رئيس «الوطنية للانتخابات»: مشاركة المصريين في انتخابات «الشيوخ» بالخارج تعكس وعيًا كبيًرا    «سيناء التي نريد».. كتاب جديد يقدم رؤية شاملة للتاريخ والمستقبل    نح..ر محامٍ داخل مكتبه في الإسكندرية    وزير الري: على إثيوبيا تغيير استراتيجيتها والاعتراف بحقوق مصر في نهر النيل    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأحد 3-8-2025 بعد صعوده لأعلى مستوياته في أسبوع    وزير قطاع الأعمال يتابع تشغيل المرحلة الأولى لمصانع الغزل مع محافظ الغربية    نائب محافظ الدقهلية يشهد ماراثون «خليك مكاني».. ويفتتح معرضًا للحرف اليدوية    عضو بالكونجرس: واشنطن تخون الشعب الأمريكي بدعمها للحروب الخارجية    تقارير إعلامية تفضح نتنياهو والجماعات الإرهابية بشأن غلق مصر معبر رفح (فيديو)    الهلال الأحمر الفلسطيني: استشهاد أحد موظفينا وإصابة ثلاثة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمقرنا في خانيونس    تصاعد التوتر في غزة بعد نشر فيديو الأسرى.. وانقسامات إسرائيلية بشأن استمرار الحرب    رغم تهديدات ترامب.. الهند تؤكد استمرار استيراد النفط الروسي    غزل ينعى محمد أبو النجا حارس وادي دجلة    "بيجبرونا على الاعتزال والأهلى منعني من تحكيم مبارياته لهذا السبب".. تصريحات نارية من الحكم السابق إبراهيم نور الدين    أبرزها المغرب وأنجولا بأمم أفريقيا للمحليين، مواعيد مباريات اليوم الأحد    السيطرة على حريق داخل سيارة ملاكي بالشروق    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 3-8-2025    جنازة أحد الصوفية تثير الجدل في «الكوم الأحمر» بقنا    كان بيجهز عش الزوجية.. مصرع شاب في حادث انقلاب تروسيكل بقنا    دعاء الفجر | اللهم فرج همي ويسّر لي أمري وارزقني رزقًا مباركًا    أحمد كريمة: قائمة المنقولات لإثبات حقوق الزوجة ومرفوض تحويلها لسيف على رقبة الزوج وسجنه (فيديو)    وفد «مستقبل وطن» يزور مصابي حريق المطعم بمستشفى سوهاج العام    لتلوثها بكتيريًا.. سحب فاكهة من الأسواق الأمريكية    مصدر مقرب من محمود حمادة: لا توجد مفاوضات مع بيراميدز    الأردن يدين حملات التحريض على دوره في تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني بغزة    وزيرا خارجية إيران وباكستان يبحثان تعزيز التعاون المشترك حفاظا على استقرار المنطقة    بفائدة تبدأ من 15%.. تفاصيل قروض التعليم بالبنوك وشركات التمويل الاستهلاكي    غلق الموقع الإلكتروني للمرحلة الأولى لتنسيق الجامعات    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب سيارة فى التجمع    ننشر أسماء المتوفين فى حادث قطار بمركز جرجا فى سوهاج    القبض على التيك توكر "شاكر" داخل كافيه شهير في القاهرة    راغب علامة يوجه رسالة محبة وتقدير لمصطفى كامل كنقيب وشاعر وملحن ومطرب    جينيفر لوبيز تستمتع بأجواء البحر فى شرم الشيخ وسط التفاف معجبيها.. صور    بدرية طلبة تهاجم الشامتين في البلوجرز: «أرزاق ربنا محدش بياخد رزق حد»    وزير الري: أراضي طرح النهر تتبع الدولة لا الأفراد.. ونعفي المزارعين المتضررين من الإيجار وقت الغمر    اجتماع طارئ لاتحاد اليد لبحث تداعيات الأزمة الصحية لطارق محروس.. ودراسة البدائل    المقاولون العرب: نطالب رابطة الأندية بتعديل موعد انطلاق مباريات الدورى    الزمالك يجهز لإعلان صفقة "سوبر" تُسعد الجماهير    