سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 6 يونيو 2024    سعر اليورو اليوم الخميس 6-6-2024 فى البنوك المصرية    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث مع وزير صحة زيمبابوى تعزيز التعاون    مجزرة جديدة للاحتلال.. استشهاد 29 فلسطينيا فى استهداف مدرسة نازحين بغزة    مصرع وإصابة 27 شخصا جراء حادث تصادم قطارين فى التشيك    قناة مفتوحة مجانية تنقل مباراة مصر وبوركينا فاسو في تصفيات كأس العالم 2026    الجو نار.. حالة الطقس اليوم الخميس 6-6-2024 في محافظة قنا    وزارة التعليم تشدد على ملاحظى لجان الثانوية التأكد من كتابة الطالب بياناته    دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذى الحجة لعام 1445 مساء اليوم    أول علاقاته الجنسية مع «دُمية».. مفاجآت مثيرة في قضية «سفاح التجمع» تكشفها التحقيقات    إصابة 5 أشخاص إثر حادث تصادم 3 سيارات بطريق شبرا بنها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 6-6-2024    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    غارت إسرائيلية مكثفة على قرى وبلدات جنوب لبنان    ليلة في حب سيدة المسرح العربي.. دار الأوبرا المصرية تكرم سميحة أيوب    البطاطس تواصل ارتفاعها داخل أسواق كفر الشيخ اليوم    أول وفاة بشرية مؤكدة بسلالة جديدة من إنفلونزا الطيور في المكسيك    وزير الصحة يبحث مع نظيره بمدغشقر سبل التعاون في مجال الصناعات الطبية    أخبار مصر: موعد إعلان أسعار البنزين الجديدة، تسجيل صوتي مثير للطبيبة المصرية قبل مقتلها في تركيا، مواجهة مصر وبوركينا فاسو    خذله فطارده لمدة 8 أيام، تفاصيل قصة طالب لجوء مصري مقعد "أرعب" نائبا بريطانيا (صور)    "مش هرجع لك لو آخر يوم في عمري".. انتقام ناري كاد يكلف سيدة حياتها على يد طليقها    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة بالقاهرة والجيزة    531 ألف جنيه، إجمالي إيرادات فيلم تاني تاني    حدث ليلا.. أول رد لنتنياهو على إصابته بالسرطان ورعب عالمي من متحور أنفلونزا الطيور    ناقد رياضي: قلق من كثرة الزيارات لمعسكر منتخب مصر وتوقعات بخطة جديدة أمام بوركينا    نجم الإسماعيلي: تلقيت عروضًا من الأهلي والزمالك.. وهذا قراري    رجل الأعمال باسل سماقية يحتفل بخطبة ابنته (صور)    حزمة قرارات جديدة من قناة السويس تعرف عليها (تفاصيل)    «موجوع لفراقك».. محمد صبحي يوجه رسالة مؤثرة للفنانة الراحلة سعاد نصر    لماذا اخفى الله قبور الأنبياء إلا قبر سيدنا محمد؟ أمين الفتوى يجيب    إبراهيم عيسى: تكرار الأخطاء جريمة بحق التاريخ.. لم نتعلم من الأحداث    خطة بايدن لوقف إطلاق النار بغزة.. حماس تسمع عنها في الإعلام ونتنياهو يسعى لوفاتها قبل أن تولد    البابا تواضروس: سألنا مرسي عن 30 يونيو قال "عادي يوم وهيعدي"    رئيس جامعة سوهاج يتسلم جائزة مؤسسة الأمير محمد بن فهد لأفضل إنتاج علمي    بوسي تستعرض جمالها في أحدث ظهور لها والجمهور يعلق (صور)    فولكس ڤٰاجن تكمل تشكيلتها الأحدث فى مصر ب Tiguan و Touareg الجديدتين    البابا تواضروس يكشف كواليس اجتماع 3 يوليو في وزارة الدفاع    واجبات الحج الأربعة.. معلومات وأحكام شرعية مهمة يوضحها علي جمعة    الأزهر للفتوى: الاجتهاد في السعي على طلب الرزق في الحر الشديد له ثواب عظيم    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    "بمشاركة نجم الزمالك".. تونس تفوز على غينيا الاستوائية في تصفيات كأس العالم 2026    مصادر: خطة لرفع أسعار الأدوية بنسبة 30%    ملخص وأهداف مباراة فرنسا ضد لوكسمبرج الودية    حظك اليوم برج الأسد الخميس 6-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «شماريخ» تحت