لأن الشعوب هي التي تحمل الأحزاب والرؤساء الي قمة السلطة وتسلمها مقاليد الحكم في مختلف الدول الديمقراطية رغبة منها في حياة أفضل, فإن القوي السياسية الراغبة في ممارسة السلطة عادة ما تعتبر نفسها خادما لشعوبها حتي تتمكن من تقديم أفضل خدمات ممكنة للفوز برضاء الشعب, وللحفاظ علي مقاعدها في السلطة, فالشعوب في هذه الحالة دائما علي حق تماما كما يري التاجر الزبون دائما علي حق لأنه في النهاية مصدر رزقه وضمان لإستمرار حيوية تجارته ورواجها,ولاشك في أن للضرورة أحكاما وكثيرا ما تجد الأمم المأزومة نفسها أمام مواقف صعبة ومشكلات مستعصية تضطرها الي سياسات تساعد علي إنهاء تلك الأزمة,ولكنها في كل هذا تنطلق من أن الشعوب دائما علي حق,فتتبني سياسات عملية وبرامج تنمية حقيقية تقود البلاد الي ما هو أفضل بدلا من اللجوء الي الحلول السهلة التي تحمل الشعب مسئولية مشاكله وتعتبره سببا لكل بلاء الأمة, فتتبني لغة أقرب ما تكون الي التهديد الصريح بحرمان الشعب من الخدمة أو الدعم المستحق له.وعلي سبيل المثال فأن تعبير أجبار الشعب علي الترشيد في مواجهة أزمة الكهرباء التي تمر بها مصر حاليا هو تعبير يجانبه الصواب لأنه في المقام الأول يرتبط بنفس لغة الخطاب السياسي القديمة التي ألفها وأعتاد عليها الشعب المصري عبر العقود الماضية في ظل الحكومات المتعاقبة للحزب الوطني وعلي لسان رئيسه المخلوع حسني مبارك في مناسبات عدة وفي مواحهة أزمات مختلفة. فأزمة الطعام سببها من وجهة نظره أن الشعب يأكل كثيرا ويستهلك أكثر مما ينبغي,وأزمة المواصلات سببها أن الشعب ينجب أكثر من اللازم,وأزمة القمامة سببها أن الشعب لا يعرف النظافة فيلقي بمخلفاته في الشوارع والطرقات ومناور البنايات,تلك حلول سهلة بدلا من الحديث عن تخطيط سليم ورؤي حاضرة و مستقبلية حول أحتياجات البلاد والأزمات المتوقعة واستراتيجيات مواجهتها بدلا من سياسات طحن الشعب,وليس بعيدا عن ذلك تحميل الجماهير مسئولية أزمة الكهرباء الراهنة فقط لأن المواطنين أستغلوا حقهم في تشغيل أجهزة التكييف في مواجهة موجات غير مسبوقة من الحرارة والرطوبة,وبدلا من الحديث عن حلول عاجلة لمواجهة الأزمة واستراتيجيات مستقبلية كتبني مشروع الطاقة النووية لتوليد الكهرباء جاءت سياسة الترشيد الإجباري التي تتنافي كليا مع برامج التنمية الصناعية وزيادة الإستثمارات وتحسين الخدمات, وقبل كل هذا انقاذ السياحة من رقادها المخيف وأيضا أنطلاقا من حتمية تبني خطاب سياسي جديد وإعلاء لمبدأ أن الشعوب دائما علي حق. نقلاً عن الأهرام