أبدعت بأدوار الإغراء وأشهر أعمالها الصعود إلى الهاوية، محطات في حياة مديحة كامل    مصرع أب وطفله في حادث تصادم سيارة ملاكي و«سكوتر» بطريق المحلة – كفر الشيخ    تعرف على جوائز "دير جيست" والتشكيل الأفضل في الدوري المصري 2025    رسمياً بدء اختبارات قدرات جامعة الأزهر 2025.. ومؤشرات تنسيق الكليات للبنين و البنات علمي وأدبي    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة نيفين مسعد لحصولها على جائزة الدولة التقديرية    الفاصوليا ب 80 جنيهًا.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية اليوم الأحد 3 أغسطس 2025    4 أبراج على موعد مع الحظ اليوم: مجتهدون يشعرون بالثقة ويتمتعون بطاقة إيجابية    9 صور ترصد تكريم إمام عاشور رفقة كتاليا في حفل دير جيست    محامي وفاء عامر يكشف حقيقة مغادرتها البلاد    «زي النهارده».. وفاة الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي 3 أغسطس 1999    معيط: انخفاض الدين الخارجي لمصر وزيادة الاحتياطي الأجنبي مؤشر إيجابي    د.حماد عبدالله يكتب: المدابغ المصرية وإنهيار صناعة "الجلود" !!    "الدنيا ولا تستاهل".. رسالة مؤثرة من نجم بيراميدز بعد وفاة بونجا    بالصور.. رش وتطهير لجان انتخابات مجلس الشيوخ فى جنوب سيناء    مصرع 3 أشخاص وفقدان 4 آخرين إثر عاصفة مطيرة في منتجع شمالي الصين    مشروب صيفي شهير لكنه خطير على مرضى الكبد الدهني    استشاري يحذر من مخاطر إدمان الأطفال للهواتف المحمولة    تقضي على الأعراض المزعجة.. أفضل المشروبات لعلاج التهابات المثانة    وزير الأوقاف يشهد افتتاح دورة «مهارات التحفيظ وأساليب غرس الوطنية»    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريف العبط!
نشر في محيط يوم 01 - 12 - 2007


خريف العبط!
د. سعيد إسماعيل علي
في العديد من آيات القرآن الكريم آيات كريمة يقص المولي سبحانه علينا فيها أحداثاً ووقائع مما حدث للأمم سابقة، لا بهدف »الحكي« و»التأريخ« وإنما بهدف نراه يتكرر عدة مرات، عبّر عنه المولي عز وجل بمشتقات كلمة »الاعتبار«، أي استخلاص المعاني والدلالات مما لابد أن تنعكس آثاره فيما يلي من خطوات نخطوها وإلا لم نكن مستحقين أن نكون من ذوي »الأبصار«، بل وأصبحنا مثل »الأنعام«، بل يمكن أن نكون »أضل« منها، حيث نكون ممن يملكون قلوبا لا نفقه بها وأبصارا لا نبصر بها وآذاناً لا نسمع بها!!
ويبدو أن عرب اليوم، أو قل بالتحديد حكام عرب اليوم لا »يعتبرون« ولا »يتعظون« مما جري بالأمس وأول أمس!
إن الولايات المتحدة الأمريكية تنادي وتتحدث وترسل الرسل وتهاتف عما يسمي بمؤتمر »الخريف« - أنابوليس- تدعي إليه دول منطقة الشرق الأوسط العربية، وخاصة »المعتدلة« ، وهو الاسم الحديث للدول المعروفة بأنها الداخلة في بيت الطاعة الأمريكي، وأبسط آيات ذلك »الظاهرة«، التي تمثل الحد الأدني، مما تراه من مجيء الآنسة كوندا الكثير من المرات، وفي كل مرة، تشير بإصبعها بسرعة الحضور الي وزراء خارجية الدول الست +،2 أي دول الخليج الذي كان عربيا، وكان فارسيا، ثم أصبح أمريكيا، بالإضافة إلي دولتي التعاون العربي الإسرائيلي: مصر والأردن، فيهرعون إليها حيث تقول، ليسمعوا منها آخر تعليمات سيد البيت الأبيض، وأحيانا ما تفعل الشيء نفسه مع مسئولي مخابرات هذه الدول!
وتسأل: ماذا يراد من هذا المؤتمر المزعوم؟ فلا تجد إجابة شافية..