شعار «تحيا المقاومة لتحيا فلسطين» (تفاصيل)    «الرى» تُنشئ 20 محطة مياه وسدودًا لحصاد الأمطار بجنوب السودان    هشام نصر يكشف مفاجأة: الزمالك لم يتم التعاقد مع محترف فريق الطائرة حتى الآن    احتراق 25 فدانًا فى الوادى الجديد    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بشوارع دسوق في كفر الشيخ    تنسيق الثانوية العامة محافظة الشرقية 2024-2025 بعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية (التوقعات)    البابا تواضروس يروى كواليس اجتماعه في وزارة الدفاع يوم 3 يوليو    مسئولون أمريكيون: بايدن أعلن مقترح غزة دون الحصول على موافقة نتنياهو    منعًا لتلف المحرك.. تعرفي على الوقت الصحيح لتشغيل الثلاجة بعد التنظيف    البابا تواضروس: أخبرت نائب محمد مرسي عن أهمية ثقة المواطن في المسئول فصمت    أكرم القصاص: طلبات المصريين من الحكومة بسيطة..والفترة الماضية شهدت انخفاض فى الأسعار    «سقط من نظري».. البابا تواضروس يروي موقفًا صادمًا مع «مرسي»    عيد الأضحى 2024.. الشروط الواجب توافرها عند الذبح    أخبار × 24 ساعة.. هيئة الدواء: تسعير الأدوية جبرى وإجراءات ضد المخالفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حجازى يسترجع الذاكرة : أحببت عبد الناصر رغم الهزيمة .. وندمت على اتهام السادات بالخيانة
نشر في المشهد يوم 05 - 10 - 2011

لم ألوث قلمى بالوقوف إلى جانب رموز " الوطنى المنحل " .. وطالبت مبارك بالديمقراطية فسخر منى
الصحافة أنقذتنى من الجوع بعد حرمانى من العمل فى مجال التدريس
المسئول فى الأنظمة السابقة " حرفى " وليس سياسيا .. كمن يستأجر "سباكا " أو "سمكريا"
غضبتى فى احتفالية السفارة العراقية عام 1980 أذبت الجليد بينى وبين السادات
أنظمة الحكم استخدمت الجماعات الإسلامية " فزاعة " .. ولايحق لأحد احتكار الحديث بإسم الإسلام
يخطئ من يعتقد أن ثورة يناير كانت بلا مقدمات فالحفر كان هادئا وانتهى بسقوط رأس النظام
الإخوان لاعلاقة لهم بالديمقراطية ويجب منعهم من الإنفراد بوضع الدستور
لا أستبعد فوز أدونيس بجائزة نوبل للآداب لأن الغرب لايعرف غيره من الشعراء العرب
القاهرة أ ش أ
أحمد عبد المعطي حجازي شاعر وناقد وأديب له صولاته وجولاته فى عالم الكتابة والأدب .. ولد عام1935 بمحافظة المنوفية وشارك في العديد من المؤتمرات الأدبية في كثير من العواصم العربية .
ويعد حجازى من رواد حركة التجديد في الشعر العربي المعاصروترجمت مختارات من قصائده إلى الفرنسية والإنجليزية والروسية والإسبانية والإيطالية والألمانية.
حصل على جائزة كفافيس اليونانية المصرية عام 1989، جائزة الشعر الأفريقى، عام 1996 وجائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1997.
حفظ القرآن الكريم، وتدرج في مراحل التعليم حتى حصل على دبلوم دار المعلمين عام 1955م، ثم حصل على ليسانس علم الاجتماع من جامعة السوربون الجديدة عام 1978م، وشهادة الدراسات المعمقة في الأدب العربي عام 1979م.
عمل مدير تحرير مجلة صباح الخيروسافر إلى فرنسا حيث عمل أستاذاً للشعر العربي بالجامعات الفرنسية. عاد إلى القاهرة ليعمل بتحرير جريدة الأهرام. ويرأس تحرير مجلة إبداع التي تصدر عن الهيئة المصرية للكتاب.
عضو نقابة الصحفيين المصرية ولجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان.
أصدر عددا من الدواوين الشعرية منها مدينة بلا قلب 1959. وأوراس 1959. ولم يبق إلا الاعتراف 1965.ومرثية العمر الجميل 1972. وكائنات مملكة الليل 1978و أشجار الاسمنت 1989 ودار العودة1983
ومن مؤلفاته محمد وهؤلاء.وإبراهيم ناجي وخليل مطران.وحديث الثلاثاء والشعر رفيقي ومدن الآخرين.وعروبة مصر.وأحفاد شوقي.
