نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية تقريرا جديدا حول فضيحة فساد تهدد عرش رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو، تلك الفضيحة المتعلقة بتورط شركة مقاولات كندية في قضايا فساد أثناء تنفيذها مشروعات في ليبيا خلال عهد القذافي. ووفقا لما أوردته الصحيفة، دخل عدد كبير من رجال الأعمال وكبار المسؤولين الدوليين السابقين مثل توني بلير إلي طرابلس وتعاملوا مع المسؤولين الليبيين وربما مع القذافي نفسه من أجل إبرام صفقات مشكوك فيها، وأضاف التقرير أن هؤلاء المسئولين الدوليين دفعوا رسوم استشارية أو أموال أخرى لتخطي البيروقراطية الليبية من أجل الحصول على تلك الصفقات بأوامر مباشرة ربما ترتقي إلي مستوى الكسب غير المشروع، التي تحاكم عليها قوانين مكافحة الفساد. وبحسب ما ذكرته الصحيفة البريطانية فإن تلك الصفقات المشبوهة عادت لتلقي بثقلها على شركة المقاولات الكندية العملاقة إس إن سي لافالين. جدير بالذكر أن تلك القضية تسببت في استقالة رئيسة مجلس الخزانة الكندي، جين فيلبوت، ومستشار ترودو، جيرالد باتس. تواجه الشركة اتهامات بالرشوة والفساد، إذ ثبت تقديمها رشوة مالية بقيمة 36 مليون دولار لمسؤولين ليبيين بين عامي 2001 و2011. ويأتي الساعدي القذافي، نجل الرئيس السابق معمر القذافي، على رأس قائمة من تلقوا الرشوة. كشف عن هذه المعلومات عام 2012، بعد مصادرة الشرطة الكندية لوثائق من مقر الشركة، وقالت الشرطة آنذاك إن الوثائق التي عثرت عليها تدين الشركة بتقديم رشى، والتحايل لتجريد أصحاب الأسهم من عشرات الملايين من الدولارات. كما كشفت الوثائق عن تورط عدد من كبار الموظفين في الشركة في محاولة تهريب أفراد من أسرة القذافي إلى المكسيك بعد مقتل القذافي عام 2011، لكن الشركة أصدرت بيانا أنكرت فيه علاقتها بالأمر. كذلك أظهرت الوثائق أن الشركة دفعت الكثير من فواتير الإقامة والحراسة والسفر الخاصة بزيارة الساعدي القذافي لكندا عام 2008. كيف ترتبط تلك الشركة برئيس الوزراء الكندي؟ شركة إس إن سي لافالين واحدة من أكبر شركات المقاولات الكندية، ومقرها مقاطعة كيبيك، التي تعتبر أهم المقاطعات بالنسبة لحزب ترودو الليبرالي. وفي حال فوز الليبراليين في مقاطعة كيبيك، يضمنون أغلبية المقاعد في البرلمان. وعند خسارة أصوات المقاطعة، تكون خسارتهم فادحة. وتزامن الخلاف بين ويلسون رايبولد وترودو مع الانتخابات المحلية في كيبيك، والتي انتهت بخسارة ممثل الحزب. كما تجرى الانتخابات العامة في البلاد في شهر أكتوبر القادم. وفي ذلك الصدد قالت ويلسون رايبولد إن ترودو ومساعديه استخدموا انتخابات كيبيك كذريعة لضرورة التوصل لتسوية مع الشركة. وفي المقابل، أنكر ترودو قيامه بأي مخالفات، وأن محاولته التوصل لإتفاق مع الشركة كان الهدف منه الحفاظ على آلاف الوظائف. إلا أن ترودو خسر أثنين من أهم داعميه في الحكومة، هما مساعده جيرالد باتس، ورئيسة مجلس الخزانة، جين فيلبوت. وأضاف التقرير أن مسؤولين آخرين في الحكومة قد يقدمون استقالتهم حيث ذكرت ويلسون رايبولد أسمائهم في التحقيقات. تحقق مفوضية النزاهة الكندية في الاتهامات التي ذكرتها ويلسون-رايبولد، لتقف على حقيقة خرق أي قواعد لتضارب المصالح. رئيس حزب المحافظين، أندرو شيير، بالفعل باستقالة ترود، وقال إنه خسر "السلطة الأخلاقية" اللازمة للقيادة. استقالة ترودو أمر مستبعد، لكن الأرجح، بحسب التقرير الذي نشره الاندبندنت، أن الليبراليين سيخوضون الانتخابات القادمة ومشنقة فضيحة إس إن سي لافالين معقودة حول رقابهم. جدير بالذكر أن المعاملات التجارية المزعومة مع نظام القذافي أدت بالفعل إلى مداهمات ومصادرة الأصول والسجن في عدة قضايا في هولندا والنرويج، شملت العديد من الشركات في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، والشرق الأوسط.