إنها »لعبة« أمريكية جديدة تذكرنا بتلك السيدة التي مر عليها يوما - صدفة - عمر بن الخطاب عندما كان خليفة للمسلمين، في مروره الذي كان يتفقد من خلاله أحوال الرعية، فإذا بصياح صغارها من الجوع، وهي تضع إناء علي النار، تبين لعمر أن الإناء ليس به شىء وإنما هي تحاول أن تُسكت أطفالها من البكاء جوعا، فتوهمهم بأن الإناء فيه شيء يؤكل، تعده لهم!
طبعا هناك فرق مهم، وهي أن السيدة المسكينة مضطرة كرها إلي ذلك حيث هي من المعدمين، أما الولايات المتحدة، فهي تريد بهذا المؤتمر أن »توهم« هؤلاء السذج الذين سوف يحضرون بأن الإناء فيه طعام، أو ان القبة تحتها شيخ جليل، بينما لا شىء في الإناء، والقبة من غير شيخ يرقد تحتها!!
حتي الكاتب المعروف »أنيس منصور« الذي لا يعرف عنه حماسه للجهاد والمقاومة والقتال والكفاح، أخذ يصرخ في عموده اليومي بالأهرام بأن الإسرائيليين لا يعطون أحداً شيئاً، وهم مراوغون، فلا أمل في اجتماعات ومؤتمرات وندوات لا بمقدار »عشم إبليس في الجنة«!!
كنت في الخميس الماضي الأول من نوفمبر أشاهد علي قناة الجزيرة مساء فيلما وثائقياً رائعا »ومبكياً أيضاً« كان من وقائعه تلك الواقعة المعروفة والتي أشرنا إليها عدة مرات في مقالات متعددة في صحف عدة، والتي تتعلق بكيف أوهم الانجليز أثناء الحرب العالمية الأولي، العرب، بأنهم لو وقفوا مع قواتهم ضد قوات الدولة العثمانية، فسوف يحصلون علي الاستقلال!
ونعلم أن العرب بالفعل أعلنوا ما أسموه بالثورة العربية الكبري سنة 1916 وكان لها أثرها المعروف في إلحاق الهزيمة بالدولة العثمانية وانتصار الانجليز والفرنسيين، وكان ما كان من إلغاء الخلافة الإسلامية التي كانت تظلل المسلمين منذ الصديق أبوبكر رضي الله عنه، وإعلان دولة علمانية تخاصم الدين، ثم إذا بالمكافأة التي استحقها العرب: لا استقلال، وإنما تقسيم منطقة الشام والعراق بين بريطانيا وفرنسا وبدلاً من أن تكون المنطقة تحت مظلة إسلامية أصبحت تحت المظلمة الاستعمارية الغربية، فضلا عما فعلوه من »تقسيم« ترك مشكلات بمثابة »ألغام« تسمم العلاقات بين دول هذه المنطقة بعد أن حصلوا علي الاستقلال، بعد الحرب العالمية الثانية، وتم تتويج كل هذا باغتصاب فلسطين وقيام دولة العدو الصهيوني والتي لست بحاجة إلي أن أشير إلي ما سببته من استنزاف مستمر لطاقات هذه الأمة المنكوبة بحكامها!
صدق العرب الذئب أنه يحميهم ويحقق آمالهم!!
كان من المفروض ان يكون ما حدث »عبرة لمن يخشي«، لكن هل هؤلاء الحكام ممن يخشون غضب الله وغضب شعوبهم؟ كلا!
ولأنهم لا »يتعظون«، فقد تكررت القصة نفسها عندما أوهموا صدام ودول الخليج بأن الثورة الإيرانية 1979 هي عاصفة عاتية تريد أن تعصف بدول المنطقة وانبري »حارس البوابة الشرقية« ليبتلع الطعم، وانفتحت خزائن الخليج لتمول حربا عبثية ثماني سنوات كاملة، سالت فيها دماء وقتل آلاف المسلمين من الإيرانيين والعراقيين معا، وضاعت فيها مليارات الدولارات، وكسبت فيها خزائن الولايات المتحدة من بيع السلاح وغيرها من المصارف غير المعلنة. فمن كان الخاسر؟ إيران والعراق ودول الخليج! ومن كان الرابح؟ أمريكا وإسرائيل!