عاد إلى الوراء واسترجع الذاكرة ومزج الحاضر بالماضى كاشفا عن أسرار عاشها ووقائع كان بطلها وسنوات قضاها بين اغتراب النفس ولوعة الروح وأمل فى مستقبل يحمل بين ضلوعه شمسا تضئ الطريق وتفتح آفاقا لمستقبل مشرق .
الإعتقال هو الثمن
قال الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي "لا أدعى أننى كنت بطلا فى ظل النظام السابق ، ولكنى تصرفت كمثقف يحترم نفسه ويبتعد عن الشبهات ".
وردا على سؤال حول عدم اتخاذه موقفا حازما وواضحا من النظام السابق تساءل حجازي فى المقابل عما إذا كانت أية مقالة حازمة له حينئذ يمكن أن تجد طريقها للنشر فى الجريدة التى يكتب بها ، أم أن المطلوب عندئذ كان أن يكف عن الكتابة.
واستنكر أن يكتب مقاله لجريدة ما ويتقاضى راتبه من جريدة أخرى ، معتبرا أنه كاتب فحسب وليس زعيما سياسيا ، لابد وأن يدخل فى قطيعة مع النظام أو يعتقل أويجلس فى بيته دون عمل.
وأضاف الشاعر أن النظام السابق لم يكن يسمح باتخاذ مواقف حازمة على النحو الذى يتصوره البعض ، وإلا فالثمن هو الاعتقال أو المنع من الكتابة فى الصحيفة التى يكتب بها. ومع ذلك فقد اعتبر حجازي أنه فعل ما لم يفعله غيره فى عام 1982، حين شارك فى أول ملتقى ثقافى عربى بمصر بعد القطيعة العربية ، وطالب الرئيس السابق حسنى مبارك - أمام حشد من المثقفين المصريين والعرب- بضرورة عودة الديمقراطية، ولو على النحو الذى كانت عليه قبل عام 1952. و تابع قائلا " قلت لمبارك حينئذ أن مصر لم تهزم عام 1967 لقلة السلاح أو لقلة الرجال، ولكن لقلة الديمقراطية، ولذلك نحن فى حاجة للديمقراطية"، فرد الرئيس السابق معتبرا أنه لا توجد ديمقراطية أكثر مما يفعله.
وأشار حجازي إلى أنه دخل فى نوع من السجال بهذا الملتقى الثقافى مع الرئيس السابق الذى سخر من مطلبه، معتبرا أنه يريد ديمقراطية مثل ديمقراطية فرنسا، فرد عليه قائلا: "لا يا سيادة الرئيس، أنا اتكلم عن ديمقراطية مصر، عن ديمقراطية كالتى كانت موجودة فى مصر قبل عام 1952".
وأكد أن الحوار كان مفاجأة للجميع، بمن فيهم الضيوف من المثقفين العرب، لأن أحدا فيهم لا يجرؤ أن يتحدث بهذه الصورة مع الحاكم فى بلده.
وأعاد حجازي للأذهان أنه عندما تعرض الرئيس السابق حسنى مبارك لمحاولة اغتيال فى أديس أبابا، وقررت وزارة الثقافة إقامة احتفالية لتهنئته بسلامة العودة، طلبمنه المثقفون من الحضور أن يتحدث باسمهم جميعا، فوقف على المنبر وقال لمبارك: "المثقفون المصريون معك بشرط الديمقراطية"؛ وهو الأمر الذى أثار أيضا دهشةالحضور.
ووصف حجازي الحزب الوطنى المنحل بأنه "حزب الفساد".. مشيرا إلى أنه لم يلوث قلمه بالوقوف إلى جانب رموز هذا الحزب مع أنهم كانوا يتمنون أن يفعل ذلك، أو أن أكد الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي أن الصحافة بقدر عطلت مسيرته فى الشعر ، وتسببت فى تأخر إصدار ديوانه الأخير "طلل الوقت" لفترة طويلة ، إلا أنها أنقذته من البطالة والجوع ، بعد أن حالت السلطة السياسية دون عمله فى مجال التدريس عقب تخرجه من معهد المعلمين.
وقال حجازي إنه بعد أن عاد إلى مصر ، بعد اقامة طويلة فى فرنسا، أصبحت الكتابة الصحفية بالنسبة له ضرورية مشيرا إلى أنه فى عام 1955- أى نفس السنة التى تخرج فيها من مدرسة المعلمين- نشرت أولى قصائده بمجلة الرسالة الجديدة الشهرية؛ وهو ما كان سبيلا لنشر قصائد أخرى فى العام ذاته.
