اليوم الخميس24 يناير2013 يوافق ذكري مولد النبي- صلي الله عليه وسلم-, وغدا الجمعة25 يناير يوافق الذكري الثانية لثورة الشعب المصري, ويوجد ارتباط في كثير من أهداف الرسالة وغايات الثورة. فلقد نزل الوحي علي النبي- صلي الله عليه وسلم- وفي أمة العرب أنواع شتي من الظلم: ظلم عقائدي فيه شرك بالله- عز وجل-, وظلم اجتماعي فيه رق واستعباد وتفاخر بالأنساب, وظلم اقتصادي فيه سلب ونهب لمصلحة القبائل القوية علي حساب القبائل الضعيفة. وكان الزمان ينتظر نورا يضئ جنبات الأرض, فإذا الرسالة تأتي من رب العالمين لتثبت أركان العدل والإحسان, وما أجمل ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي: ولد الهدي فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء نعم لقد احتفت الكائنات كلها واحتفي الزمان متطلعا لمستقبل تقضي فيه رسالة السماء علي الظلم الذي أحاط بأهل الأرض.والثورة المصرية قامت ضد الاستبداد والظلم وحكم الفرد وسرقة ونهب المال العام, وتطلع المصريون للغد الأفضل الذي نتمناه قريبا بإذن الله لتنتهي سطوة دولة الظلم وتشرق شمس العدالة بأعلي قيمها وهي كرامة الإنسان, تلك الكرامة التي نص عليها القرآن الكريم في قوله- عز وجل- ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا( الإسراء-70), إن الكرامة ثابتة في رسالة السماء لبني آدم أجمعين مؤمنين وغير مؤمنين, أغنياء وفقراء, رجالا ونساء لأنهم جميعا من خلق الله- عز وجل-, والكرامة الإنسانية هي أعلي ما نادت به الثورة المصرية يتساوي فيها كل المصريين علي اختلاف عقائدهم وأعراقهم وألوانهم, ولقد أثبت الدستور المصري الجديد هذه الحقيقة في المادة31 ونصها الكرامة حق لكل إنسان, يكفل المجتمع والدولة احترامها وحمايتها. ولا يجوز بحال إهانة أي إنسان أو ازدراؤه. ولقد حرص الإسلام علي إعادة الصياغة البشرية ليكون الإنسان مرتبطا بربه ساعيا في الأرض للإصلاح والإعمار, وعني الإسلام بالحفاظ علي الدين والنفس والعقل والعرض والمال, وهي في مجملها تشكل اسباب الحضارة التي ملأت جنبات الأرض, والثورة حين تنطلق انطلاقا راشدا فإنها تقضي علي الفساد وتفسح الطريق امام البناء, ومن ثم فإن كل ثائر لا بد ان يحافظ علي حياة أبناء الوطن الذين هم ثروته الأولي, ولهذا ينتفض الشعب كله عندما تسقط ضحية هنا أو هناك, معتبرا ان كل نقطة دم هي أهم من كل منصب ومن كل موقع. ولقد أصلت رسالة السماء لهذا المعني "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما( النساء-93). وحينما تنادي الثورة بالقصاص لدم الشهداء فإن ذلك يعتبر صدي للرسالة السماوية التي جاء فيها ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون( البقرة-179). ويحافظ الإسلام علي المال "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما( النساء-5). والثورة وإن كانت هدما للفساد لكنها أيضا تحافظ علي مقدرات الوطن من الأموال العامة والخاصة, فلكل متظاهر أو محتج أن يعرب عن رأيه, لكن ليس لأحد أن يتلف مالا أوعقارا أو أي نوع من المنقولات لأنها ملك للوطن والمواطنين, وما أكثر المرات التي خرجت فيها المظاهرات وحدث إتلاف لهذه الأنواع من المال, وللإنصاف فقد قامت أيضا مظاهرات ومسيرات في سلمية تامة ولم يعكر صفوها اقتتال أو اعتداء علي المال. إن الرسالة والثورة تتعانقان في هذه الحقيقة الواضحة, وبمقدورنا أن نقول إنه ليس بمؤمن ولا بوطني من يخرج علي ذلك. ومن اللافت للنظر أن الإسلام بدأ بأفراد قلائل ثم انطلق ليدخل الناس في دين الله أفواجا, واتسعت رقعة الدولة الإسلامية وشكل أتباعها العالم الاول عدة قرون, وشهدت لهم بذلك حضارة أسسوها علي العلم والإيمان. وما الثورة إلا بداية لإقامة وطن متقدم, وجدير بالثوار الحقيقيين أن يتأملوا أحوال الأمم التي ثارت ثم تقدمت لنعلم جميعا أن هذا الطريق يمتلئ بالعمل المتواصل, أوليس ذلك جليا في رسالة السماء حيث يقول ربنا- عز وجل- وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون( التوبة-105). إن المخلصين من أهل الإيمان يكدحون ويعملون دون أن ينتظروا من الناس جزاء أو شكورا, بل كل ما يرجون أن يكونوا صادقين في إخلاصهم لينالوا الجزاء الأعظم" فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا( الكهف-110). وللثوار أن يتأملوا حال الشهداء الذين سبقوهم إلي الآخرة, ولهم أن يسألوا أنفسهم: أكان الشهيد يريد منصبا أوجاها أو استحسانا من الناس أم كان رجاؤه أن يقدم روحه فداء للوطن كي ينعم غيره بثمرة جهاده. إن ذلك الأمر لدرس عظيم للشباب الثائر الذي قد يحاول البعض إستغلال حماسه وعطائه كي يصلوا علي أكتاف هذا الشباب إلي بعض المغانم من المناصب والمواقع. فيا أيها الثائرون حقا اعلموا أن كل من يحاول أن يتصدر المشهد علي حساب تضحياتكم قد يكون مغرما بمنصب أو جاه, بينما أنتم مغرمون بوطنكم, فابقوا علي غرامكم هذا واعلموا أنكم إن فعلتم ذلك فسوف تحققون أهداف الرسالة وأهداف الثورة جميعا. إن أمة الإسلام صاحبة الرسالة الخالدة حينما اتبعت هدي السماء علمت أن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل, فاجتهدت وأعلت قدر العلم والعلماء مستحضرة قول الله سبحانه "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب( الزمر-9). خلاصة القول إن للرسالة غايات وأهدافا, والمنصف حقا يجدها هي هي غايات الثورة وأهدافها. نقلا عن الاهرام اليومى