الهيئة الوطنية للانتخابات: 4 ممارسات تبطل صوتك في انتخابات مجلس الشيوخ (صور)    البورصة تربح 22 مليار جنيه بختام تعاملات الأسبوع    الحكومة: إجراءات جديدة قبل سبتمبر لتيسير الإفراج الجمركي وزيادة الاستثمارات الأجنبية    مصر ترحب بإعلان رئيسي وزراء كندا ومالطا اعتزام بلديهما الاعتراف بالدولة الفلسطينية    جماهير النصر السعودي بالنمسا تتسلل للفندق لرؤية كريستيانو رونالدو    حماية المستهلك: ضبط 45 طن زيوت ومواد غذائية معاد تدويرها من خامات مجهولة المصدر    خروج عجلات جرار قطار عن القضبان في المنيا دون إصابات    للعام الثاني، الجونة السينمائي وبرنامج الغذاء العالمي يطلقان مسابقة "عيش" للأفلام القصيرة    أسعار الأسماك بأسواق مطروح اليوم الخميس 31-7- 2025.. البورى ب 150 جنيه    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    رئيس اقتصادية قناة السويس يشهد وضع حجر الأساس لمشروعين صينيين جديدين    سوريا.. 47 شاحنة مساعدات تتجه من دمشق إلى السويداء    جهود أمنية مكثفة لكشف غموض وفاة سيدة بطلقات نارية داخل منزلها بقنا    تهريب ومخالفات وأحكام.. جهود أمن المنافذ 24 ساعة    التصريح بدفن جثة طفل لقى مصرعه غرقا بقرية الجبيرات فى سوهاج    "إعادة تدوير" لحملات المزايدة!    إذاعة الجيش الإسرائيلى: انتحار جندى بعد خدمته فى صفوف قوات الاحتياط    أشرف زكي من جنازة لطفي لبيب: فقدنا نجم كان مدرسة في الصبر    رئيس هيئة الأوقاف يوجّه مديري المناطق بالحفاظ على ممتلكات الهيئة وتعظيم الاستفادة منها    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    ئيس الهيئة الوطنية للانتخابات يعلن اكتمال الاستعدادات لانطلاق انتخابات مجلس الشيوخ    تقارير تكشف موقف ريال مدريد من تجديد عقد فينيسيوس جونيور    حبس بائع خردة تعدى على ابنته بالضرب حتى الموت في الشرقية    صفقة تبادلية محتملة بين الزمالك والمصري.. شوبير يكشف التفاصيل    أساطير ألعاب الماء يحتفلون بدخول حسين المسلم قائمة العظماء    البابا تواضروس أمام ممثلي 44 دولة: مصر الدولة الوحيدة التي لديها عِلم باسمها    محمد رياض يكشف أسباب إلغاء ندوة محيي إسماعيل ب المهرجان القومي للمسرح    عروض فنية متنوعة الليلة على المسرح الروماني بمهرجان ليالينا في العلمين    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    انتخابات الشيوخ.. 100 ألف جنيه غرامة للمخالفين للصمت الانتخابي    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يوجه الموساد للتفاهم مع خمس دول لاستيعاب أهالي غزة    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 23 مليونا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15 يوما    محافظ الدقهلية يواصل جولاته المفاجئة ويتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    طريقة عمل الشاورما بالفراخ، أحلى من الجاهزة    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    مسلسل «220 يوم» يتصدر التريند بعد عرض أولى حلقاته    مجلس الآمناء بالجيزة: التعليم نجحت في حل مشكلة الكثافة الطلابية بالمدارس    خروج عربات قطار في محطة السنطة بالغربية    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    رئيس قطاع المبيعات ب SN Automotive: نخطط لإنشاء 25 نقطة بيع ومراكز خدمة ما بعد البيع    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات البنية الأساسية والتطوير بمدن بالصعيد    نجم الزمالك السابق: إسماعيل إضافة للدفاع.. والفريق يحتاج إلى الهدوء    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    استعدادا لإطلاق «التأمين الشامل».. رئيس الرعاية الصحية يوجه باستكمال أعمال «البنية التحتية» بمطروح    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    وزير الخارجية يلتقي السيناتور "تيد كروز" عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي    انخفاض حاد في أرباح بي إم دبليو خلال النصف الأول من 2025    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    روسيا تعلن السيطرة على بلدة شازوف يار شرقي أوكرانيا    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    نساء مصر ورجالها!    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    مدير تعليم القاهرة تتفقد أعمال الإنشاء والصيانة بمدارس المقطم وتؤكد الالتزام بالجدول الزمني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعم‏...‏ كل هذا الفساد‏!!‏