احتراف الصحافة
وأوضح حجازي أنه فى مستهل احترافه العمل الصحفى بمجلة روز اليوسف الأسبوعية، كان أكثر خصوبة فى كتابة الشعر، وأنه كان لا يكتب سوى عمود بالمجلة، إلى أن شغل فيها منصب رئيس القسم الثقافى.
وقال إنه بعد رحيله إلى فرنسا- فى منتصف السبعينيات- عمل فى الجامعة، ولم يكن بحاجة للكتابة الصحفية، وبالتالي مضى فى إبداع الشعر إلى جانب عمله الأكاديمي، ليكمل ديوانه الرابع، ونظم فى باريس كل قصائد ديوان "أشجار الأسمنت".
وأوضح أنه بعد عودته النهائية من فرنسا، وجد أنه لا مناص من الكتابة الصحفية المنتظمة، بعد عمله فى صحيفة الأهرام. وفيما أبدى حجازي ارتياحه لأنه كتب مقالاته على صفحات الأهرام- التى كان يكتب فيها من بقامة توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ولويس عوض وزكى نجيب محمود وعبد الرحمن الشرقاوى ويوسف إدريس وغيرهم من القمم الثقافية، فإنه لم يخف أيضا شعورا بالأسف لأن أعباء الكتابة الصحفية المنتظمة كانت على حساب إنتاجه .
وانتقد الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي بشدة ظاهرة غياب المسؤولين أصحاب الرؤى فى مصر فى ظل النظام السابق، والاستعانة بالمسؤولين الحرفيين أو التكنوقراط، الذين يفتقرون للرؤى السياسية، مقابل تغييب المثقفين فى السجون والمعتقلات.
و قال حجازي إن المسؤول فى ظل الأنظمة السابقة منذ عام 1952 هو مجرد شخص حرفى وليس سياسيا ، ولا يوجد منهم من يدافع عن وجهة نظر أو خطة ، بالضبط كما لو أنك استأجرت "سباكا أو سمكريا".واعتبر أن النظام الاستبدادى يتحمل مسؤولية هذه الظاهرة المحزنة ، لأن المثقفين الحقيقيين كانوا فى المعتقلات ، مؤكدا أن معظم المثقفين المصريين دفعوا الثمن منذ عام 1952 وحتى سقوط النظام السابق.
القصائد الأولى
واعترف الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي بأن قراره السابق بالاحجام عن نشر قصائده الأولى كشاعر كان قرارا فاسدا مشيرا إلى إنه لم ينشر من مجموع قصائده الأولى سوى قصائد أقل فى عددها من أصابع اليد الواحدة ، ومنها " بكاء الأبد" و"عشرون عاما " التى نظمها عندما بلغ العشرين عاما ، مضيفا أنه كان قرارا فاسدا فى نظرى الآن ، لأنه كان لابد أن أنشر المجموعة الأولى.
و عن أسباب امتناعه من قبل عن نشر قصائده الأولى، أوضح حجازي أن بعض هذه القصائد كانت فى اعتقاده رومانتكية أكثر من اللازم، وفى ذلك الوقت كانت هناك حملة شديدة على الرومانتيكية، الأمر الذى حدا به للتنكر لهذه القصائد الأولى والإحجام عن وضعها فى ديوانه الأول.
وعن إمكانية نشر هذه القصائد الأولى الآن ، أعرب حجازي عن شعوره بالأسى لضياعها.. مشيرا إلى أنه كان قد سلمها لصديقه الناقد الراحل رجاء النقاش ليكتب عنها ، غير أن ظروفهما معا فى الحياة خارج مصر حالت دون ذلك وعندما استعادها فى أواسط الثمانينيات وضعها فى بيته، ثم عاد إلى باريس، ليخفق بعد استقراره مجددا فى مصر فى الوصول لهذه المجموعة من قصائده الأولى.
وأردف بأسى : " ما الذى حدث حتى تضيع هذه المجموعة؟..لعلها موجودة تحت الركام ، أو مكدسة فى مكان ما ؛ وربما أكون قد تخلصت منها ضمن أشياء كثيرة".
هزيمة يونيو 1967
واعتبر الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي أن هزيمة الخامس من يونيو 1967 كانت بمثابة الزلزال الذى غير الكثير من جوانب رؤيته لنظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعزز إدراكه لأهمية الديمقراطية .
