الجبهة الوطنية بالمنيا: نعمل لصالح المواطن بعيدًا عن أي اصطفافات سياسية شكلية    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    لا أماكن بكليات الهندسة للمرحلة الثانية.. ومنافسة شرسة على الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الكهرباء تبدأ اختبار الكابلات لإعادة التيار للمناطق المتأثرة بالفصل في الجيزة    بعد تصدره التريند.. استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري في التعاملات الصباحية ليوم الإثنين 28 يوليو 2025    بارقة أمل في مفاوضات غزة.. هل اقتربت هدنة ال60 يوما بعد استئناف المباحثات؟    السودان: تطورات سياسية وميدانية متسارعة وسط دعم أممي وتنديد إقليمي بمحاولات تقويض الانتقال    ذهبيتان وفضية لمصر في أول أيام منافسات دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    تعرف على مواعيد مباريات المصري بالدوري خلال الموسم الكروي الجديد    مدرب بيراميدز يهاجم تحديد موعد المباراة تحت درجات حرارة قاتلة: "الأمر يتعلق بصحة اللاعبين وليس بالمنافسة"    مصرع أمين شرطة متأثرا بإصابته في حادث أودى بحياة مدير أمن الوادي الجديد    بالأسماء.. إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة بصحراوي البحيرة    اصطدام قطار المناشي بجرار زراعي أمام قرية بالبحيرة دون خسائر بشرية | صور    الحكومة: حملات مرورية مكثفة وتشديد الرقابة لمنع القيادة تحت تأثير المخدرات    إيهاب توفيق يحيي أولى حفلات المهرجان الصيفي للأوبرا باستاد الإسكندرية    السيطرة على حريق بمصنع "كريازي" في العبور    ردا على الأهلي، ماذا فعل الزمالك مع زيزو قبل لقاء القمة؟    حسين الشحات: لن أرحل عن الأهلي إلا في هذه الحالة، والتتويج أمام الزمالك أسعد لحظاتي    بعد 26 ساعة من العمل.. بدء اختبار الكابلات لإعادة التيار الكهربائي للجيزة    الداخلية: وفاة نزيل عقب نقله من محبسه إلى المستشفى بالدقهلية    تنسيق الكليات 2025، الحدود الدنيا لجميع الشعب بالدرجات والنسب المئوية لطلبة الثانوية بنظاميها    وزير الزراعة: تجاوز صادرات البطاطس 1.3 مليون طن للمرة الأولى    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات الطب البيطري 2024 المرحلة الأولي بالنسبة المئوية    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بمدينة الخانكة    الصفاقسي التونسي يعلن تعاقده مع علي معلول.. والتفاوض مع لاعب الزمالك    الغندور يعلن رحيل نجم الزمالك.. ويكشف وجهته المقبلة    الحوثيون يعلنون عن خطوات تصعيدية جديدة ردا على الحرب فى غزة    رابطة العالم الإسلامي: مؤتمر "حلّ الدولتين" فرصة للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ    إسرائيل تفرض رقابة عسكرية مُشددة على المُراسلين الأجانب الراغبين في دخول غزة    مقتل 4 على الأقل إثر خروج قطار يحمل نحو 100 راكب عن مساره جنوب ألمانيا    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء.. " كامل الوزير" يستعرض خطة تطوير الطريق الدائري الإقليمي    الأرصاد تحذر من ارتفاع الأمواج في عدد من الشواطئ (تعرف عليها)    السكرتير العام المساعد لمحافظة الجيزة: عودة المياه لمعظم المناطق المتأثرة خلال ساعة    أحمد نبيل: تعليم الأطفال فن البانتومايم غيّر نظرتهم للتعبير عن المشاعر    وزير السياحة: ترخيص 56 وحدة فندقية جديدة و60 طلبًا قيد الدراسة    «اللي بيتكلم مجنون».. مدحت شلبي يهاجم مسؤول في الأهلي بتصريحات قوية    متخليش الصيف ينسيك.. فواكه ممنوعة لمرضى السكر    معاناة حارس وادي دجلة محمد بونجا.. أعراض وأسباب الإصابة ب الغيبوبة الكبدية    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. استشهاد 4 فلسطينيين فى قصف الاحتلال على خان يونس.. هزات أرضية وصلت ل3.8 