عندما تشاهد إحدى مباريات الدورى العام المصرى، عبر الشاشة الصغيرة، تشعر لأول وهلة، إنها منقولة على الهواء مباشرة من دولة إفريقية فقيرة، ومن المؤكد ان جمهور الكرة المصرية لم يسلم من المُعاناة أثناء مشاهدة هذه المباريات بسبب البث التليفزيونى الردئ، أحياناً تقطيع فى الصوت والصورة، أو تشويش وسواداً يملأ الشاشة، وأحياناً الصوت يسبق الصورة، مما يبعث على الملل ويجعل من مشاهدة المباريات على الشاشة الصغيرة عذاباً يتعرض له عشاق كرة القدم . وما يزيد الطين بله، الإخراج الضعيف للمباريات، وبدلاً من مشاهدة لقاء كروى بطريقة جميلة وواضحة، تجعل من يجلس أمام الشاشة، مستمتعاً بما يراه، تفاجئ ببعض المُخرجين يجعلون من متابعة المباراة، عقاباً للمشاهدين، فقد تجد إعادة للقطه عادية جداً أثناء هجمة خطيرة لأحد طرفى المباراة، أو التركيز على لاعب بدون كرة خلال إعطاء إنذاراً أو طرداً للاعب أخر، أو تصيد الأخطاء لأى لاعب تم طرده او تبديله أثناء اللقاء، أو التركيز على غضب أحد المسئولين الجالسين فى المدرجات، أو يبحث عن شخص من أقاربه أو أصدقائه في المدرجات ليظهر على شاشة التلفاز. ناهيك عن الرتابة في وضع وتوزيع الكاميرات القليلة جداً المُستخدمة فى نقل المباراة، مما يبعث الملل والكآبة فى نفس المشاهد، وبذلك أصبح الإخراج التليفزيونى للمباريات، سبباً فى حيرة المُشاهدين مما يؤدى لعدم الإستمتاع بما يشاهدوه، وقد يتسبب مخرج المباراة بميوله فى تصدير المشاكل للاعبين والمسئولين المُنافسين للنادى الذى ينتمى إليه . وإذا إنتقلنا لاستوديو التحليل، فسوف تجد العجب من بعض الضيوف، ممن إعتزلوا كرة القدم ولم يمارسوا مهنة التدريب مطلقاً، يسهبون فى حديثهم وتحليلهم للمباراة بأن أحد طرفى اللقاء قدم مباراة رائعة، وبصمات مديره الفنى واضحة على أداء الفريق، وإذا إنتقلت بالريموت لأستوديو أخر، لنفس المباراة، سوف تجد مجموعة أخرى ممن لم يمارسوا مهنة التدريب يتحدثون عن نفس الفريق الذى قدم مباراة رائعة، بطريقة مختلفة تماماً، ويرجع ذلك لأن تقييمهم للفرق المختلفة، لا يعتمد على أسس علمية فى التحليل، وبدون أى خبرة، ولا يستند إلى أى إحصائيات، وفى الغالب يكون تقييمهم على حسب النتائج الايجابية . أما إذا كان بعض ضيوف وأعضاء فريق التحليل، داخل نفس الاستوديوهات، ممن مارسوا مهنة التدريب من قبل، تجدهم ينتقدون المدير الفنى للفريق الخاسر، ويشرحون سبب خسارة فريقه، بأنه لم يتعامل مع المباراة بحنكة، ولم يُحفز لاعبيه على الاداء بجدية، ولم يقوم بتحفيظهم جملة خططية واحدة، وأنه كان فى مقدوره ان يخرج فائزاً بالمباراة، لولا أخطاؤه التى جعلته يخرج مهزوماً. نفس المُدربين الجالسين فى الاستوديو التحليلى وينتقدون الجميع، تحكمهم أهواء شخصية فى بعض الأحيان، أو تجدهم كانوا سبباً فى هبوط الفرق التى تولوا تدريبها إلى الدرجة الأدنى، أو تم إقالتهم من مناصبهم لتراجع نتائجهم، أو غير مطلوبين فى سوق التدريب، مما يجعل تحليلهم الفنى للمباراة غير مُقنع تماماً للمشاهدين. المثير للدهشة، أن يتحول بعض ضيوف وأعضاء ومقدمى استوديوهات التحليل إلى مشجعين للأندية، فقد تجدهم فى قمة الحزن عند خسارة الفريق الذى ينتمون له، والعكس صحيح، تجدهم فى قمة السعادة عند فوزه، ويتمادون فى التعبير عن فرحتهم بطريقة مُستفزة، دون مراعاة لجمهور الفريق المهزوم، ليتحول الاستوديو من التحليل إلى "التهليل" ثم تفاجئ بهم يتحدثون عن الحيادية ونبذ التعصب، مع أنهم سبباً رئيسياً فى زيادة حدة التعصب بين الجماهير. على النقيض تماماً، هناك عدداً قليلاً من ضيوف وأعضاء استوديوهات التحليل نستمتع بهم لإنهم يتحدثون بحيادية تامة، ويقدمون تحليلاً وتقييماً للمباريات، فيه إحتراماً لعقول المشاهدين مما يمنحهم فرصة توسيع ثقافتهم الرياضية بأسلوب محترم، ولغة سليمة، بعيداً عن لون الفانلة والإثارة والتهليل، ولذلك يتمتعون بإحترام وتقدير جمهور الكرة المصرية، بمختلف إنتماءاته.