية العمر الجميل 1972. وكائنات مملكة الليل 1978و أشجار الاسمنت 1989 ودار العودة1983
ومن مؤلفاته محمد وهؤلاء.وإبراهيم ناجي وخليل مطران.وحديث الثلاثاء والشعر رفيقي ومدن الآخرين.وعروبة مصر.وأحفاد شوقي.
عاد إلى الوراء واسترجع الذاكرة ومزج الحاضر بالماضى كاشفا عن أسرار عاشها ووقائع كان بطلها وسنوات قضاها بين اغتراب النفس ولوعة الروح وأمل فى مستقبل يحمل بين ضلوعه شمسا تضئ الطريق وتفتح آفاقا لمستقبل مشرق .
الإعتقال هو الثمن
قال الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي "لا أدعى أننى كنت بطلا فى ظل النظام السابق ، ولكنى تصرفت كمثقف يحترم نفسه ويبتعد عن الشبهات ".
وردا على سؤال حول عدم اتخاذه موقفا حازما وواضحا من النظام السابق تساءل حجازي فى المقابل عما إذا كانت أية مقالة حازمة له حينئذ يمكن أن تجد طريقها للنشر فى الجريدة التى يكتب بها ، أم أن المطلوب عندئذ كان أن يكف عن الكتابة.
واستنكر أن يكتب مقاله لجريدة ما ويتقاضى راتبه من جريدة أخرى ، معتبرا أنه كاتب فحسب وليس زعيما سياسيا ، لابد وأن يدخل فى قطيعة مع النظام أو يعتقل أويجلس فى بيته دون عمل.
وأضاف الشاعر أن النظام السابق لم يكن يسمح باتخاذ مواقف حازمة على النحو الذى يتصوره البعض ، وإلا فالثمن هو الاعتقال أو المنع من الكتابة فى الصحيفة التى يكتب بها. ومع ذلك فقد اعتبر حجازي أنه فعل ما لم يفعله غيره فى عام 1982، حين شارك فى أول ملتقى ثقافى عربى بمصر بعد القطيعة العربية ، وطالب الرئيس السابق حسنى مبارك - أمام حشد من المثقفين المصريين والعرب- بضرورة عودة الديمقراطية، ولو على النحو الذى كانت عليه قبل عام 1952. و تابع قائلا " قلت لمبارك حينئذ أن مصر لم تهزم عام 1967 لقلة السلاح أو لقلة الرجال، ولكن لقلة الديمقراطية، ولذلك نحن فى حاجة للديمقراطية"، فرد الرئيس السابق معتبرا أنه لا توجد ديمقراطية أكثر مما يفعله.
وأشار حجازي إلى أنه دخل فى نوع من السجال بهذا الملتقى الثقافى مع الرئيس السابق الذى سخر من مطلبه، معتبرا أنه يريد ديمقراطية مثل ديمقراطية فرنسا، فرد عليه قائلا: "لا يا سيادة الرئيس، أنا اتكلم عن ديمقراطية مصر، عن ديمقراطية كالتى كانت موجودة فى مصر قبل عام 1952".
وأكد أن الحوار كان مفاجأة للجميع، بمن فيهم الضيوف من المثقفين العرب، لأن أحدا فيهم لا يجرؤ أن يتحدث بهذه الصورة مع الحاكم فى بلده.
وأعاد حجازي للأذهان أنه عندما تعرض الرئيس السابق حسنى مبارك لمحاولة اغتيال فى أديس أبابا، وقررت وزارة الثقافة إقامة احتفالية لتهنئته بسلامة العودة، طلبمنه المثقفون من الحضور أن يتحدث باسمهم جميعا، فوقف على المنبر وقال لمبارك: "المثقفون المصريون معك بشرط الديمقراطية"؛ وهو الأمر الذى أثار أيضا دهشةالحضور.