وشدد حجازي على أنه كان مثل كثير من المثقفين الآخرين من المخلصين لزعامة جمال عبد الناصر مضيفا: "كنا مؤمنين بأن ما نعيش فيه ثورة ، ولكن كل هذا سقط مع الهزيمة فى 5 يونيو 1967".
وأوضح أنه يتفق الآن مع من يرون أن هذا النظام كان نظاما قمعيا وديكتاتوريا، "وكنا نبرر عدم الديمقراطية بالثورية ، وأن الثورة دائما لها أعداء، وأن الثورة فى مواجهة أعدائها لابد أن تدافع عن نفسها " .
لكنه استدرك قائلا : أن دفاع الثورة عن نفسها كان يبرر عند بعض الناس الطغيان أو الاستبداد، ولم يكن هذا مبررا كافيا بالنسبة لى، لأنى كنت دائما ضد الطغيان، ولكن رفضى للطغيان لم يكن بالدرجة التى أقاوم بها عبد الناصر أو أقاوم نظامه .
واستطرد : "كنت أعتقد أن هذا النظام سوف يصحح نفسه.. عندما يشعر بالأمن، ولكن الأمور لم تسر على هذا النحو، وظل النظام ديكتاتوريا، وظلت الجماهير مبعدة عن السلطة، وظلت السلطة منفردة ومستبدة، وهذا ما أدى فى النهاية إلى الهزيمة الساحقة فى عام 1967. وهذه الهزيمة كانت حدا فاصلا بينى وبين هذا النظام، وإن ظللت أحب عبد الناصر أو أتعاطف معه، ورثيته عندما مات".
وأعاد حجازي للأذهان أنه كان قد نظم قصيدة- فى عام 1965- بمناسبة إعادة انتخاب الرئيس جمال عبد الناصر جاء فيها: "أخاف أن يكون حبى لك خوفا عالقا بى من قرون غابرات/ فمر رئيس الجند أن يخفض سيفه الصقيل/ لأن هذا الشعر يأبى أن يمر تحت ظله الطويل".
و قال حجازي: أظن فى هذا الوقت لم يجرؤ لا كاتب ولا شاعر أن يكتب مثل هذا الكلام، لكني- فى الوقت ذاته- لا أدعى أنى حملت السلاح ضد نظام عبد الناصر، بل كنت أحب جمال عبد الناصر .
وأضاف : " كنا فى حاجة لتلك الشعارات، مثل الوحدة العربية، والاشتراكية. وكنت أعتقد أن هذا النظام يحاول أن يصنع مصر، وهو ما يقود أو يساهم فى حركة التحرر الوطنى فى العالم العربى وأفريقيا وآسيا، وأظن أنه كان إيمانا شائعا، وكنا نسعد ونحن نجد عبد الناصر يتعامل مع زعماء العالم الثالث مثل نهرو فى الهند، وتيتو فى يوجوسلافيا، كما نراه يتعامل مع الزعماء السوفييت. وكل ذلك كان يقنعنا بأن نقف إلى جانب عبدالناصر فى حركة وطنية .
وعقد حجازي مقارنة بين الزعيم الهندى جواهر لال نهرو وعبد الناصر، قائلا : إن نهرو كان يصنع ما يصنعه عبد الناصر من تقدم عن طريق الديمقراطية، ولكن عبد الناصر كان يصنع ما يصنعه عن طريق الاستبداد؛ شأن الزعيم اليوجوسلافى الراحل جوزيف بروز تيتو.
وأشار حجازي إلى أن أعضاء الحزب الشيوعى المصرى تحولوا إلى حلفاء لعبد الناصر، حتى وهم فى السجون.
و تابع :" سعيت دائما أن أبتعد عن العلاقة اللصيقة بالسلطة، فكثير من زملائى أصبحوا رؤساء تحرير ويتمتعون بمزايا كثيرة، كما اعتقلت مرتين، عام 1954 وعام 1965، وهو ما أدى إلى منعى من العمل فى مجال التدريس.
واقعة السفارة العراقية
ولفت الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي إلى أن واقعة غضبته لكرامة مصر والمصريين - فى الاحتفالية التى نظمتها السفارة العراقية بباريس- هي التي أدت لذوبان الجليد بينه وبين الرئيس الراحل أنور السادات، الذى دعاه بسبب هذا الموقف للقائه واحتفى به.
