كشف الدكتور إبراهيم العسال، الباحث والمحاضر بكلية الآداب والفلسفة بجامعة قرطبة في إسبانيا ، وعضو اللجنة العلمية للتراث الثقافي بالاتحاد الأندلسي في إسبانيا، أن التاريخ الإسلامي شهد اوبئة عديدة، بدأت منذ عهد الرسول صلى الله وعليه وسلم في طاعون "شيرويه" في عام الهجرة السادس والذي قد بدأ في بلاد فارس. جاء ذلك تعليقا منه على الرعب الذي اجتاح العالم منذ عدة أيام، بسبب فيروس كورونا الذي انتشر في الصين بسرعة كبيرة، حيث قال العسال: بعد طاعون "شيرويه" كان هناك طاعون عمواس في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، ومات فيه أبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل. وتابع : وكان هناك طاعون الكوفة في العقد السابع ومات فيه المغيرة بن شعبة، وطاعون 69 هجرية ومات فيه الالاف من البشر، وطاعون عذارى البصرة واشرافها، وغير ذلك الكثير من الأحداث والحكايات". وأضاف : "في مصر فالأوبئة في تاريخها شأن وشئون، بدأت بعد الفتح بسبع سنين في ولاية عبدالله بن سعد لما كان الناس موتى في الأسواق "كالسمك المدمس على برك الماء" كما كان لفظ المؤرخين، وبعدها تعددت في عصر الولاة كوباء ولاية عبدالعزيز بن مروان وهو الأشهر في القرن الأول، وبعده كثير في عصور ولاة الامويين والعباسيين من ازمات فيضان النيل وأمراض فتكت بالمئات بل الالاف احيانا عبر التاريخ. واسترسل : "أما الفاطميين كالعادة فلايخلو لهم ذكر في أي شأن؛ ففي ثالث سنوات حكمهم ايام جوهر الصقلي وقبل مجىء المعز ضرب وباء عظيم القاهرة،و قال عنه المقريزي ان الناس قد عجزوا عن تكفين موتاهم فالقوا الجثث في النيل، ثم وباء في عهد العزيز وازمات ولا أكثر في عهد الحاكم، ثم وباء الظاهر الأكثر ايلاما، وعن المستنصر قل عن شدته ما تشاء. وقال: أما الوباءين الأبرزين والأخطرين - في تقديري- فكانا كالعادة مملوكيين، أولهما وباء 749 هجرية في زمان السلطان حسن، وثانيهما وباء قايبتاي سنة 873 هجرية؛ والمدهش أن كلاهما أبدع واقنع في فنون العمارة الإسلامية فالاول بنى لنا مدرسته الاعظم بناءا وبقاءا ومعمارا وزخرفا، والثاني كان أستاذ العمارة الإسلامية. ونوه: "أما وباء السلطان حسن فبدأ في بلاد الصين والتي كانت تعرف ببلاد "القان الكبير" – في تشابه مع كورونا من حيث النشأة - واتجه غربا، وأفنى خلق كثير في ايران واوزبكستان وقتل كثيرا من المغول انذاك، ثم الى قبرص وانطاكية والشام وحلب حتى وصل الى برقة ومنها الى الأسكندرية وصولا إلى عموم أرجاء مصر. وأوضح: " واتفق المؤرخون على بشاعة وفجاعة هذا الوباء فالمقريزي يحدثنا عن سبعمائة في الجنازة الواحدة ، وابن تغري بردي يحدثنا عن عشرة الالاف نفس تٌزهق كل يوم، اما ابن أياس في بدائع الزهور فذكر انه استمر سبع سنوات واهلك ثلث سكان مصر ووصفه بالأشد في التاريخ، وأما طاعون قايبتاي فلم يكن اقل خطورة من طاعون السلطان حسن، ويتحدث ابن الصيرفي عن تطور اعداد الموتى فيذكر ان صلاة الجنازة عند باب النصر فقط بدأت بأربعين من الموتى وانتهت باربعمائة في اليوم الواحد، ووصل الاموات الى اربعة الالاف نفس في اليوم الواحد. واردف: " وبسبب كثرة الوفيات تم انشاء دار يغسلون فيها الموتى في ميدان الرميلة أمام القلعة، ويقول المؤرخون ان هذا الطاعون بدأ ببنت السلطان اينال في شهر صفر وانتهى في عيد الفطر من نفس العام.