ووصف حجازي الحزب الوطنى المنحل بأنه "حزب الفساد".. مشيرا إلى أنه لم يلوث قلمه بالوقوف إلى جانب رموز هذا الحزب مع أنهم كانوا يتمنون أن يفعل ذلك، أو أن أكد الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي أن الصحافة بقدر عطلت مسيرته فى الشعر ، وتسببت فى تأخر إصدار ديوانه الأخير "طلل الوقت" لفترة طويلة ، إلا أنها أنقذته من البطالة والجوع ، بعد أن حالت السلطة السياسية دون عمله فى مجال التدريس عقب تخرجه من معهد المعلمين.
وقال حجازي إنه بعد أن عاد إلى مصر ، بعد اقامة طويلة فى فرنسا، أصبحت الكتابة الصحفية بالنسبة له ضرورية مشيرا إلى أنه فى عام 1955- أى نفس السنة التى تخرج فيها من مدرسة المعلمين- نشرت أولى قصائده بمجلة الرسالة الجديدة الشهرية؛ وهو ما كان سبيلا لنشر قصائد أخرى فى العام ذاته.
احتراف الصحافة
وأوضح حجازي أنه فى مستهل احترافه العمل الصحفى بمجلة روز اليوسف الأسبوعية، كان أكثر خصوبة فى كتابة الشعر، وأنه كان لا يكتب سوى عمود بالمجلة، إلى أن شغل فيها منصب رئيس القسم الثقافى.
وقال إنه بعد رحيله إلى فرنسا- فى منتصف السبعينيات- عمل فى الجامعة، ولم يكن بحاجة للكتابة الصحفية، وبالتالي مضى فى إبداع الشعر إلى جانب عمله الأكاديمي، ليكمل ديوانه الرابع، ونظم فى باريس كل قصائد ديوان "أشجار الأسمنت".
وأوضح أنه بعد عودته النهائية من فرنسا، وجد أنه لا مناص من الكتابة الصحفية المنتظمة، بعد عمله فى صحيفة الأهرام. وفيما أبدى حجازي ارتياحه لأنه كتب مقالاته على صفحات الأهرام- التى كان يكتب فيها من بقامة توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ولويس عوض وزكى نجيب محمود وعبد الرحمن الشرقاوى ويوسف إدريس وغيرهم من القمم الثقافية، فإنه لم يخف أيضا شعورا بالأسف لأن أعباء الكتابة الصحفية المنتظمة كانت على حساب إنتاجه .
وانتقد الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي بشدة ظاهرة غياب المسؤولين أصحاب الرؤى فى مصر فى ظل النظام السابق، والاستعانة بالمسؤولين الحرفيين أو التكنوقراط، الذين يفتقرون للرؤى السياسية، مقابل تغييب المثقفين فى السجون والمعتقلات.
و قال حجازي إن المسؤول فى ظل الأنظمة السابقة منذ عام 1952 هو مجرد شخص حرفى وليس سياسيا ، ولا يوجد منهم من يدافع عن وجهة نظر أو خطة ، بالضبط كما لو أنك استأجرت "سباكا أو سمكريا".واعتبر أن النظام الاستبدادى يتحمل مسؤولية هذه الظاهرة المحزنة ، لأن المثقفين الحقيقيين كانوا فى المعتقلات ، مؤكدا أن معظم المثقفين المصريين دفعوا الثمن منذ عام 1952 وحتى سقوط النظام السابق.
القصائد الأولى
واعترف الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي بأن قراره السابق بالاحجام عن نشر قصائده الأولى كشاعر كان قرارا فاسدا مشيرا إلى إنه لم ينشر من مجموع قصائده الأولى سوى قصائد أقل فى عددها من أصابع اليد الواحدة ، ومنها " بكاء الأبد" و"عشرون عاما " التى نظمها عندما بلغ العشرين عاما ، مضيفا أنه كان قرارا فاسدا فى نظرى الآن ، لأنه كان لابد أن أنشر المجموعة الأولى.
