استقبل فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، هيرمان مان نيوري، رئيس الاتحاد الأوروبي، والوفد المرافق له، وقد تناول اللقاء العديد من القضايا الداخلية والخارجية وفي مقدمتها القضايا الاقتصادية والتحول الديمقراطي والحراك الشعبي الذي يشهده الشارع المصري بصورة غير مسبوقة. وأكد فضيلة الإمام الأكبر للضيف أنَّ ثورة 25 يناير كانت ناجحة وموفقة، وربما تشكل نموذجًا نادرًا بين كل الثورات الأخرى في تاريخ المنطقة، بل حتى على المستوى العالمي من حيث سلميتها. وأضاف فضيلته: "إذا أردت أن تعرف الطبيعة الفريدة للشعب المصري وقوَّة نسيجه الواحد فانظر إلى ثورته التي تكاتف فيها جميع المصريين مسلميهم ومسيحييهم، فكانوا على قلب رجل واحد يُسطِّرون روائع الوحدة الوطنية الراسخة عبر التاريخ والأجيال، وخير شاهد على ذلك ما شاهده العالم كله من صورة مميزة لروح الوحدة الوطنية؛ فوجدنا المسيحيين والمسلمين يُشكِّلون معًا لجانًا شعبية لحراسة بيوتهم وممتلكاتهم وأماكن عبادتهم، هذه الطبيعة المميزة للشعب المصري هى التي نُعوِّل عليها كثيرًا في مواجهة التحديات التي تعقب الثورات، بل اسأل التاريخ المصري سوف يخبرك أنه لم يحدث مواجهة طائفية بين المسلمين والمسيحيين عبر تاريخه". وقال فضيلة الإمام: "لأول مرة في الدستور المصري تنص إحدى مواده على أن لغير المسلمين من الأقباط واليهود الحق في التحاكم إلى شرائعهم؛ مما يدل على روح السماحة والمودة والألفة التي جمعت بين مختلف طوائف الشعب". وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أن الأزهر يقوم بدوره الوطني – كما هو عبر التاريخ - ولا يدخل غمار السياسة بالمعنى الحزبي؛ لأنه يعبر عن ضمير الأمة وهو بيت الوطنية، وخير شاهد على ذلك قيادته العمل الوطني وفتح أبوابه لكلِّ التيارات والائتلافات والقوى الوطنية والفكرية والثقافية للاجتماع في رحابه، والذي أثمر عدة وثائق تاريخية حددت ملامح المستقبل وافقت عليها جميع القوى الوطنية؛ فكانت إجماعًا وطنيًّا للعبور بالوطن إلى بر الأمان. ومن جانبه، قال رئيس الاتحاد الأوروبي إن "الاتحاد الأوروبي يثمن مواقف الأزهر الوطنية في الحوار الوطني، ورعايته الدائمة لمبدأ المواطنة، ويتابع حالة الحراك السياسي التي تشهدها مصر، خصوصًا بعد إقرار الدستور الذي أعطى حريات واسعة غير مسبوقة في تاريخ الشعب المصري، وهذه بدايةٌ للوصول إلى الطريق الديمقراطي الصحيح، وأعتقد أن الوصول لروح الديمقراطية الحقيقية يحتاج لمشوار طويل وإرادة صلبة للتغلُّب على العقبات التي ستُواجهه؛ مما يتطلب إجراء حوار مجتمعي، وحتى يصل المجتمع إلى ذلك لا بدَّ من أرضية مشتركة تجمع بين جميع الفرقاء؛ لأنَّ الدستور ليس مجرد وثيقة مكتوبة ولكنه تعبير عن مصير الشعب ومستقبله". وأضاف: "إننا نتفهم المخاوف الغربية من وضع الأقليات المسيحيَّة في بعض الدول العربية، ولكنني أعتقد أن الوضع مختلف في مصر؛ لأن للمسيحيين مكانة كبيرة في طبيعة الشعب المصري المعروف بتآلفه ووحدته وقوة نسيجه الوطني الذي لا يفرق بين مسلم ومسيحي في مختلف نواحي الحياة". ومن جانبه، قال فضيلة الإمام الأكبر إنه لا رجوع عن مسيرة الحرية والديمقراطية التي يشهدها الوطن، ولكننا نتمنَّى أن تكون تلك الديمقراطية نابعةً من روح وطنية أصيلة تعبر عن آمال وطموحات الشعب المصري في تحقيق تنميته ونهضته، وليست مستوردة أو مقلدة لديمقراطيات خارجية لا تعبر عن عراقة هذا الشعب الأصيل. ورحَّب فضيلته بالتعاون بين الأزهر الشريف والاتحاد الأوروبي لمقاومة ظاهرة الشعور المتنامي ضد الإسلام والمسلمين في أوروبا (الإسلاموفوبيا)؛ حتى يعم الأمن والسلام ربوع العالم.