درجة بمقياس ريختر فى ميانمار.. مقاتلون سابقون فى طالبان نقلوا لبريطانيا حفاظا على سلامتهم    دفاع أحد ضحايا سفاح المعمورة بعد الحكم بإعدامه: طالبنا بتعويض مدنى مليون جنيه    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    المعهد القومي للكبد: مصر حققت إنجازًا عالميًا في القضاء على فيروس "سي"    «قالوا لي إني ميتة».. أنوار تروي مأساة 9 سنوات انتهت باختفاء الزوج ووقف المعاش    حددت شروطا للظهور به وارتدته وخلعته قبل 11 عاما.. قصة سما المصري مع الحجاب بعد «فيديو البكاء»    أخبار × 24 ساعة.. توقعات بارتفاع الحد الأدنى لتنسيق كليات علمى من 1 ل2%    طه عزت: الموسم المقبل بلا تأجيلات.. وهناك تنسيق مع حسام حسن بسبب الأجندة الدولية    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    بعد توقف 11 عاما.. رئيس حقوق الإنسان بالنواب يُشارك في تشغيل مستشفي دار السلام    رغم ارتفاع درجات الحرارة.. قوافل "100 يوم صحة" تواصل عملها بالوادى الجديد    رفضت عرسانًا «أزهريين» وطلبت من زوجها التعدد.. 19 معلومة عن الدكتورة سعاد صالح    في الحر الشديد.. هل تجوز الصلاة ب"الفانلة الحمالات"؟.. أمين الفتوى يوضح    جامعة أسيوط تشهد فعاليات اللقاء العلمي "GEN Z ANALYSTS" بكلية التجارة    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    البابا تواضروس يصلي القداس مع شباب ملتقى لوجوس    وزارة التربية والتعليم تعلن بدء تحويلات المدارس الدولية IPS    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العوم ضد التيار‏!‏
نشر في صدى البلد يوم 25 - 12 - 2012

هناك مدرستان فكريتان تتصارعان عند تحديد خطوات تطور المجتمعات ونهضة الشعوب وهما مدرسة الثوار ومدرسة الإصلاحيين والفارق بينهما كذلك الذي يفصل بين العلاج الجراحي والعلاج بالعقاقير‏.‏
ولكن ليس ثمة ما يمنع من أن يكون العلاج بهما معا في مرحلتين متتاليتين فقد لا يكون هناك مناص من الجراحة العاجلة لبتر الفساد والتخلص من الاستبداد ثم اللحاق فورا بمجموعة علاجية من العقاقير الأساسية التي تنتشل الجسد العليل من معاناته وترفع عن الكيان السقيم أمراضه, وقد تحتاج الشعوب إليثورة تسقط بها نظاما وتغير معها أفكارا ثم تسعي حثيثة بعد ذلك إلي تطبيق سياسات إصلاحية صارمة ترتبط ببرامج زمنية محددة, وربما كنت أعوم الآن ضد التيار الثوري وأقول إنني أميل إلي المدرسة الإصلاحية وقد كتبت عن ذلك صراحة في منتصف التسعينيات من القرن الماضي عندما أصدرت كتابي( من نهج الثورة إلي فكر الإصلاح).
فأنا مؤمن بالحلول التدريجية وأري أن منطق الإصلاح لابد أن يسود وإذا كانت هناك ضرورة للثورة فإنها تتم في أضيق الحدود وأقصر الفترات لأنها تحمل من المفاجآت بعض عناصر الفوضي وأسباب الانفلات وتسقط الشرعية الدستورية وتضع الدولة في مهب الريح وإن كانت تبدو أحيانا علاجا حاسما لا بديل عنه شريطة أن يعقبها مباشرة توجه إصلاحي كامل يقوم علي رؤية شاملة ونظرة فاحصة تبدأ من العام إلي الخاص أي من الأصول إلي الفروع بدلا من أن تستغرقها التفاصيل أو تضيع في زحام المواجهات اليومية, ولنا هنا عدد من الملاحظات:
أولا: إن الإصلاح الحقيقي يقوم علي أسس علمية ورؤية شاملة لذلك فإنه مضمون العواقب, بينما الثورة قابلة للانتكاس والسرقة بل والانحراف والاختطاف, كما أنها تصنع من الشعوب أحيانا حقل تجارب لا تؤدي في النهاية إلي النتائج المطلوبة وقد تدخل البلاد والعباد في حالة من الفوضي تهدم ولا تبني, تفرق ولا تجمع, تقسم المجتمع وتضرب الوحدة الوطنية, وهذا لا ينفي أن هناك ثورات شامخة عبر التاريخ استطاعت أن تستلهم الرؤي وأن تختار الطريق السليم من البداية, ولكن يبقي الإصلاح في النهاية ضرورة حتي لو سبقته ثورة حتمية من أجل تقويض نظام فاسد أو إنهاء عصر مستبد.
