* قبل 167 عاما.. محمد علي باشا علم أولاد الشوارع اللغة الفرنسية.. وأرسل منهم "خبراء" للعالم * الدسوقي: «محمد علي» استخدم أطفال الشوارع في الصناعة * ألزم أصحاب الحرب بتسليم الأطفال المتواجدين بحواريهم لتأهيلهم * يجب إلزام أصحاب المصانع و المزارع لحاليين بتشغيل أولاد الشوارع بعد تأهيلهم * الشربيني: "محمد على" كان لديه مشروع سياسي كبير * مشروعات التنمية وبناء الجيش الحديث وراء قبض محمد علي باشا على اولاد الشوارع * قبض على أطفال الشوارع بعد هرب المصريين من التزاماتهم نحو الدولة * يمكن تكرار التجربة في عصرنا بشروط أثبتت التجارب السابقة في التاريخ الحديث أن العنصر السكاني ثروة بشرية يمكن أن يكون آداة لدفع البلاد نحو التقدم، عن طريق استغلال هذه القوى المدفونة، وقد تكمن هذه الثروة أيضا بين أطفال الشوارع عن طريق اعادة تأهيلهم الاستفادة منهم وبدلا من أن يكونوا عنصرا يهدد المجتمع يمكن أن يتحولوا لثروة، و\آداة لتقدمه كما فعل محمد على باشا مع أطفال الشوارع قبل 170 عاما من الآن. على خلفية ذلك أولى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، اهتماما واضحا لأولاد الشوارع، بعد أن طرح قضية أطفال الشوارع خلال حديثه بذكرى المولد النبوي الشريف بقاعة مؤتمرات الأزهر، ووجه البرلمان بدراسة هذه القضية لحاها، وذلك خلال الخطاب الذي ألقاه خلال احتفالية جامعة الأزهر بالمولد النبوي الشريف. ورصد"صدى البلد" آراء مؤرخو العصر الحديث، في الكيفية التي تعاملت بها مصر التاريخية مع أطفال الشوارع، وهل يمكن تكرارها الآن؟ في هذا الإطار قال الدكتور عاصم الدسوقي، استاذ التاريخ الحديث، إن أطفال الشوارع الذين جمعهم محمد على للاستفادة منهم في الصناعة لم يكونوا مثل أطفال الشوارع اليوم، مشيرا إلى أن محمد على استعان بصبية الحرفيين والعمال لتشغيلهم في ورش أميرية للحكومة والاستفادة من خبراتهم. وأضاف "الدسوقي" في تصريح ل"صدى البلد" أنه في أواخر القرن التاسع عشر كانت كل طائفة مسئولة عن حرفة ما، وكان الأطفال يعيشون داخل الحارة وفي الشارع، وعندما أراد محمد علي إقامة مصانع ومزراع ألزم شيوخ الطوائف أن يسلموا الصبية للعمل بالمصانع. وأوضح أن أطفال الشوارع بمصر من الممكن أن يتم الاستفادة منهم وافادتهم في نفس الوقت بتأهيلهم في مختلف المجالات بعد إلزام اصحاب المصانع والمزارع بضمهم للتدريب والتأهيل على العمل بمختلف التخصصات سواء الحكومية أوالخاصة، مشيراً إلى أن أطفال الشوارع يعدوا قوة ضخمة غير مستخدمة. من جانبه أكد الدكتور، الشربيني أحمد، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، أنه يمكن تكرار تجربة محمد على مؤسس مصر الحديثة في الاستفادة من أطفال الشوارع في عصرنا الحالي بشروط، تتمثل في إعادة تأهيل وإلحاق الأطفال بالحرف والصناعات المختلفة، وتوفير بندا خاص بالميزانية العامة للدولة لاعادة تأهيلهم. ولفت "الشربيني" في تصريح ل"صدى البلد" إلى أن تكرار هذه التجربة يحول أطفال الشوارع من مواطن يشكل عبء على الدولة إلى منتج، وهو ما يمكنه من الانخراط بالمجتمع. وقال "الشربيني" إن عصر محمد على لم يشهد ظاهرة لأطفال الشوارع بهذا الشكل الذي نراه في العصر الحالي، ولكنه عندما احتاج إلى تنفيذ مشروعه استخدم هؤلاء الأطفال لإتمامه. وأضاف "الشربيني" أن محمد على كان لديه مشروع سياسي كبير،حيث فتح في ذلك الوقت مجالات تنمية كثيرة في الصناعة و الزراعة و أراد حينها أيضا بناء جيش مصر الحديث، و تنفيذ هذه المشاريع القومية كان بحاجة لطاقة بشرية ضخمة، بينما كان المصريين آنذاك يهربون من هذه الالتزامات إلى حد أن بعضهم كان يصيب نفسه بعاهة أو يختلك أعذارا بطريقته الخاصة حتى لا يلتحق بالعمل في هذه المشروعات، فما كان من محمد علي باشا إلا أن أصدر اوامره الرسمية بجمع اولاد الشوارع وو تدريبهم و تأهيللهم و تشغيلهم في هذه المشروعات التنموية. من التشرد بالشوارع إلى السفراء قصة محمد علي باشا مع أولد الشوارع باختصار بدأت قبل 167 سنة.. أولاد الشوارع مثلوا أيضا مشكلة أرقت الدولة المصرية آنذاك، فكانت ظاهرة أطفال الشوارع بالنسبة لمحمد على باشا كارثة يجب حلها فى أسرع وقت. ووفقا للمصادر التاريخية، في ذلك التوقيت حوالى 300000 متشرد فى شوارع المحروسة سببوا صداعا في رأس محمد علي باشا، كان العدد كفيل بإحداث كارثة من وجهة نظرة فكان يدرك أن هؤلاء سيكونون السبب الرئيسى فى إسقاط الدولة المصرية العظمى التى كانت حلم محمد على. الحاكم المصري قبض عليهم جميعاً، لم يترك أياً منهم فى الشوارع واعتقلهم فى الصحراء بمعسكر قرب الكلية الحربية التى كان قد أنشأها فى أسوان. وقد كان سليمان باشا الفرنساوى وقتها قائد الجيش فأتى بأعظم المدربين الفرنسيين فى شتى المهن والحرف اليدوية ليعكفوا على تدريب وتعليم هؤلاء المشردين ذكوراً وإناثاً فى مدة 3 سنوات أو أكثر ليخرج لمصر أعظم الصناع المهرة في التاريخ الحديث. أجادوا جميعهم الحرف اليدوية وأيضاً اللغة الغرنسية والعربية، واحتفظ محمد على بالنوابغ منهم واستعان بهم فى إنشاء مصر الحديثة وأرسل منهم خبراء للدول التى كانت تفتقر تلك الحرف وأنشأ لهم الموانئ التى ستساعدهم فى تصدير إنتاجهم إلى الدول الأخرى المطلة على البحر الأبيض المتوسط. ومن هؤلاء الحرفيين المهرة والد عبد الله النديم الكاتب والشاعر وخطيب الثورة العرابية فقد عينه محمد على رئيس للنجارين فى الأسطول البحرى الذى أنشأه وفتح به بلداناً كثيرة.