هل نلوم هاتين الدولتين كلا إنهما عملتا من أجل مصالح شعبيهما!
إن فات حكام العرب ان يتعظوا مما فعلوه في الثورة العربية الكبري، وما فعلوه مع إيران طوال ثماني سنوات، فمن المتوقع ألاّ يتكرر الفعل مرة ثالثة، لكنه تكرر.. والله تكرر!!
صدق العرب الذئب أنه جاء ليحميهم ويحقق آمالهم!
غزت قوات صدام حسين الكويت في صيف 1990، صدقوا أن الولايات المتحدة حريصة علي استقلال دول الخليج، واندفعت قوات مصر والسعودية وسوريا لتحارب تحت القيادة الأمريكية وتحت العلم الأمريكي.. فأخرجوا قوات صدام حسين من الكويت، لتحل محلها القوات الأمريكية لا في الكويت وحدها وإنما في كل دول الخليج!
صدق العرب الذئب أنه جاء ليحميهم ويحقق آمالهم!
وتملأ أمريكا الدنيا صخبا وضجيجا من شر مستطير يحضره صدام حسين للعالم بأسلحة الدمار الشامل، بحيث لا تفتح إذاعة أو تلفازا أو تفتح صحيفة إلا وتري وتسمع عن الأخطار الرهيبة التي يوشك صدام حسين أن يوقعها بالعالم والمدنية والحضارة الحديثة، ثم ثبت أن هذا كله كذب وغش وخداع مقصود، ومن أجل ذلك تم تجويع الشعب العراقي أكثر من عشر سنوات، وتم لأمريكا غزو العراق واحتلاله في أبريل 2003، وشارك حكام عرب معروفون في كل هذا.. في تجويع شعب عربي مسلم، وفي حصاد بلد عربي مسلم، ثم في غزو أو تسهيل غزو بلد له ما له من علو كعب حضاري في التاريخ العربي والإسلامي لترتد إلي العصور الوسطي، ولست بحاجة إلي أن أشير إلي شىء، فالفاجعة مازالت وقائعها تدمي قلوبنا وتدمع أعيننا كل يوم، وربما كل ساعة، وحكام بلداننا يتفرجون، وأقصي ما يمكن أن نراه: مصمصة شفاه، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
صدق العرب أن الذئب جاء ليحميهم ويمتعهم بالديمقراطية والتنمية!!
ومنذ اتفاق »أوسلو« المشئوم عام 1993، وقد تم تطويع حركة الثورة الفلسطينية للعبة القذرة بتصديق ان العدو الصهيوني سوف يتنازل عما التهمه.. وها نحن في أواخر عام 2007، أي بعد أكثر من أربعة عشر عاما، ومفاوضات واجتماعات ووفود ذاهبة وقادمة ورائحة، وتصريحات وخطب، وفي أثناء ذلك، تتكاثر المستوطنات، وتحرق أرض فلسطينية. وتراق دماء مئات كل عدة شهور، ويسجن مئات، ويسمم زعيم الثورة الفلسطينية، ومازال »ما« يسمي »بالرئيس أبومازن« يجتمع، ويسافر، ويصرح، ويبتسم.. ليته عاد ليسمع »عادل إمام« في مدرسة المشاغبين »أربعتاشر سنة خدمة في ثانوي، وبتقوللي نجتمع«!!
صدق أو لا تصدق أن هناك من حكامنا وصحفيينا من يملك عقلا يصدق، بعد كل هذا أن أمريكا تدعو إلي مؤتمر للنظر في مواجهة المشكلات التي تعاني المنطقة منها!!
هل تعلم السر الحقيقي وراء الدعوة لهذا المؤتمر؟
تجميع الجهود العربية وراء أمريكا لتضييق الخناق علي إيران وضربها إن أمكن!
إيران هي العدو.. إيران هي الخطر القادم..
أما إسرائيل، فهي الجارة العزيزة المدللة، والنبي أوصي بسابع جار. إنها الطريق إلي قلب أمريكا، سيد الحكام العرب!
صدّق العرب الذئب أنه يسعي لحمايتهم وإتاحة الفرصة لهم ليعيشوا بسلام مع أولاد العم الصهيوني!!
عن صحيفة الوفد المصرية
1/12/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.