وقال حجازى " إن القصة حدثت فى عام 1980، إبان المقاطعة العربية لمصر، حين دعت منظمة اليونيسكو دول الخليج لتقديم عروض فنية فلكلورية فى باريس. " ودعانى سفير العراق لحضور حفل عشاء بهذه المناسبة ، فإذا بأحد الحضور- وهو سفير خليجى - يتطاول على مصر والمصريين عبر نكتة سخيفة ، فرددت عليه وأنا جالس على مائدتى بحديقة بيت السفير العراقى: "اخرس يا كلب " .
وأضاف " وجدت الجميع وكأن على رؤوسهم الطير ، فوقفت لأقول مجددا فى وجه هذا الشخص المتطاول على مصر : "اخرس يا كلب " ، ثم طلبت معطفى للانسحاب من الحفل غير أن السفير العراقى توسل لى ألا أغادر، وجاء الجميع ليعتذروا لى، ثم أنشدوا النشيد الوطنى المصرى "بلادى بلادى".
وأوضح حجازى أن الكاتب الصحفى الراحل أحمد بهاء الدين تطرق لهذا الموضوع فى عموده بصحيفة الأهرام، ودعاه الرئيس السادات للقائه، رغم الخصومة السياسية الحادة بينهما، ومنعه من الكتابة والتضييق عليه، إلى حد فصله من العمل بمجلة روز اليوسف .
لقاء السادات فى المعمورة
واستعاد حجازي وقائع اللقاء المثير مع الرئيس الراحل أنور السادات باستراحة المعمورة يوم الثالث من سبتمبر عام 1981.. قائلا أنه حظى باستقبال هو والسيدة قرينته أشبه باستقبال الرؤساء وقادة الدول ، واستمر اللقاء أكثر من ساعة ونصف الساعة، وتركز على قضية الديمقراطية، وسط تلميحات برغبة السادات فى إسناد رئاسة الهيئة المصرية للكتاب لحجازي.
وأضاف حجازي : إننى أشعر بالندم لأننى اتهمت السادات بالخيانة بعد مبادرة القدس ومعاهدة كامب ديفيد ، معربا عن اعتقاده بأن الزمن أثبت أن أنور السادات اجتهد قدر الإمكان ، واتخذ قرار الحرب فى السادس من أكتوبر عام 1973، ونجح فى استعادة الأراضى المصرية المحتلة فى ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة الصعوبة .
غير أن حجازي انتقد بشدة تحالف السادات فى مرحلة ما مع جماعات الإسلام السياسى، التى اغتالته بعض عناصرها فى نهاية المطاف . وأعاد للأذهان مواقفه ضد هذه الجماعات حتى فى ظل نظام الحكم السابق، موضحا أنه لا يحق لأحد أن يحتكر الحديث باسم الإسلام.
و لفت حجازي إلى أن أنظمة الحكم المتعاقبة بعد 23 يوليو 1952 استخدمت بدورها جماعات الإسلام السياسى " كفزاعة "، وأن كلا الجانبين كان يستخدم الآخر على حساب الديمقراطية والتعليم والدولة المدنية.
ليلة وفاة صلاح عبد الصبور
واستعاد حجازي بعض وقائع الليلة المشؤومة التى قضى فيها الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور، لافتا إلى أن الرئيس الراحل أنور السادات اتهمه من قبيل المزاح بأنه المسؤول عن قتله.
وقال إنه كان قد عاد لمصر فى أجازة من عمله الأكاديمى بفرنسا- فى أواخر يوليو عام 1981، واتصل بأصدقائه وفى مقدمتهم الشاعر صلاح عبد الصبور، للمشاركة فى حفل بمنزله بمناسبة عيد ميلاد ابنته.
وكان من بين الحضور الشاعر الراحل أمل دنقل والدكتور جابر عصفور، فضلا عن رسام الكاريكاتير بهجت عثمان الذى دخل فى مشادة مع صلاح عبدالصبور ليتعرض الشاعر الكبير لأزمة صحية وتوفى فى الليلة ذاتها.
اختلاف الأنظمة شكلى وليس جوهريا
وأعرب حجازي عن اعتقاده بأن كل الأنظمة التى تعاقبت على حكم مصر- بعد 23 يوليو 1952- هى فى الحقيقة بمثابة نظام واحد فى الجوهرتوالى عليه ثلاثة رؤساء ، لكل منهم له ظروفه وطريقته ومجموعته وسياساته.. موضحا أن الاختلافات تبقى إلى حد كبير شكلية وغير جوهرية.
