* درس الإخراج المسرحي في إيطاليا ثم عمل مدرسًا في معهدي السينما والفنون المسرحية * شارك كبار نجوم الزمن الجميل في أعمال أصبحت علامات في تاريخ السينما المصرية * «عتريس» هو الدور الأشهر في حياته السينمائية * بعد تأميم قناة السويس طرد من وظيفته بفرنسا بقرار مماثل للقرار المصري بطرد الخبراء الفرنسيين * بعد العدوان الثلاثي على مصر قرر العودة إلى القاهرة اليوم تحل الذكرى ال12 لرحيل "عتريس السينما المصرية" أحد أهم رواد الفن الصادق في تاريخ العمل الفني المصري، هو الفنان محمود مرسي، الذي ولد بمدينة الإسكندرية وألحقه والده بمدرسة داخلية وبعد انفصال والديه أصبح لا يرى والدته سوى يومي الخميس والأحد. هذا الأمر ترك بصمة كبيرة في تكوين شخصيته، حيث أصبح طفلا انطوائيًا على نفسه عشق القراءة وغاص في كتب الفلسفة، وهوى دراسة فن الإخراج وصمم على تدريس الفن السينمائي ما جعله يتفوق في دراسة الإخراج السينمائي في معهد "الإيديك" بفرنسا. وفي مطلع الستينيات سافر مرسي إلى إيطاليا ليعود إلى مصر حاملا خبرة وتألقًا ليقرر أن ينقل هذه الخبرة إلى أكبر عدد ممكن من الأجيال ويدرس الإخراج في معهدي السينما والمعهد العالي للفنون المسرحية. رفض العديد من البطولات المشتركة ففي عام 1957 رشحه المخرج يوسف شاهين ليشارك الفنانة هند رستم في فيلمه "باب الحديد " الذي يقوم باخراجه وبطولته ايضا ولكن مرسي رفض العرض بسبب ضعف الاجر، حيث كان 50 جنيها فقط وتم اسناد الدور للفنان فري شوقي. الغيرة الفنية هي التي دفعت مرسي لرفض الدور، فكيف لبطل العمل أن يتقاضى أجرًا أقل من بطلته "هند رستم" والتي قامت بدور هنومة، وبالتالي لم يتقبل مرسي دافع شاهين بأن الفيلم سيكون الظهور الأول لمرسي، وبالتالي من الصعب التعاقد معه كنجم سينمائي. وفي عام 1963 أسند إليه دور في فيلم "أنا الهارب" للمخرج نيازي مصطفى، والذي كان إعلانا رسميًا عن موهبته الفنية، وخاصة في أدوار الشر، فقد أشاد به النقاد والصحفيون، واعتبروه نموذجا للفنان الأستاذ ليفتح أمامه الأبواب ويصبح مرسي الحصان الرابح لدى القائميين على صناعة السينما. شارك كبار نجوم الزمن الجميل في أعمال صارت علامات فارقة في تاريخ السينما المصرية، وإن ظلت شخصية "عتريس " في فيلم شيء من الخوف، هي الاشهر في تاريخه الفني نظرًا لتكامل طقم العمل بالكامل فضلا عن الاسقاطات السياسية التي ضمها الفيلم لتتعدد اعماله السينمائية منها شيئ من الخوف، السمان والخربف، الليلة الاخيرة، النظارة السوداء، لينتقل بخبرته وادائه التلقائي الي شاشات التليفزيون ليكون البطل في مسلسل العائلة، ابو العلا البشري، الثعلب، بين القصرين. عتريس السينما حظي مشواره بالعديد من الانكسارات ففي بداية الطريق كانت هناك صعوبات وتحديات عديدة فقد ترك وظيفته في القسم العربي بالاذاعة الفرنسية فبعدما استقر به الحال وبدا ينظم وقته بين الدراسة والتحصيل والعمل الدؤوب حتي علم ان عليه أن يغادر فرنسا، وذلك بعد تاميم قناة السويس واصدار القرار المصري بطرد الخبراء الفرنسيين من مصر وبقرار مماثل تم طرد جميع العاملين المصريين المقيمين بفرنسا. وقرر الانتقال للعاصمة البريطانية حتى يكمل حلمه في دراسة فن الإخراج، وعندما قادت بريطانيا العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، كرد على تأميم القناة قرر هو أن يستقيل ويرجع إلى بلاده، مفضلا عدم الاستمرار في الدولة التي قتلت ودمرت الأسر المصرية. وعندما علم الرئيس جمال عبد الناصر بذلك كافأه على موقفه الوطني وقراره الشجاع وعينه مخرجًا ومذيعًا في البرنامج الثقافي بالإذاعة المصرية ليقدم برامج ثقافية عالية المستوى. وفي 24 من أبريل عام 2004 رحل الفنان الأستاذ، صاحب التاريخ الثري المليء بالاعمال المضيئة في تاريخ السينما المصرية بل والعربية.