لم يكن غريبا ولا مستغربا على تيارات اليمين المتطرف وجماعة الأخوان الخارجة عن القانون أن يجيزوا عبر مجلسهم غير الشرعي استخدام الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية. فتلك "سبوبتهم" ومصدر دخلهم الوحيد وبضاعتهم المميزة التي دأبوا عبر عقود طويلة على المتاجرة فيها والتربح من ورائها من الداخل والخارج. ولم يكن يعقل أن يتنازلوا عنها بتلك السهولة، وإلا فماذا يبيعون على الناس، وماذا يقدمون؟ أفلس هؤلاء وسقطت كل ادعاءاتهم، بما فيها تلك الشعارات التي حاولوا ومازالوا يحاولون دغدغة مشاعر الناس الدينية واستدراجهم أو استقطابهم من خلالها، ولذلك كان من الضروري لهم بعد أن عرف الناس كذب لافتاتهم، وخواء شعاراتهم التي فرقوا بها المجتمع، أن يتمسكوا هذه المرة بوجود تلك الشعارات لعلها إذا لم تؤتِ أكلها أن تثير مزيدا من الغبار والفرقة والفتنة بين أبناء الوطن، ليكتمل مشروعهم التخريبي الذي ربما يضمن بقاءهم في السلطة إذا شغلوا الناس بأنفسهم بعيدا عنهم، وأشعلوا فتنة يحاولون بكل الطرق أن يشعلوها، إما على الأرض وإما بالتصريحات الفتنوية الطائفية التي يطلقونها بين الحين والآخر، وأخيرا لم يبقَ لهم سوى تلك الشعارات التي لا ندري إلى من يوجهونها إذا كان المعروف بداهة أن من سينتخبهم هم بالضرورة مسلمون. ذهب هؤلاء بعيدا في حالة التردي التي أغرقوا فيها كل شيء في مصر المحروسة، فلم يكن هناك أردأ مما قاله صبحي صالح عضو الجماعة الخارجة عن القانون، وكما عودنا دائما، عندما اتهم منتقدي استخدام الشعارات الدينية بأنهم يهدفون إلى إباحة الإلحاد (!؟)، ولا أدري، كما لا يدري أحد، ما هي علاقة هذا بذاك (!؟).. إلا أنه صبحي صالح. ورغم استماتة تلك الجماعة وإمّعاتها من تيارات اليمين المتطرف في الدفاع عن قانونهم المشوّه، إلا أنهم لن يحتملوا ظهور شعارات أخرى كالتي لوح بها أحد الأقباط مثل "المسيحية هي الحل"، بل سيتاجرون بهذا الشعار أيضا من أجل المزايدة وتسخين قطعان مؤيديهم ليشعلوا الفتنة، وهي غايتهم المنشودة. فهل سيرفع الأخوان من جديد شعار "الإسلام هو الحل"؟ في محاولة أخيرة لخداع الناس، وكأنهم ينادون بالإسلام وهناك من يمنعهم، على الرغم من أن الأخوان هم من يحكمون ولا يمنعهم أحد من تطبيق الإسلام دون الحاجة لرفع أي شعارات، بل أن الأحداث التي مرت جميعها تقول أنهم لا يريدون تطبيق الإسلام ولا الشريعة التي تاجروا بها مع إمعاتهم طوال الفترة الماضية، منذ قيام الثورة وحتى الآن، كما دافعوا باستماتة أيضا عن الربا وأحلّوه، فيما بلعت الجماعات الأخرى ألسنتها صاغرة ومتواطئة على الشريعة، وحاولوا تمرير قانون الصكوك بعد أن نزعوا عنه صفة "الإسلامية" التي أيضا سوّقوه بها، ودون عرضه على هيئة كبار العلماء، مخالفة للدستور الذي وضعوه "إسلاميا" للاتجار فقط وليس للتطبيق. فهل ستعيد الجماعة الخارجة عن القانون عرض نفس "البضاعة المضروبة" من الشعارات التي ترفعها ولا تتبعها؟ فمن الواضح أنهم مازالوا ومعهم أتباعهم من جماعات "البورصة الدينية" يراهنون على غفلة كثير من أبناء الشعب، من المهمشين والمغيبين، ليضاربوا بشعاراتهم مرة أخرى في سوق السياسة، لعلها تربح مع البسطاء هذه المرة أيضا، ثم يعودوا لطبيعتهم مرة أخرى، فلا ينفذون منها إلا ما يخدم مصالحهم. المزيد من أعمدة جمال دربك