فالنظام واحد، وقام على حكم الفرد، والبعد الكامل عن أية ديمقراطية حقيقية، فضلا عن تزوير الانتخابات، وتحويل الأحزاب والحياة السياسية إلى نوع من العبث والديكور، مع السيطرة الكاملة على الإعلام والثقافة واحتكار السلطة.
ورأى حجازي أن هناك أخطاء شنيعة هى التى أدت إلى الهزائم المتوالية التى أصبنا بها حتى عبرنا الهزيمة العسكرية، وانتصرنا فى حرب السادس من أكتوبر 1973، ووصلنا إلى سيناء، وأصبحنا فى وضع يجعلنا نتفاوض لاستعادة ما تبقى من أراضينا.
أدونيس وجائزة نوبل
وحول احتمالية فوز أدونيس بجائزة نوبل للآداب قال حجازى : لا أستبعد ذلك ليس لأنه الأجدر بالفوز، ولكن لأن الغرب لا يعرف الشعراء العرب الآخرين بسبب عدم ترجمة أعمالهم إلى لغات أوروبية .
وأشار حجازى إلى إن ترجمة شعر أدونيس جعلت الغرب يعتقد أنه الشاعر العربي الوحيد.. مضيفا أن أدونيس اجتهد خلال أكثر من 35 سنة ، منذ أن انتقل ليعيش في فرنسا وأوروبا عموما، في ترجمة أعماله وأشعاره إلى الفرنسية أولا ومنها إلى لغات أخرى ، وركز جهوده في الترجمة عن طريق علاقات واسعة أنشأها مع الأجانب، سواء مباشرة أو بواسطة العرب الموجودين في أوروبا وأمريكا .
واستطرد حجازي قائلا : إن أدونيس شاعر بلا شك ، لكن المشكلة تكمن في أنه يقدم نفسه - وهناك من يساعده في هذا- على أنه الشاعر العربي الوحيد، ومن هنا فأظن أن فرصته للفوز بالجوائز الأوروبية أو الأجنبية عامة، ومنها جائزة نوبل، هي فرصة قائمة باستمرار.
و عما إذا كان يرى بين الشعراء العرب من هو أحق من أدونيس بالفوز بتلك الجائزة، قال : " كوني شاعرا يجعلني لا أستطيع أن أقول إن هناك من هو أفضل منه، لكن أقول إنه ليس الشاعر الوحيد، وعلى النقاد أن يحددوا من هو الأكثر جدارة"، مضيفا "أعتقد أن شاعرا مثل محمود درويش امتلك القدرة على أن يجدد نفسه باستمرار ، ويجدد لغته ويكتشف مساحات جديدة في الكتابة الشعرية ويصل بنفس القوة للجمهور الواسع، وفي ظني إن هذا لم يتح ليس فقط لأدونيس ولكن لكثيرين.
ولا شك في أنأدونيس يمتلك طاقة على التجريب، لكني أعتقد أنه- على الأقل في جانب أساسي من عمله- تجريب شكلي، دافعه ليس داخليا، فهو لا يندفع إلى التجريب بحاجة داخلية، وأحس في كثير من الأحيان أن أدونيس يجدد لأنه يحب أن يقدم نفسه باعتباره مجددا.
لقاء الرئيس السابق
وأضاف الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي إنه غير نادم على حضوره لقاء الرئيس السابق حسني مبارك مع وفد يمثل المثقفين المصريين قبل تنحيه عن الحكم ببضعة أشهر، وأنه لا يجد سببا يجعله يرفض حضور ذلك اللقاء الشهير.
و قال: " لا شك في أن مبارك كان طاغية ومستبدا وبقي في السلطة 30 سنة، لكن كان هناك دائما إمكانيةأن تقول وتكتب عن نظامه إنه نظام غير ديمقراطي".
و تساءل حجازي: هل الواجب الملقى على عاتق المثقف يتمثل في أن يقول رأيه في النظام أم في رئيس النظام؟ وأجاب بقوله: طبعا الأفضل أن يعبر عن رأيه في الاثنين، لكن إذا كانت هناك إمكانية للتركيز على هدم النظام دون الدخول في صدام عنيف يؤدي بالمثقف إلى المعتقل أو يمنعه من الكلام- وذلك كان دائما خطرا قائما- فإن هذا هو أمر جيد.