و عن أسباب امتناعه من قبل عن نشر قصائده الأولى، أوضح حجازي أن بعض هذه القصائد كانت فى اعتقاده رومانتكية أكثر من اللازم، وفى ذلك الوقت كانت هناك حملة شديدة على الرومانتيكية، الأمر الذى حدا به للتنكر لهذه القصائد الأولى والإحجام عن وضعها فى ديوانه الأول.
وعن إمكانية نشر هذه القصائد الأولى الآن ، أعرب حجازي عن شعوره بالأسى لضياعها.. مشيرا إلى أنه كان قد سلمها لصديقه الناقد الراحل رجاء النقاش ليكتب عنها ، غير أن ظروفهما معا فى الحياة خارج مصر حالت دون ذلك وعندما استعادها فى أواسط الثمانينيات وضعها فى بيته، ثم عاد إلى باريس، ليخفق بعد استقراره مجددا فى مصر فى الوصول لهذه المجموعة من قصائده الأولى.
وأردف بأسى : " ما الذى حدث حتى تضيع هذه المجموعة؟..لعلها موجودة تحت الركام ، أو مكدسة فى مكان ما ؛ وربما أكون قد تخلصت منها ضمن أشياء كثيرة".
هزيمة يونيو 1967
واعتبر الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي أن هزيمة الخامس من يونيو 1967 كانت بمثابة الزلزال الذى غير الكثير من جوانب رؤيته لنظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعزز إدراكه لأهمية الديمقراطية .
وشدد حجازي على أنه كان مثل كثير من المثقفين الآخرين من المخلصين لزعامة جمال عبد الناصر مضيفا: "كنا مؤمنين بأن ما نعيش فيه ثورة ، ولكن كل هذا سقط مع الهزيمة فى 5 يونيو 1967".
وأوضح أنه يتفق الآن مع من يرون أن هذا النظام كان نظاما قمعيا وديكتاتوريا، "وكنا نبرر عدم الديمقراطية بالثورية ، وأن الثورة دائما لها أعداء، وأن الثورة فى مواجهة أعدائها لابد أن تدافع عن نفسها " .
لكنه استدرك قائلا : أن دفاع الثورة عن نفسها كان يبرر عند بعض الناس الطغيان أو الاستبداد، ولم يكن هذا مبررا كافيا بالنسبة لى، لأنى كنت دائما ضد الطغيان، ولكن رفضى للطغيان لم يكن بالدرجة التى أقاوم بها عبد الناصر أو أقاوم نظامه .
واستطرد : "كنت أعتقد أن هذا النظام سوف يصحح نفسه.. عندما يشعر بالأمن، ولكن الأمور لم تسر على هذا النحو، وظل النظام ديكتاتوريا، وظلت الجماهير مبعدة عن السلطة، وظلت السلطة منفردة ومستبدة، وهذا ما أدى فى النهاية إلى الهزيمة الساحقة فى عام 1967. وهذه الهزيمة كانت حدا فاصلا بينى وبين هذا النظام، وإن ظللت أحب عبد الناصر أو أتعاطف معه، ورثيته عندما مات".
وأعاد حجازي للأذهان أنه كان قد نظم قصيدة- فى عام 1965- بمناسبة إعادة انتخاب الرئيس جمال عبد الناصر جاء فيها: "أخاف أن يكون حبى لك خوفا عالقا بى من قرون غابرات/ فمر رئيس الجند أن يخفض سيفه الصقيل/ لأن هذا الشعر يأبى أن يمر تحت ظله الطويل".
و قال حجازي: أظن فى هذا الوقت لم يجرؤ لا كاتب ولا شاعر أن يكتب مثل هذا الكلام، لكني- فى الوقت ذاته- لا أدعى أنى حملت السلاح ضد نظام عبد الناصر، بل كنت أحب جمال عبد الناصر .