كان من حسن حظي أن التقي مع الصديق والأستاذ الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس مجلس الوزراء مرتين في الاسبوع الماضي‏,‏لقاء غير مباشر عبر الاعلام بعد أن انقطعت لقاءاتنا علي مدي الاشهر الثلاثة الماضية التي كانت مفعمة بالاحداث والتطورات‏,‏ وأبرزها بالطبع ثورة‏52‏ يناير‏.‏ اللقاء الأول كان عبر مقال صحفي نشره يوم الاثنين(12 مارس الجاري) تحت عنوان يحمل قدرا لا بأس به من الدهشة هو كل هذا الفساد!! أما اللقاء الثاني فكان تليفزيونيا تحدث فيه عن كثير من الهموم وابرزها ملف الصحافة المصرية, وللأمانة لا استطيع أن أنكر مدي الصدمة التي شعرت بها من قراءة ومتابعة الدكتور يحيي الجمل وكأني أعرفه للمرة الأولي مما دعاني الي أن أسأل: هل هو بريق السلطة؟ أو هي حسابات وتوازنات اجهلها ولكن عندما يتعلق الأمر بمصير وطن ومستقبل ثورة فقد رأيت أن الواجب يفرض علينا أن نتجاوز انطباعاتنا وان نتحاور بمسئولية وأمانة اعتدنا عليها طيلة السنوات الماضية, خاصة تجربتين مهمتين كان لي شرف مشاركة الدكتور الجمل في تحمل قدر من مسئولياتهما الأولي تجربة الجبهة الوطنية للتغيير برئاسة الدكتور عزيز صدقي رئيس وزراء مصر الاسبق عليه رحمة الله وكان ذلك عام5002 والثانية تجربة تأسيس جماعة العمل الوطني في العام الماضي وهي الجماعة التي شكلت القوة الرئيسية في تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير.
في هاتين التجربتين كان الجميع علي وعي بأن التغيير والتغيير الجذري للنظام السابق اضحي ضرورة, بل حتمية وطنية, وكان هذا الوعي نابعا من ادراك الجميع لحجم وخطورة ما تعيشه مصر في ظل ذلك النظام من استبداد وقهر وفساد وتضليل ولعل هذا ما جعلنا نضع عنوانا للبيان, التأسيسي ل جماعة العمل الوطني التي أخذنا الصديق العزيز الاستاذ حمدي قنديل منسقا عاما لها هو: لم يعد الصمت ممكنا
كان هذا العنوان بليغا الي درجة كبيرة من تأكيد ادراكنا لحتمية الثورة علي ذلك النظام, لذلك كانت دهشتي عند قراءة مقال الدكتور يحيي الجمل المشار اليه بعنوان كل هذا الفساد!! ليس بسبب ما تضمنه من اشارات لجرائم فادحة ارتكبت بحق مصر وشعبها, رغم ان تلك الاشارات تتضمن اقل من1% من حقيقة تلك الجرائم, ولكن دهشتي كانت بسبب أمرين أولهما, أن الدكتور الجمل وهو نائب لرئيس الوزراء في الحكومتين اللتين اعقبتا سقوط نظام مبارك( حكومة احمد شفيق, وحكومة عصام شرف) لم يتملك حتي الآن رؤية متكاملة ومؤسسية لاستئصال هذه الجرائم, ولم يطرح بصفته الحكومية مشروعا نعرف منه ان الحكومة الحالية بالذات عازمة فعلا علي استئصال جذور مؤسسات الاستبداد والفساد والتضليل, رغم علمه وعلم الحكومة ان الثورة التي فجرها الشعب المصري من اجل العدالة والحرية والسيادة الوطنية لم تشأ أن تصل إلي السلطة, وأنها أودعت الأمانة كاملة باعناق المجلس الأعلي للقوات المسلحة وحكومة الدكتور عصام شرف.
أما السبب الثاني لدهشتي فهو تلك الرؤية التي حرص الدكتور الجمل علي تمريرها عبر ذلك المقال لمعالجة الفساد في مصر.
فقد أسهب في الحديث عن تجربة جنوب افريقيا بعد سقوط نظام الحكم العنصري وبالذات ما أشار اليه من الحاجة الي التفاهم وليس الي الانتقام والحاجة الي الاصلاح وليس الرد بالمثل, والحاجة الي النزعة الانسانية وليس التثميل بالغير وشاء الدكتور الجمل ان ينهي مقاله بعبارة شديدة الدلالة علي منحي اعتبره شديد الخطورة في هذا الوقت بالذات بالنسبة للثورة المصرية, وهي عبارة نقلها عن ديباجة القانون رقم1111 لسنة5991 بدولة جنوب افريقيا تقول وبما ان الدستور يذكر انه من اجل تعزيز مثل هذه المصالحة واعادة البناء فان العفو سيمنح فيما يخص افعالا واغفالات واساءات مرتبطة باهداف سياسية تم ارتكابها في سياق صراعات الماضي ولقناعتي الشديدة بما تتضمنه هذه الفقرة التي نقلها بنصها في ختام مقاله شاء ان يضيف ما نصه واعتقد اننا في مصر نحتاج الي مثل هذا القانون الذي قد يكون من ورائه خير كثير خاصة فيما يتعلق باسترداد الملايين الطائلة المنهوبة.