و أضاف : "أنا ممن كانوا يعبرون عن رأيهم في "الأهرام" بصراحة، ولم أكف لحظة عن إعلان أن هذا النظام هو نظام طغياني من بدايته، وانتقدت النظام باعتباره امتدادا لانقلاب عسكري وقع في 23 يوليو 52 وهذا الكلام لا أقوله بعد ثورة 25 يناير، فهو موقف قديم. وأظن أنه ينبغي على المثقفين إذا دعوا إلى مثل اللقاء الذي دعا اليه مبارك أن يلبوا الدعوة ، لكن عليهم أن يكونوا صرحاء وصادقين بالقدر الكافي ، وأن يحولوادون أن يستخدم النظام أو الرئيس وجودهم لتبريره أو تحسين صورته .
خطر الجماعات الإرهابية
و استطرد حجازي قائلا : هناك من يعتقد أن ثورة 25 يناير بلا مقدمات ، وهذا غير صحيح، لأن الحفر كان هادئا ، وهو الذي أدى في النهاية إلى سقوط رأس النظام فلم نكن نبحث عن عمل عنيف يسقط النظام ، كنا نبحث باستمرار عن تغيير النظام ، ووجدنا بعض الأمل في تصريح الرئيس السابق حسني مبارك في البداية بأنه لن يبقى في الحكم لأكثر من فترة رئاسية واحدة.
هذا كان يعطي أملا كي نكافح النظام بالطرق غير العنيفة وندفعه لما هو أفضل. ومن جانب آخر فإن الأعوام الثلاثين التي قضاها مبارك في الحكم كانت تشهد تناميا لخطر الجماعات الإرهابية ، وبالنسبة للمثقف المصري فإن تلك الجماعات لا تقل خطرا عن النظام الديكتاتوري، وبالتالي وجدنا أنفسنا بين المطرقة والسندان. نظام فاسد مستبد شمولي، والبديل هو الجماعات الإرهابية المسلحة، من التكفير والهجرة إلى الجهاد والجماعة الإسلامية، ومما لا شك فيه إن هذه الجماعات كان لها تأثير واسع في صفوف المصريين.
الإخوان استفادوا من النظام السابق
وقال حجازي إن جماعة الإخوان المسلمين استفادت جدا من النظام السابق الذي لم يسمح بالعمل الديمقراطي الذي يتيح للجماعات السياسية والأحزاب أن تنمو.
وتساءل: " كيف يمكن للوفد أو التجمع مثلا أن تكون له جماهير؟ لابد أن يكون هناك نشاط ديمقراطي حقيقي يساعد هذه الأحزاب لكي يكون لها تمثيل حقيقي في البرلمان وتنافس من أجل بلوغ السلطة لكن النظام لم يكن يسمح سوى لأفراد بعينهم ليصلوا إلى البرلمان .
وتابع : هذه الأحزاب خاضت الانتخابات مرات عديدة وفشلت في الوصول إلى السلطة،فكان من الطبيعي أن تنفض عنها الجماهير، والنظام كان يضع بين الحين والآخر أعضاء في جماعة الاخوان في السجن، ولكنه في واقع الأمر كان يزايد عليهم في كل شيئ، فهو أكثر منهم تطرفا في الدفاع عن الحجاب وفي مطاردة الكتاب والمفكرين ومصادرة الكتب، ويسمح في الجامعة بما حدث لأمثال نصر حامد أبو زيد.
وردا على سؤال حول ما ينبغي عمله في حال وصول الاخوان إلى الحكم، قال حجازي : "لابد من احترام الديمقراطية. أنت مضطر.. هذا هو ما حدث في ألمانيا وايطاليا .. حدث في ايطاليا أولا عندما سقطت في براثن الفاشيين بعد الحرب العالمية الأولى، وهذا ما حدث في ألمانيا عندما انتخبوا النازي".
وأضاف " نفترض أن الانتخابات أتت بالإخوان أو أعطتهم نسبة كبيرة في البرلمان نحن لا نملك إلا أن نسلم بأن هذه إرادة الجماهير، ونستطيع الآن أن نصر على ألا ينفرد الاخوان بوضع الدستور وعلى وضع مبادئ حاكمة يلتزم بها الجميع في وضع الدستور القادم . وأكد أن الإخوان المسلمين لا علاقة لهم بالديمقراطية لا من قريب ولا من بعيد، إذا استمروا في التمسك بأدبياتهم وتاريخهم ، لكنهم يمكن أن يتغيروا إذا انقلبوا على أنفسهم وعملوا بنصيحة أردوغان لكنهم ودعوه باللعنات، وهذا دليل على أن موقفهم من الديمقراطية والسياسة والدين كما هو ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.