كان لي شرف حضور افتتاح فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الخامسة والعشرين (اليوبيل الفضي)، بعد الدعوة الكريمة التي تلقيتها من وزارة الإعلام العُمانية، وقد احتضن الفعاليات مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض بمنطقة العرفان، المنطقة الواعدة اقتصاديًا وسياحيًا والتي تأتي في إطار استراتيجية التنمية. فقد شاهدت بأم عيني روعة التصميم والابتكار واستراتيجية بعد النظر للمستقبل، حيث أقيمت بجوار مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض مجموعة من الفنادق ذات المواصفات العالمية على أعلى مستوى، وبالغة الدقة في هندسة التخطيط، من المساحات الخضراء والمتنزهات ومناطق الخدمات، بحيث تكون المنطقة واعدة وجاذبة لسياحة المؤتمرات، وقد غلف كل هذا روح المواطن العُماني الذي اتسم بالود والسماحة وكرم الضيافة والذوق العالي وحسن الاستقبال والاستضافة. وتمتلك سلطنة عُمان كل المقومات اللازمة لصناعة سياحة المؤتمرات حيث المناخ المناسب والطبيعة الخلابة من المتاحف والآثار، ومن مطارات وشركات طيران وخطوط جوية مُمتدة حول العالم، وقوانين تسهل حركة المسافرين. فالزائر لمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، يغبطه شعور بالفخر والاعتزاز، ولا يسعه إلا أن يعبر عن انبهاره بهذا المعلم الحضاري الجديد، بقاعاته المجهَّزة، وتقنياته الحديثة في جذب نمط جديد من السياحة إلى السلطنة. إذ يعزز فرصة سياحة المؤتمرات، التنوع البيئي والإحيائي الذي تنعم به سلطنة عُمان وتعدد شواطئها ومحمياتها الطبيعية ورمالها الذهبية، وأوديتها المتدفقة وسواحلها الجذابة. وأصبح المركز معلمًا رمزيا للعاصمة مسقط وللسلطنة بشكل عام، والذي شُيد على طراز عالمي مُعد بشكل مثالي، فضلا عن القيمة المكانية التي وضعته في بيئة طبيعية فريدة من نوعها؛ حيث يُطل على وادٍ يُمثل محمية طبيعية، وقُرْبُه من مطار مسقط الدولي؛ وما يضمه من قاعات ومسارح بها مساحة عرض إجمالية تفوق 22.000 متر مربع. ومن هنا تخطو سلطنة عُمان خطوات جادة وحقيقية نحو صياغة استراتيجية وطنية للترويج والتسويق لسياحة المؤتمرات؛ بما يدعم خُطى تعظيم الاستفادة من تلك السياحة، ويُروج للصناعة الوطنية، ويقوي قنوات التواصل، ويرفع قدرات العاملين في القطاعات الاقتصادية ذات العلاقة. وكأحد أنواع السياحة الهادفة للترغيب في المعرفة وتوسيع دائرة المعلومات الثقافية والحضارية للسلطنة، مستفيدين من الثراء التراثي والغنى الجغرافي والاتزان السياسي الذي يمنح السلطنة فرصة أكبر لاستضافة عشرات المؤتمرات الدولية سنويا فى شتى المجالات، وما يستتبع ذلك من إيجابيات تدعم مُؤشرات الإنفاق السياحي، وتعزز أرقام الاقتصاد الوطني. فليس من قبيل المصادفة أن يستضيف المركز فعاليات اليوبيل الفضي لمعرض مسقط الدولي للكتاب، وإنما جاءت وفق جُملة من الخطط والاستراتيجيات التي تستهدف تَحوُّلًا نوعيًا تتناسب وأولويات المرحلة المستقبلية في ظل العهد الجديد للسلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان ولتبقى نهضة عُمان متجددة. إذ تحتكم منظومة التنمية وفق استدامة المنهج والخطة التي أكد عيها السلطان هيثم، والمسار على ذات النهج الذي اختطه السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، ومنهجية التفكير خارج الصندوق، وابتكار آليات جديدة تبتعد عن التقليدية والتكرار. وتشير دراسات اقتصادية إلى أن الفرصة تعتبر سانحة لمؤسسات القطاع الخاص العاملة في مجال التفويج السياحي من خلال تنسيقها مع المؤسسات الحكومية والجهات والمؤسسات المنظمة للمؤتمرات المتخصصة والفنادق ووزارة السياحة، وذلك لجدولة المؤتمرات المتخصصة من أجل التنشيط السياحي لفترات المهرجانات السياحية والمعارض التسويقية كمهرجان صلالة السياحي ومهرجان مسقط ، ومهرجان عبري السياحي، ومعرض كومكس ومهرجان المسرح العماني، ومهرجان الأغنية. وختامًا يمكن القول أن هذه التطلعات تتناغم وتنسجم مع الاستراتيجية السياحية العُمانية والرؤية المستقبلية للقطاع السياحي، والتي تهدف إلى جعل سلطنة عُمان وجهة سياحية عالمية بجانب العمل على رفع نسبة مساهمة القطاع في الناتج الإجمالي المحلي، وذلك من خلال تطبيق استراتيجية تنمية وتطوير القطاع التي تضع في اعتبارها عدة مبادئ رئيسية أهمها المحافظة على الإرث التاريخي والحضاري والثقافي للمجتمع العماني والحفاظ على البيئة والمقومات الطبيعية للسلطنة والتطوير الدائم للبنى الأساسية للمواقع السياحية وإيجاد سياحة نوعية منتقاة، إضافة إلى زيادة معدل الوعي السياحي ودعم المشروعات السياحية المتوسطة والصغيرة وتشجيع السياحة الداخلية وجذب الاستثمارات الخارجية.