وأضاف : " كنا فى حاجة لتلك الشعارات، مثل الوحدة العربية، والاشتراكية. وكنت أعتقد أن هذا النظام يحاول أن يصنع مصر، وهو ما يقود أو يساهم فى حركة التحرر الوطنى فى العالم العربى وأفريقيا وآسيا، وأظن أنه كان إيمانا شائعا، وكنا نسعد ونحن نجد عبد الناصر يتعامل مع زعماء العالم الثالث مثل نهرو فى الهند، وتيتو فى يوجوسلافيا، كما نراه يتعامل مع الزعماء السوفييت. وكل ذلك كان يقنعنا بأن نقف إلى جانب عبدالناصر فى حركة وطنية .
وعقد حجازي مقارنة بين الزعيم الهندى جواهر لال نهرو وعبد الناصر، قائلا : إن نهرو كان يصنع ما يصنعه عبد الناصر من تقدم عن طريق الديمقراطية، ولكن عبد الناصر كان يصنع ما يصنعه عن طريق الاستبداد؛ شأن الزعيم اليوجوسلافى الراحل جوزيف بروز تيتو.
وأشار حجازي إلى أن أعضاء الحزب الشيوعى المصرى تحولوا إلى حلفاء لعبد الناصر، حتى وهم فى السجون.
و تابع :" سعيت دائما أن أبتعد عن العلاقة اللصيقة بالسلطة، فكثير من زملائى أصبحوا رؤساء تحرير ويتمتعون بمزايا كثيرة، كما اعتقلت مرتين، عام 1954 وعام 1965، وهو ما أدى إلى منعى من العمل فى مجال التدريس.
واقعة السفارة العراقية
ولفت الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي إلى أن واقعة غضبته لكرامة مصر والمصريين - فى الاحتفالية التى نظمتها السفارة العراقية بباريس- هي التي أدت لذوبان الجليد بينه وبين الرئيس الراحل أنور السادات، الذى دعاه بسبب هذا الموقف للقائه واحتفى به.
وقال حجازى " إن القصة حدثت فى عام 1980، إبان المقاطعة العربية لمصر، حين دعت منظمة اليونيسكو دول الخليج لتقديم عروض فنية فلكلورية فى باريس. " ودعانى سفير العراق لحضور حفل عشاء بهذه المناسبة ، فإذا بأحد الحضور- وهو سفير خليجى - يتطاول على مصر والمصريين عبر نكتة سخيفة ، فرددت عليه وأنا جالس على مائدتى بحديقة بيت السفير العراقى: "اخرس يا كلب " .
وأضاف " وجدت الجميع وكأن على رؤوسهم الطير ، فوقفت لأقول مجددا فى وجه هذا الشخص المتطاول على مصر : "اخرس يا كلب " ، ثم طلبت معطفى للانسحاب من الحفل غير أن السفير العراقى توسل لى ألا أغادر، وجاء الجميع ليعتذروا لى، ثم أنشدوا النشيد الوطنى المصرى "بلادى بلادى".
وأوضح حجازى أن الكاتب الصحفى الراحل أحمد بهاء الدين تطرق لهذا الموضوع فى عموده بصحيفة الأهرام، ودعاه الرئيس السادات للقائه، رغم الخصومة السياسية الحادة بينهما، ومنعه من الكتابة والتضييق عليه، إلى حد فصله من العمل بمجلة روز اليوسف .
لقاء السادات فى المعمورة
واستعاد حجازي وقائع اللقاء المثير مع الرئيس الراحل أنور السادات باستراحة المعمورة يوم الثالث من سبتمبر عام 1981.. قائلا أنه حظى باستقبال هو والسيدة قرينته أشبه باستقبال الرؤساء وقادة الدول ، واستمر اللقاء أكثر من ساعة ونصف الساعة، وتركز على قضية الديمقراطية، وسط تلميحات برغبة السادات فى إسناد رئاسة الهيئة المصرية للكتاب لحجازي.
