على قدم وساق تجري الاستعدادات الإسرائيلية لضرب مفاعلات إيران النووية، أخبار الاستعدادات لا تخطئها عين أينما ذهبت حيث الإعلام المرئي أو المقروء، ويشاركها الأذن حيث الإعلام المسموع، وها هي جموع الإسرائيليين باتت ربما كجموع المصريين في طوابير طويلة،طوابيرنا من أجل الخبز والبوتاجاز وغيرهما أما الطابور الإسرائيلي فإنه من أجل الحصول على قناع واقٍ من غازات الحرب الكيماوية تحسباً لرد فعل إيراني،يحدث كل هذا على حدودنا العربية أو قل في قلب منطقتنا العربية، والضرب والدمار موجه لدولة تجاورنا بحدود ليست بالهينة وتربطنا بها صلة الدين وهي صلة ضعيفة جداً في عُرف الحكام العرب،أما صلة الجوار فإن تقديس العربي لها إنما كان زمن أجدادنا الذين أجاروا المستجير وأكرموا الضيف وبموت حاتم الطائي اندثر العنصر والدم العربي النقي،الدمار سوف يحل بدولة إيران التي لا تربطها بدول الخليج استثمارات هائلة وتداخل شعبي ومذهبي لا يمكن تجاهله وأن أي هزة بالبناء الإيراني سوف يصحبها هزات مدمرة في الكيان العربي الخليجي. عجبت لأن أقرأ عن سرعة وتيرة الاستعداد لضرب إيران ولم أقرأ سطراً واحداً يشي بأن العرب أحياءٌ يُرزقون،ورغم تواجد الرئيس الإيراني وهو أقوى رئيس يتواجد حالياً وسط ملوك ورؤساء وأمراء يجتمعون بالمدينة المنورة المقدسة بالعربية السعودية وتحت لافتة وللأسف الشديد تحمل اسم مؤتمر القمة الإسلامي،اجتمعوا وكأنهم يقلدون مؤتمرات القمة العربية التي تجتمع للتأكيد على الخيبة والخسران والتخاذل والعمالة والتردي العربي،وللتأكيد على أن العرب مصرون على الخلافات القائمة بينهم وعلى التشرزم والتقذم والتفتت والتناحر وأنهم متفقون على ألا يتفقوا،يبدو أن المؤتمر الإسلامي القائم حالياً إنما هو نسخة مكررة من مؤتمرات قمم العرب. من منا لا يعرف أن إسرائيل ليست أكثر من أداة في يد الصديق الأمريكي الذي نحرص جميعاً على إرضائه وإشباع نذواته ،إسرائيل التي لا تزيد عن حذاء في قدم أمريكا لتدوس به رقاب العرب والمسلمين ،تدوسها بعد أن تطأ بها بِرْكَة من الصرف الصحي لتعلق بها القاذورات فتترك بصمة على الرقاب تصفنا بالدونية والانحطاط،أمريكا التي لن يسعدها إطلاقاً أن يكون لنا وزنٌ أو صوت يشار إليه،أمريكا صاحبة التوقيع وخاتم الشعار الذي يدمغ كل فعل خسيس ودنئ في منطقتنا ونتخذها رب الأرباب وقدس الأقداس،أمريكا التي ندور في فلكها ونسبح بحمدها رغم كل ما تفعل فينا،ترى هل سيتذكر حاكم عربي مسلم في المؤتمر القائم حالياً ما تحيكه أمريكا من خطة لضرب إيران بيد إسرائيلية؟! هل خطر ببال المؤتمرين ما سوف تقود إليه الضربة الإسرائيلية الأمريكيةلإيران؟! هل خطر ببالهم الثمن الفادح الذي سوف تدفعه الدول العربية؟! لا أظن أن أحداً من المجتمعين قد شغل باله بمثل هذه التفاهات والترهات والخزعبلات. تمنيت لو يعرف الحكام العرب والمسلمون أن أحمدي نجاد إنما هو رئيس إيران وأنه مسلم وكان في"عمرة"قبل المؤتمر بساعات،وأنه لوهناك دولة مسلمة ومعرضة لاعتداء فإنه لن يتوانى في المساعدة والوقوف المشرف إلى جانبها ،ليت حكامنا يتطهرون من الرجس الأمريكي الذي يجري في عروقهم مجرى الدم،ليتهم وبحق الأرض الطاهرة التي يجتمعون عليها يتطهرون وإلا فبحق الأرض المقدسة لا بارك الله لهم في صحتهم ولا في أعمارهم ولا في أرزاقهم ولا في ذرياتهم ولا أماتنا قبل أن نرى نهاياتهم المأساوية على أيدي بني أوطانهم. الأمر أكثر من خطير.