زحام وشجار وصراخ وعويل، وسط هذا المشهد الفوضوى، جلس"ج.ى"الزوج الثلاثينى على كرسى متهالك، إلى جوار وكيله بيتر رمسيس النجار المحامى المتخصص فى مسائل الأحوال الشخصية، يتصفح وجوه الجالسين من خلف عدسات نظارته الشمسية، محدثا نفسه:"كل وجه من هؤلاء يخفى وراءه حكاية، لكن يا ترى من فيهم حكايته تضاهى قصتى فى البؤس؟!، لا أظن أن فيهم من عاش مخدوعا فى إخلاص زوجته له سنوات!"، ولم يخرج الزوج من دوامة التساؤلات سوى نبرة حادة تبشره ببدء جلسة دعوى التطليق لعلة الزنا التى حركها ضد زوجته بعد ضبطها متلبسة فى شقة عشيقها. بدأ الزوج المخدوع فى سرد تفاصيل روايته قائلا:"تزوجتها منذ سنوات ليست ببعيدة، وعشنا معا حياة هادئة أو كما كنت أحسبها كذلك، ولم يكن يعكر صفوها سوى المشاكل العادية التى لا يخلو منها أى بيت، لكن دون ذلك كنت أرى أننى رجل محظوظ، لدى زوجة محبة ومخلصة وجميلة، ولذلك لم أكن أبالى أن أواصل النهار بالليل كى أزيد حجم أعمالى ومكاسب مصنعى وأوفر لها حياة مترفة ولا ينقصها شيئا، حتى جاء اليوم الذى اكتشفت فيه كم كنت زوجا ساذجا، عشت مخدوعا مع امرأة أحاطت بها خطيئتها، وتملك الشيطان قلبها وعقلها فزين لها سوء عملها، واستسلمت لشهواتها ورغباتها الجامحة وسلمت جسدها للعار يعبث بمفاتنها، امرأة احترفت تمثيل دور الزوجة الصائنة لعرض زوجها وهى فى الحقيقة من تدنسه". وسرد الزوج تفاصيل خيانة زوجته التى تستعد لاستقبال عامها الثلاثين وكيفية اكتشافه لها: "بدأ الشك يتسلل إلى قلبى بعدما لاحظت تغير فى سلوك ومشاعر زوجتى تجاهى، وصار البرود يسيطر على كل لمساتها وحديثها معى، وباتت تتغيب عن البيت لفترات طويلة بسبب وبدون سبب وتختلق المشكلات، وكلما حاولت أن أعرف أسباب تبدل حالها تتهرب من الإجابة وتثور، فقررت أن أبحث عنها بنفسى، لكن كان كل همى ألا تشعر زوجتى بمراقبتى لها، فهدانى تفكيرى لزرع جهاز" GPS" فى سيارتها كى أتمكن من تتبعها وتحديد الأماكن التى تذهب إليها بدقة، ومع مرور الوقت لاحظت غيابها بالساعات بمنطقة بعينها، وبعد تكرار الواقعة أكثر من مرة أدركت أن هذا هو بداية الخيط، فانتقلت هناك وسألت المحيطين بالعقار وحارسه عنها حتى تأكدت من صحة شكوكى وخيانتها لى". يلتقط بيتر رمسيس النجار محامى الزوج أطراف الحديث من موكله ويكمل سرد ما تبقى من تفاصيل القضية:"هرع موكلى بعدها إلى قسم شرطة النزهة وحرر محضرا اتهم فيه زوجته بالزنا مع أحد الأشخاص وطلب إثبات حالة الزنا، وعلى الفور انتقلت معه قوة من قسم الشرطة إلى شقة العشيق التى أرشد عنها، وتم بالفعل ضبط الزوجة وعشيقها فى وضع مخل كما جاء فى محضر التحقيق الذى حمل رقم 19478 لسنة 2016، ثم لجأنا إلى محكمة الأسرة بزنانيرى وأقمنا دعوى تطليق لزنى الزوجة وذلك وفقا للمادة 50 / 2 من لائحة الأقباط الأرثوذوكس الصادرة فى 2008 والتى تنص على أنه:"يجوز لكل من الزوجين أن يطلب التطليق بسبب زنا الزوج الآخر ويعتبر فى حكم الزنا أى عمل يدل على الخيانة الزوجية لأى من الزوجين أو أن تقيم الزوجة لمدة 24 ساعة مع شخص من غير محارمها". ورتب "النجار" أوراق قضية التطليق لزنا الزوجة وهو يقول:"للأسف قرار تعديل لائحة 1938 وقصر الطلاق على علة الزنا فقط، حول الأزواج الراغبين فى الانفصال إلى أشخاص سيئي السلوك والسمعة ومجرمين وتسببت فى خراب بيوت مسيحية كثيرة، ودفع البعض إلى الزواج عرفيا وفى النهاية الأطفال هى من يدفعون الثمن لأنهم فى حكم القانون يعتبرون أولاد زنا نظرا لأن الزواج العرفى غير معترف به فى المسيحية، وخير مثال على ذلك سيدة المنيا التى قتلت زوجها بعد فشلها فى الانفصال عنه". وواصل المحامى المتخصص فى مسائل الأحوال الشخصية حديثه:"مفهوم الزنا فى المسيحية يختلف كليا وجزئيا عن مفهوم الزنا فى الإسلام، فطبقا للشريعة الإسلامية لابد من وجود 4 شهود عدول على واقعة الزنا، أما المسيحية فتأخذ بما يعرف بالزنا الحكمى، ويعنى وفقا لنص المادة 50 من لائحة 38 و2008، بأنه يجوز لكل من الزوجين أن يطلب التطليق بسبب زنا الزوج الآخر ويعتبر فى حكم الزنا أى عمل يدل على الخيانة الزوجية كوجود مكاتبات أو أوراق صادرة من أحد الزوجين تدل على وجود علاقة آثمة مع أحد الأشخاص، لكن المعضلة بأننى لا أستطيع أن أوفر هذا الأمر للمسيحى لأن المحكمة لا تقتنع إلا بالزنا الفعلى فقط، لذلك طلبت من الكنيسة الأرثوذوكسية عدة مرات تفسير لمفهوم الزنا عندها". واختتم "بيتر النجار"حديثه قائلا: "قد يضطر بعض الأقباط إلى اللجوء لخيار تغيير الملة للحصول على الطلاق حيث يحق لهم فى تلك الحالة الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية، لكن تظل المشكلة فى مسألة تغيير الملة هى أنها قاصرة على فئة المقتدرين ماديا، فسعر الشهادة مرتفعا، إضافة إلى أن بعض محاكم الأسرة تسأل عن كيفية أداء القبطى المغير لملته بالخارج طقوسه الدينية،علما بأن المحكمة لايحق لها البحث فى الصلاة والصوم طبقا لحكم محكمة النقض، وهناك بعض المحاكم تضيق الخناق على المغيرين ملتهم بالخارج، ويبقى المخرج الوحيد من أزمة الطلاق عند الأقباط هو العودة للعمل بلائحة 1938".