وأضاف حجازي : إننى أشعر بالندم لأننى اتهمت السادات بالخيانة بعد مبادرة القدس ومعاهدة كامب ديفيد ، معربا عن اعتقاده بأن الزمن أثبت أن أنور السادات اجتهد قدر الإمكان ، واتخذ قرار الحرب فى السادس من أكتوبر عام 1973، ونجح فى استعادة الأراضى المصرية المحتلة فى ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة الصعوبة .
غير أن حجازي انتقد بشدة تحالف السادات فى مرحلة ما مع جماعات الإسلام السياسى، التى اغتالته بعض عناصرها فى نهاية المطاف . وأعاد للأذهان مواقفه ضد هذه الجماعات حتى فى ظل نظام الحكم السابق، موضحا أنه لا يحق لأحد أن يحتكر الحديث باسم الإسلام.
و لفت حجازي إلى أن أنظمة الحكم المتعاقبة بعد 23 يوليو 1952 استخدمت بدورها جماعات الإسلام السياسى " كفزاعة "، وأن كلا الجانبين كان يستخدم الآخر على حساب الديمقراطية والتعليم والدولة المدنية.
ليلة وفاة صلاح عبد الصبور
واستعاد حجازي بعض وقائع الليلة المشؤومة التى قضى فيها الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور، لافتا إلى أن الرئيس الراحل أنور السادات اتهمه من قبيل المزاح بأنه المسؤول عن قتله.
وقال إنه كان قد عاد لمصر فى أجازة من عمله الأكاديمى بفرنسا- فى أواخر يوليو عام 1981، واتصل بأصدقائه وفى مقدمتهم الشاعر صلاح عبد الصبور، للمشاركة فى حفل بمنزله بمناسبة عيد ميلاد ابنته.
وكان من بين الحضور الشاعر الراحل أمل دنقل والدكتور جابر عصفور، فضلا عن رسام الكاريكاتير بهجت عثمان الذى دخل فى مشادة مع صلاح عبدالصبور ليتعرض الشاعر الكبير لأزمة صحية وتوفى فى الليلة ذاتها.
اختلاف الأنظمة شكلى وليس جوهريا
وأعرب حجازي عن اعتقاده بأن كل الأنظمة التى تعاقبت على حكم مصر- بعد 23 يوليو 1952- هى فى الحقيقة بمثابة نظام واحد فى الجوهرتوالى عليه ثلاثة رؤساء ، لكل منهم له ظروفه وطريقته ومجموعته وسياساته.. موضحا أن الاختلافات تبقى إلى حد كبير شكلية وغير جوهرية.
فالنظام واحد، وقام على حكم الفرد، والبعد الكامل عن أية ديمقراطية حقيقية، فضلا عن تزوير الانتخابات، وتحويل الأحزاب والحياة السياسية إلى نوع من العبث والديكور، مع السيطرة الكاملة على الإعلام والثقافة واحتكار السلطة.
ورأى حجازي أن هناك أخطاء شنيعة هى التى أدت إلى الهزائم المتوالية التى أصبنا بها حتى عبرنا الهزيمة العسكرية، وانتصرنا فى حرب السادس من أكتوبر 1973، ووصلنا إلى سيناء، وأصبحنا فى وضع يجعلنا نتفاوض لاستعادة ما تبقى من أراضينا.
أدونيس وجائزة نوبل
وحول احتمالية فوز أدونيس بجائزة نوبل للآداب قال حجازى : لا أستبعد ذلك ليس لأنه الأجدر بالفوز، ولكن لأن الغرب لا يعرف الشعراء العرب الآخرين بسبب عدم ترجمة أعمالهم إلى لغات أوروبية .
