قالت دار الإفتاء المصرية، إن الفقهاء اتفقوا على أنه إذا بلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا وهي مدة نفخ الروح فيه، فإنه لا يجوز إسقاط الجنين ويحرم الإجهاض قطعًا في هذه الحالة؛ لأنه يعتبر قتلًا للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَٰقٍ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡ﴾ [الأنعام: 151]، ولقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُواْ 0لنَّفۡسَ 0لَّتِي حَرَّمَ 0للهُ إِلَّا بِ0لۡحَقِّ﴾ [الإسراء: 33]. وأضافت الإفتاء فى ردها على سؤال (ما حكم شفط عدد من الأجنة لإعطاء فرصة لاستمرار الحمل؟ أما إذا لم يبلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا فقد اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض: فبعضهم قال بالحرمة، وهو المعتمد عند المالكية والظاهرية وبعض الشافعية، وبعضهم قال بالكراهة مطلقًا، وهو رأي بعض الحنفية والمالكية، وقول محتمل عند الشافعية، وبعضهم قال بالإباحة لعذر فقط، وهو حقيقة مذهب الحنفية، وبعضهم قال بالإباحة مطلقًا وهو رأي بعض الأحناف وقول عند الحنابلة والرملي والشافعي إذا كانت النطفة من زنا، وقال به اللخمي من المالكية وأبو إسحاق المروزي من الشافعية قبل الأربعين يومًا. والراجح والمختار للفتوى أن الإجهاض لا يجوز قبل نفخ الروح إلا إذا كانت النطفة من زنا، أو كان ذلك لعذرٍ كما هو حقيقة مذهب الحنفية، ونقل ابن عابدين في "حاشيته" (3/ 193) عن ابن وهبان أن من الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر -أي المرضع- ويخاف هلاكه؛ قال: [فإباحة الإسقاط محمولةٌ على حالة العذر] اه. وذكر الإمام الزركشي أن المرأة لو دعتها ضرورةٌ لشرب دواءٍ مباحٍ يترتب عليه الإجهاض، فينبغي أنها لا تضمن بسببه. "حاشية البيجرمي على الإقناع" (4/ 129). وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز شرعًا شفط عدد من الأجنة في الخمسين يومًا الأولى من الحمل لتقليل المتبقي إلى واحدٍ أو اثنين إذا كان عدمُ التدخل بذلك يترتب عليه غلبةُ الظن بتعرض حياة الأم للخطر، أو حصول إجهاض لجميع الأجنة، أو حدوث تشويه خِلقي لها أو لبعضها، أو غير ذلك من ضررٍ محققٍ أو غالبٍ للأم أو لجميع الأجنة، فيجب حينئذ التدخل بشفط بعضها إبقاءً على حياة الأم المستقرة وحياة بقيتها، أو حتى بشفط جميعها؛ إبقاءً لحياة الأم المستقرة، وإيثارًا لارتكاب أخف الضررين بدفع أشدهما في الحالتين. وفي حال شفط بعض الأجنة دون بعضٍ يجب تحري القيام بذلك على أساسٍ علميٍّ ينبني على الإبقاء على الأرجى منها حياةً من الناحية النظرية العلمية، والتنازل عن الأقل رجاءً منها في ذلك. أما في حال استواء جميع الأجنة في الاحتمالات النظرية العلمية للبقاء وعدمه فيكون اختيار ما يتم شفطه بناء على ما يكون أخف على الأم وأرفق بها، فإن كان الجميع في ذلك سواءً فإنه يُقرَع بينها للاختيار، حيث إن القرعة في مثل هذه الأحوال مما يُشرَع اللجوء إليه للتخاير بين الأفراد المستوية في الصفات والأحوال كما هو مقررٌ في موضعه من كتب الفقه الإسلامي.