ثانيا: ليس كل ثوري إصلاحيا ولكن كل إصلاحي يحمل في أعماقه روحا ثورية هادئة وكلاهما يسعي إلي التغيير فبينما يعتمد الثائر أحيانا علي العنف فإن الإصلاحي يلجأ دائما إلي العقل, ولذلك نجد الثورات في العقود الأخيرة مرتبطة في معظمها بالدول الأكثر تخلفا والأشد فقرا بينما الإصلاح نمط للتغيير السلمي تعتمده الدول الأكثر تقدما والتي لم تعان من الدرجات العليا للفساد والاستبداد معا, ونحن لا نحرم المصريين حق الثورة ولا ننتقد قيامها فقد كانت الأوضاع السابقة عليها مقدمة لها ومهيئة لوقوعها نتيجة ذلك الثنائي اللعين الفساد والاستبداد معا إلي جانب غياب العدالة الاجتماعية وشيوع الفقر ونقص الخدمات وتدهور التعليم وانتشار العشوائيات.
ثالثا: إن مصر بلد غني بموارده البشرية ثري بخبرات أبنائه ولديها جيش ضخم من المفكرين والعلماء ورصيد حضاري وثقافي طويل, لذلك فهي تحتاج إلي برامج إصلاحية وأفكار رشيدة وعقلية غير تقليدية تسعي لمواجهة الركام الضخم من المشكلات والتحديات التي تبدو أحيانا عصية علي الحلول السريعة, إن مصر تحتاج إلي عملية تحديث في كافة مناحي الحياة وشئون الدولة, إنها تحتاج إلي الديمقراطية والتنمية معا, إنها تحتاج إلي تعليم عصري وبحث علمي مع تحويل الكم السكاني إلي كيف تنموي تخرج به مصر من عنق الزجاجة.
رابعا: إن ثورة الخامس والعشرين من يناير قد نجحت في إسقاط نظام شاخ وترهل وانتهي عمره الافتراضي ولكنها لم تتمكن حتي الآن علي الأقل من بناء وطن جديد يقوم علي عناصر الانفتاح والشفافية والندية السياسية والحوار الوطني بل استغرق المصريون في مواجهات يومية ومليونيات أسبوعية حتي شاعت حالة التربص وانعدمت الثقة المتبادلة بين القوي السياسية المختلفة نتيجة محاولة البعض الاستفراد بقيادة الوطن وهو بالمناسبة وطن عريق وكبير لا يقدر علي إدارته فصيل واحد بل لابد من شراكة وطنية تحتوي الجميع وتعلي مبدأ المواطنة وتؤمن بأن كل من يقف علي أرضية وطنية هو شريك مباشر في إدارة البلاد, لذلك فزعت من منطلق عام وليس مصلحة خاصة من التعميم الذي احتواه الدستور الجديد في هذه النقطة حيث يعتبر خطيئة حقيقية دافعها الهوي والمصالح الحزبية الضيقة دون تجرد أو موضوعية إذ إنه من بين من ينطبق عليهم العزل الدستوري شخصيات مرموقة في جميع المجالات وخبرات رصينة ذات تجربة طويلة ويعتبر حرمان الوطن منها افتئاتا عليه قبل أن يكون ظلما لها, إننا منصرفون إلي هدم المعبد ولكننا لا نقدم تصورات حقيقية لإعادة بنائه, وليدرك الجميع أن الهدم سهل وأن البناء هو الصعب.
خامسا: إن مصر التي في خاطرنا جميعا هي دولة عصرية حديثة تستلهم من مخزونها الحضاري وثقافتها العربية الإسلامية آخر الرقائق في الثقافات المتعاقبة والحضارات المتتالية قوة تدفعها إلي الأمام مع الأخذ الحقيقي بالأساليب المتقدمة في كافة المجالات, ولذا أفزعني أيضا ما جاء في الدستور الجديد عن مسألة تعريب التعليم الذي أوضح بشكل جلي أننا نعود إلي الوراء ولا نتقدم إلي الأمام, فالمعرفة الإنسانية متشابكة والعلم لا وطن له! وقد قال نبي الإسلام العظيم( اطلبوا العلم ولو في الصين) وهو ما يعني ضرورة الأخذ بتعلم اللغات الأجنبية والدراسة الحتمية بها في بعض فروع المعرفة التي نحتاج إليها, لأننا لو أخذنا بالتعريب المطلق للتعليم فلن نجد خلال عقود قليلة قادمة من يستطيع أن يطل من نافذته علي علوم الآخر وسوف نتحول إلي أسري في عنق الزجاجة لا نخرج منها! وأنا أقول للإسلاميين تحديدا إننا نسعي للتقدم نحو الإسلام الذي جعل التفكير فريضة لا أن نعود إلي عصور ظلامية من بعض مراحل الانحطاط في تاريخنا القومي.
هذه رؤية قد يشعر البعض منها أن السباح يعوم ضد التيار ولكن شفيعه في النهاية أنه لا يبغي إلا وطنا عظيما هو درة الأوطان.
نقلا عن الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.