وأشار حجازى إلى إن ترجمة شعر أدونيس جعلت الغرب يعتقد أنه الشاعر العربي الوحيد.. مضيفا أن أدونيس اجتهد خلال أكثر من 35 سنة ، منذ أن انتقل ليعيش في فرنسا وأوروبا عموما، في ترجمة أعماله وأشعاره إلى الفرنسية أولا ومنها إلى لغات أخرى ، وركز جهوده في الترجمة عن طريق علاقات واسعة أنشأها مع الأجانب، سواء مباشرة أو بواسطة العرب الموجودين في أوروبا وأمريكا .
واستطرد حجازي قائلا : إن أدونيس شاعر بلا شك ، لكن المشكلة تكمن في أنه يقدم نفسه - وهناك من يساعده في هذا- على أنه الشاعر العربي الوحيد، ومن هنا فأظن أن فرصته للفوز بالجوائز الأوروبية أو الأجنبية عامة، ومنها جائزة نوبل، هي فرصة قائمة باستمرار.
و عما إذا كان يرى بين الشعراء العرب من هو أحق من أدونيس بالفوز بتلك الجائزة، قال : " كوني شاعرا يجعلني لا أستطيع أن أقول إن هناك من هو أفضل منه، لكن أقول إنه ليس الشاعر الوحيد، وعلى النقاد أن يحددوا من هو الأكثر جدارة"، مضيفا "أعتقد أن شاعرا مثل محمود درويش امتلك القدرة على أن يجدد نفسه باستمرار ، ويجدد لغته ويكتشف مساحات جديدة في الكتابة الشعرية ويصل بنفس القوة للجمهور الواسع، وفي ظني إن هذا لم يتح ليس فقط لأدونيس ولكن لكثيرين.
ولا شك في أنأدونيس يمتلك طاقة على التجريب، لكني أعتقد أنه- على الأقل في جانب أساسي من عمله- تجريب شكلي، دافعه ليس داخليا، فهو لا يندفع إلى التجريب بحاجة داخلية، وأحس في كثير من الأحيان أن أدونيس يجدد لأنه يحب أن يقدم نفسه باعتباره مجددا.
لقاء الرئيس السابق
وأضاف الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي إنه غير نادم على حضوره لقاء الرئيس السابق حسني مبارك مع وفد يمثل المثقفين المصريين قبل تنحيه عن الحكم ببضعة أشهر، وأنه لا يجد سببا يجعله يرفض حضور ذلك اللقاء الشهير.
و قال: " لا شك في أن مبارك كان طاغية ومستبدا وبقي في السلطة 30 سنة، لكن كان هناك دائما إمكانيةأن تقول وتكتب عن نظامه إنه نظام غير ديمقراطي".
و تساءل حجازي: هل الواجب الملقى على عاتق المثقف يتمثل في أن يقول رأيه في النظام أم في رئيس النظام؟ وأجاب بقوله: طبعا الأفضل أن يعبر عن رأيه في الاثنين، لكن إذا كانت هناك إمكانية للتركيز على هدم النظام دون الدخول في صدام عنيف يؤدي بالمثقف إلى المعتقل أو يمنعه من الكلام- وذلك كان دائما خطرا قائما- فإن هذا هو أمر جيد.
و أضاف : "أنا ممن كانوا يعبرون عن رأيهم في "الأهرام" بصراحة، ولم أكف لحظة عن إعلان أن هذا النظام هو نظام طغياني من بدايته، وانتقدت النظام باعتباره امتدادا لانقلاب عسكري وقع في 23 يوليو 52 وهذا الكلام لا أقوله بعد ثورة 25 يناير، فهو موقف قديم. وأظن أنه ينبغي على المثقفين إذا دعوا إلى مثل اللقاء الذي دعا اليه مبارك أن يلبوا الدعوة ، لكن عليهم أن يكونوا صرحاء وصادقين بالقدر الكافي ، وأن يحولوادون أن يستخدم النظام أو الرئيس وجودهم لتبريره أو تحسين صورته .
