باب المندب هدف إيران الجديد لتهديد استقرار المنطقة.. السعودية توقف مرور سفنها عبر المضيق بعد هجوم حوثي.. ولي العهد يعقد اجتماعا أمنيا.. وارتباك في أسعار النفط

تهديد الممرات الملاحية الدولية ركن أساسي في الاستراتيجية الإيرانية
الكويت تدرس وقف مرور سفنها عبر باب المندب
الهجوم الحوثي محاولة يائسة لوقف تقدم التحالف العربي
98% من السفن المارة بقناة السويس تعبر مضيق باب المندب
تحاول كل دولة فاعلة في محيطها الإقليمي أو الساحة الدولية بشكل عام جمع ما يمكنها من أوراق للضغط، تتيح لها هامشًا واسعًا للمناورة والتفاوض مع خصومها ومع حلفائها كذلك، وعادة ما تنحو الدول نحو امتلاك أدوات الضغط سياسيًا ودبلوماسيًا وإعلاميًا، متجنبة ما أمكن اللجوء للتهديد العسكري تفاديًا لاستفزاز المجتمع الدولي.
لكن مسلك إيران تحديدًا في هذا الصدد يُعد استثناءً، فأقرب ما تلجأ إليه إيران في حوارها الإقليمي والدولي وخطابها العام هو لغة التهديد بزعزعة الاستقرار، اعتقادًا منها أن التهديد هو اكثر اوراق الضغط فعالية.
وبات من الواضح مؤخرًا أن تهديد الممرات الملاحية الدولية ركن أساسي في استراتيجية التهديد الإيرانية، فلا يكاد يمر شهر دون أن يصدر تلميح أو تصريح عن مسئول سياسي أو قائد عسكري إيراني، بشأن قدرة بلاده على تعطيل الملاحة، خاصة في مضيقي هرمز بالخليج العربي وباب المندب بالبحر الأحمر.
وبالأمس، تعرضت ناقلتا نفط سعوديتان عملاقتان تحمل كل منهما مليوني برميل من النفط الخام، لهجوم من جانب ميليشيات الحوثي الإرهابية الموالية لإيران في البحر الأحمر
وبحسب قناة "العربية"، أسفر الهجوم عن إصابة طفيفة في إحدى الناقلتين، ولم تقع أي إصابات أو انسكاب للنفط الخام في البحر الذي كان سيؤدي إلى كارثة بيئية.
وأعلن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، خالد بن عبدالعزيز الفالح، أن المملكة ستعلق جميع شحنات النفط الخام التي تمر في مضيق باب المندب إلى أن تصبح الملاحة فيه آمنة.
وفي السياق ذاته، ترأس الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع في جدة، اليوم الخميس، اجتماع مجلس الشئون السياسية والأمنية.
واستمع المجلس خلال الاجتماع إلى إيجاز سياسي وأمني حول عدد من الموضوعات، بالإضافة إلى عدد من تطورات الأحداث الإقليمية والدولية، واتخذ بشأنها التوصيات اللازمة.
الهجوم الحوثي يبدو بوضوح محاولة يائسة للضغط على التحالف العربي لوقف تقدمه في عدد من المحاور الرئيسية للقتال في اليمن، خاصة ميناء الحديدة على الساحل الغربي، الذي يُعد الشريان الرئيسي لوصول الإمدادات الإيراني إلى أيدي الحوثيين.
لكن على كل حال فإن السعودية لديها خيارات أخرى لتجاوز مضيق باب المندب من خلال استخدام خط أنابيبها الضخم بين المنطقتين الشرقية والغربية لشحن الخام من حقولها النفطية في الخليج العربي إلى مدينة ينبع على البحر الأحمر، ما يسمح بالحفاظ على الشحنات إلى أوروبا.
وتبلغ طاقة خط الأنابيب بين المنطقتين الشرقية والغربية نحو 5 ملايين برميل يوميا.
وتجدر الإشارة إلى أن الإغلاق الكامل للمضيق الذي لا يتجاوز عرضه 29 كيلومترا في أضيق نقطة، سيجبر الناقلات على الإبحار من السعودية والكويت والعراق والإمارات حول الطرف الجنوبي لإفريقيا، الأمر الذي سيضيف إلى وقت العبور والتكلفة وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
من جانبها، تدرس الكويت اتخاذ قرار مماثل بوقف صادرات النفط عبر مضيق باب المندب، وقال بدر الخشتي رئيس مجلس إدارة شركة ناقلات النفط الكويتية ردا على سؤال ل"رويترز": "الاحتمالات واردة لكن ليس هناك شيء أكيد حتى الآن".
وأدانت الإمارات العربية المتحدة اليوم، الخميس، الهجوم الذي استهدف ناقلتي نفط تابعتين للشركة الوطنية السعودية للنقل البحري في البحر الأحمر من قبل الميليشيات الانقلابية في اليمن، وذلك بعد عبورهما مضيق باب المندب.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان لها أوردته وكالة الأنباء الإماراتية "وام": "هذا الاعتداء يعد عملا إرهابيا يعرض الملاحة الدولية للخطر ويؤكد استمرار تهديد الميليشيات الحوثية الإرهابية لحرية الملاحة والتجارة العالمية في البحر الأحمر"، وأعربت عن قلقها من الاستهداف المتكرر لخطوط الملاحة الدولية من قبلها".
وأضاف البيان: "هذا الاعتداء الجبان يثير مجددا الدور السلبي والخطير الذي تقوم به إيران الداعمة لهذه الميليشيات الانقلابية وإصرارها على ممارساتها العدائية عبر تزويد جماعة الحوثي الإرهابية بالأسلحة والمعدات والصواريخ الباليستية التي تهدد الأمن والسلم في المنطقة".
وبحسب شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، ففور ورود الأنباء بشأن القرار السعودي، ارتفعت أسعار خام القياس العالمي برنت ب 31 سنتًا عن سعر التسوية، أي ب 0.4% ليصل سعر البرميل إلى 74.24 دولار.
والمتوقع ألا تتوقف تداعيات الهجوم الحوثي والقرار السعودي عند ارتفاع سعر خام برنت فحسب، فمضيق باب المندب يتحكم بعبور 12% من حركة التجارة العالمية، سواء على مستوى النفط أم على مستوى البضائع من شرق آسيا إلى قناة السويس، ومنها إلى العالم.
ووفقًا لأرقام إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، والمنشورة في موقع "بيزنس إنسايدر"، يمرّ حوالي 3.8 مليون برميل من النفط و"المنتجات النفطية المكررة" عبر باب المندب كل يوم في طريقها إلى أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، ويستحوذ على نحو 6.1% من إجمالي تجارة البترول العالمية، كما تعبره سنويا 21 ألف سفينة.
ويقول خبراء في النقل البحري، إن حجم التجارة العالمية المارة بقناة السويس عبر مضيق باب المندب، سواء القادمة من دول الشمال للجنوب أو من دول الجنوب للشمال، تمثل تقريبا ما بين 96 إلى 98% من حجم التجارة المارة بالقناة.