تركيا اليوم تعاني من الاضطرابات كأي دولة في المنطقة تركيا لم تعد الدولة التي تحلم بعض الشعوب بأن تكون مثلها معارض تركي: أردوغان يحول تركيا من العلمانية إلى دولة تحاكم الناس من خلال العرق والمعتقد قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن مصطفى كمال أتاتورك أسس تركيا الحديثة عام 1923، بالعمل على إبعادها عن الشرق الأوسط، وزيادة قربها من العالم الأوروبي. وتؤكد الصحيفة أن تركيا اليوم وبعد قرن من انتهاء الإمبراطورية العثمانية وقيام الجمهورية تنحرف عن علاقاتها التاريخية مع حلفائها الأوروبيين، وهو ما يعد التحول الجيوسياسي الأكبر خلال العصر الحديث. وقالت الصحيفة إن تركيا - تحت القبضة الحديدية للرئيس التركي أردوغان – تعاني من الاضطرابات كأي دولة أخرى في الشرق الأوسط، وأنها تعاني من نفس الأمراض مثل الديكاتورية وعدم التسامح والقمع. فأردوغان – الذي يسيطر على مقاليد البلاد منذ عام 2002 – تحول منذ محاولة الانقلاب الأخيرة في يوليو الماضي إلى تبني سياسة قمعية ضد معارضيه، حتى أنه اليوم يطالب بتغييرات في الدستور تمنحه ما يشبه القوة المطلقة، وتجعله على رأس السلطة حتى عام 2029. ويقول كمال كيليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري – أكبر أحزاب المعارضة التركية – إن أردوغان يهدف إلى تحويل تركيا من العلمانية إلى دولة يتم فيها الحكم على الأشخاص من خلال هوياتهم العرقية ومعتقداتهم. وعلى النقيض يقول المسئولون الأتراك إن أوروبا هي من استغنت عن تركيا وليس العكس، حتى أن أردوغان قال إنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يخرج تركيا من أوروبا، مؤكدا على أن تركيا ليست ضيفا على القارة، بل مضيفة لها. ويقول برلماني بارز من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا إن الرئيس الروسي كان أول من دعم تركيا خلال محاولة الانقلاب الأخيرة، ثم جاء بعده دعم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وأن العديد من الدول الأوروبية دخلت في صمت مطبق هذه الليلة، مؤكدا على أن الديموقراطية التركية أفضل من الديموقراطية الأوروبية. وتنظر أوروبا إلى هذه التصريحات بنوع من اليأس، إذ أن تركيا اعتقلت بعد محاولة الانقلاب الأخيرة 150 صحافيا، بينما وضعت عشرات الألاف من من الأتراك خلف القضبان، في عمليات التطهير التي عقبت محاولة يوليو. وخلال الشهر الماضي، اعتقلت السلطات التركية مساعدي رؤساء أكبر ثلاثة أحزاب معارضة في البلاد. كما أن العمليات التي يقودها الجيش التركي ضد حزب العمال الكردستاني – الي تعتبره تركيا منظمة إرهابية – قد ساوت عشرات المدن والأحياء بالأرض. بينما تضرب الداخل التركي عمليات إرهابية يقوم بها تنظيم داعش الإرهابي. كما قامت الجيش التركي بإعلان حرب داخل الشمال السوري، لمحاربة الميليشيات الكردية وتنظيم داعش الإرهابي، كما هدد أردوغان بالتدخل العسكري في العراق، بينما تنتشر القوات التركية حول مدينة الموصل، التي لا تزال في قبضة تنظيم الدولة. وكل هذه الأمور أثرت بالسلب على السياحة التركية، كما تدهورت العملة التركية، مما يعني أن المعجزة الاقتصادية التي أشعلت شعبية أردوغان بدأت في الذوبان. وتقول الصحيفة إن العالم الإسلامي كان ينظر إلى تركيا نظرة إعجاب كمثال يحتذى به. ففي عام 2011، وبعد الثورة التونسية، وعد قادة الثورة باتباع المثال التركي في المزج بين الديموقراطية والإسلام. ويقول محللون أتراك إنه ينبغي على تركيا اليوم أن تتخذ من الحالة التونسية في التعايش مثالا يحتذى به. وتؤكد وول ستريت أن إردوغان تحول من التحالف مع الغرب، إلى عقد تحالفات إستراتيجية مع قوى لن تنتقده على طرق القمعية الجديدة في الحكم، إذ قال خلال الشهر الماضي إن بلاده قد تنضم إلى منظمة شنغهاي للتعاون، التي تضم كلا من روسيا والصين. ويشكل التعاون الكامل مع هذه المنظمة تعارضا مع عضوية تركيا في حلف الناتو. وكثمن للتقارب مع روسيا، خفف أردوغان من حدة نبرته في الحديث على الحرب السورية، كما حدث من دخول قوات النظام السوري إلى مدينة حلب مؤخرا.