خطر الجماعات الإرهابية
و استطرد حجازي قائلا : هناك من يعتقد أن ثورة 25 يناير بلا مقدمات ، وهذا غير صحيح، لأن الحفر كان هادئا ، وهو الذي أدى في النهاية إلى سقوط رأس النظام فلم نكن نبحث عن عمل عنيف يسقط النظام ، كنا نبحث باستمرار عن تغيير النظام ، ووجدنا بعض الأمل في تصريح الرئيس السابق حسني مبارك في البداية بأنه لن يبقى في الحكم لأكثر من فترة رئاسية واحدة.
هذا كان يعطي أملا كي نكافح النظام بالطرق غير العنيفة وندفعه لما هو أفضل. ومن جانب آخر فإن الأعوام الثلاثين التي قضاها مبارك في الحكم كانت تشهد تناميا لخطر الجماعات الإرهابية ، وبالنسبة للمثقف المصري فإن تلك الجماعات لا تقل خطرا عن النظام الديكتاتوري، وبالتالي وجدنا أنفسنا بين المطرقة والسندان. نظام فاسد مستبد شمولي، والبديل هو الجماعات الإرهابية المسلحة، من التكفير والهجرة إلى الجهاد والجماعة الإسلامية، ومما لا شك فيه إن هذه الجماعات كان لها تأثير واسع في صفوف المصريين.
الإخوان استفادوا من النظام السابق
وقال حجازي إن جماعة الإخوان المسلمين استفادت جدا من النظام السابق الذي لم يسمح بالعمل الديمقراطي الذي يتيح للجماعات السياسية والأحزاب أن تنمو.
وتساءل: " كيف يمكن للوفد أو التجمع مثلا أن تكون له جماهير؟ لابد أن يكون هناك نشاط ديمقراطي حقيقي يساعد هذه الأحزاب لكي يكون لها تمثيل حقيقي في البرلمان وتنافس من أجل بلوغ السلطة لكن النظام لم يكن يسمح سوى لأفراد بعينهم ليصلوا إلى البرلمان .
وتابع : هذه الأحزاب خاضت الانتخابات مرات عديدة وفشلت في الوصول إلى السلطة،فكان من الطبيعي أن تنفض عنها الجماهير، والنظام كان يضع بين الحين والآخر أعضاء في جماعة الاخوان في السجن، ولكنه في واقع الأمر كان يزايد عليهم في كل شيئ، فهو أكثر منهم تطرفا في الدفاع عن الحجاب وفي مطاردة الكتاب والمفكرين ومصادرة الكتب، ويسمح في الجامعة بما حدث لأمثال نصر حامد أبو زيد.
وردا على سؤال حول ما ينبغي عمله في حال وصول الاخوان إلى الحكم، قال حجازي : "لابد من احترام الديمقراطية. أنت مضطر.. هذا هو ما حدث في ألمانيا وايطاليا .. حدث في ايطاليا أولا عندما سقطت في براثن الفاشيين بعد الحرب العالمية الأولى، وهذا ما حدث في ألمانيا عندما انتخبوا النازي".
وأضاف " نفترض أن الانتخابات أتت بالإخوان أو أعطتهم نسبة كبيرة في البرلمان نحن لا نملك إلا أن نسلم بأن هذه إرادة الجماهير، ونستطيع الآن أن نصر على ألا ينفرد الاخوان بوضع الدستور وعلى وضع مبادئ حاكمة يلتزم بها الجميع في وضع الدستور القادم . وأكد أن الإخوان المسلمين لا علاقة لهم بالديمقراطية لا من قريب ولا من بعيد، إذا استمروا في التمسك بأدبياتهم وتاريخهم ، لكنهم يمكن أن يتغيروا إذا انقلبوا على أنفسهم وعملوا بنصيحة أردوغان لكنهم ودعوه باللعنات، وهذا دليل على أن موقفهم من الديمقراطية والسياسة والدين كما هو ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.