أي تفاهم وأي اصلاح وأي نزعة انسانية تتحدث عنها يا دكتور وانت مندهش من كل هذا الفساد ومع من؟ مع عصابة مازالت تمارس جرائمها حتي الآن ومازالت رؤوسها تتآمر علي مصر وثورتها وهي حرة طليقة لم تمس, وبالذات رأس النظام واسرته وعصابة الأربعة التي أفسدت مصر سياسيا وماليا وكانوا علي رأس اهم مؤسسات الحكم والسلطة في مصر, وكانت أدوات الرئيس في ممارسة الاستبداد والفساد والقهر والتضليل والتزوير وفتحت آفاق نهب مصر وتدمير مكانتها والتعاون مع ألد اعدائها.
أي تفاهم وأي اصلاح وأي نزعة انسانية والثورة جري تغييبها تماما عن القرار السياسي, في حين أن الثورة المضادة تنشط والحزب الحاكم السابق يسعي الي تجديد نشاطه ويقاضي من يعتبرهم اعتدوا علي مقاره, ويسعي لاسترداد هذه المقار التي اغتصبها من الاتحاد الاشتراكي السابق والادهي ان هناك من محامي ذلك النظام السابق من قام برفع دعوي قضائية تطالب بعدم شرعية تنحي مبارك عن الحكم وعدم شرعية تولي المجلس الأعلي للقوات المسلحة السلطة من بعده, كما تطالب تلك الدعوي بضرورة الحكم بعودة الرئيس المخلوع الي الحكم حتي نهاية ما تراه فترة حكمه الدستورية.
مضمون مقال الدكتور الجمل هو دعوة للالتزام بالنهج الاصلاحي كبديل للنهج الثوري واستكمال الثورة مشوارها الذي لم يكتمل بعد, وهي دعوة تتوافق مع دعوات مماثلة يطرحها كتاب ومفكرو النظام السابق الذي مازال بعضهم علي رأس مؤسسات صحفية واعلامية حكومية( اي ملك للشعب المصري الذي فجر الثورة وطالب بالتغيير) وهي دعوة اخذت تحذر من مغبة استمرار الفعل الثوري والفكر الثوري متذرعة بخطورة هذا النهج علي الدولة والاستثمار والتنمية علي النحو ذاته الذي كانت تطالب به لتتخلي مصر عن مسئولياتها القومية والانخراط في ركب التطبيع مع العدو الصهيوني والخضوع للهيمنة الامريكية ضمن مشروع التبعية الذي تنادي به تحت وهم التفرغ للتنمية وبناء مصر داخليا, في حين أن ما كان يحدث كان نهبا وتدميرا للتنمية ولمستقبل التقدم في مصر علي يد النظام الذي ظل هؤلاء يخدمونه ويحصلون منه علي المقابل شديد الاغراء من الثروة والجاه.
مقالك يا دكتور شديد الخطورة ولا ينافسه في خطورته إلا تلك الاخطار الفادحة التي تتهدد الثورة منذ جري احتواؤها في متاهة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية ب نعم وغواية شباب الثورة ببريق الاعلام ومستنقع تأسيس الاحزاب الجديدة, والانصراف عن مهمة الجهاد الأكبر, أي استكمال مشوار الثورة وتحويل أهداف العدالة والحرية والسيادة الوطنية الي دستور والي مؤسسات حكم.
إننا في حاجة ملحة الآن الي تأسيس جماعات وطنية تشارك في الحوار وفي صياغة دستور مصر الجديد وفقا لاهداف ومبادئ الثورة, وفي حاجة الي مؤسسة وطنية من كل الاجهزة الرقابية في مصر للقيام بمهمتين الأولي هي حصر كل جرائم الفساد وتحويل الفاسدين الي المحكمة, والحصول علي اموال مصر المنهوبة دون محاباة لأي شخص وليكن التركيز علي الرئيس وأسرته وعصابة الاربعة التي يعرفها جميع المصريين. والثانية هي البحث في كيفية استئصال كل عوامل تفريخ الاستبداد والفساد والتضليل وبعد ان نضع الدستور الذي أرادته الثورة والشروع في بناء مؤسساته وبعد أن نؤمن مصر من الاستبداد والفساد ونحاكم الفاسدين ونسترد الأموال المنهوبة نبدأ في الحديث عن السماح والعفو, فالعفو لا يكون إلا عند المقدرة والثورة لم تملك بعد هذه المقدرة ولا تقدر عليها, الا بعد أن يصبح الحكم هو حكم الثورة والدولة هي دولة الثورة بعد كل هذا الفساد الذي عشناه في مصر.
المزيد من مقالات د‏.‏ محمد السعيد إدريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.