يحيي العالم اليوم الدولي للمرأة الريفية 2015، حيث تعتمد المرأة الريفية في الغالب على الموارد الطبيعية والزراعة لكسب عيشهم، ويشكلن أكثر من ربع مجموع سكان العالم.. وفي البلدان النامية تمثل المرأة الريفية حوالي 43 % من القوة العاملة الزراعية، وينتجون الكثير من المواد الغذائية المتوفرة ويعدونها، مما يجعلهم المسؤولين الأساسيين عن الأمن الغذائي. وإذ وضع في الاعتبار أن 76 % من الذين يعيشون في فقر مدقع، يتواجدون في المناطق الريفية، فإن ضمان وصول المرأة الريفية إلى الموارد الإنتاجية الزراعية يسهم في خفض الجوع والفقر في العالم، ويجعل المرأة الريفية عنصرا هاما لنجاح جدول أعمال التنمية المستدامة الجديد لعام 2030. وقد حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها 136/62 في ديسمبر 2007، اعتبار يوم 15 أكتوبر يوما دوليا للمرأة الريفية، وذلك تسليما منها بما تضطلع به النساء الريفيات، بمن فيهن نساء الشعوب الأصلية، من دور وإسهام حاسمين في تعزيز التنمية الزراعية والرريفية وتحسين مستوى الأمن الغذائي والقضاء على الفقر في الريف. وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالتة بهذه المناسبة إلي إن الاحتفال هذا العام باليوم الدولي للمرأة الريفية وبعد شهر واحد فقط من الاعتماد التاريخي من جانب زعماء العالم لجدول أعمال التنمية المستدامة عام 2030.. إن التحدي الذي يواجهنا الآن هو اغتنام الفرصة التي يتيحها هذا الإطار الجديد والمثير لتغيير حياة المرأة الريفية، إن المرأة الريفية هي جزء أساسي وهام للبشرية، وأنها تلعب دورا حاسما في ضمان سبل العيش المستدامة والأمن الغذائي لأسرهم وقراهم، وعملهم هو أمر أساسي ليس فقط لتنمية الأسر الريفية والاقتصادات المحلية، ولكن أيضا في الاقتصادات الوطنية خلال مشاركتهم في سلاسل القيمة الزراعية، ومع ذلك تتأثر المرأة الريفية على نحو غير متناسب من الفقر ويعانون من التمييز والعنف وانعدام الأمن في أشكال مختلفة. وأضاف مون أنه وبعد 15 عاما من الجهود المبذولة في إطار الأهداف الإنمائية للألفية، وتحسين وضع المرأة الريفية كان محدودا للغاية، إن المرأة الريفية أسوأ حالا من الرجال والنساء في المناطق الحضرية وفقا لجميع مؤشرات الأهداف الإنمائية للألفية التي تتوافر عنها البيانات، لقد حان الوقت لعكس هذا الوضع.. إن الأهداف الجديدة للتنمية المستدامة يستند في المقام الأول على المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وأحد الأهداف هو مضاعفة الإنتاجية الزراعية وزيادة دخل صغار منتجي الغذاء، وبخاصة النساء. وفي الواقع إن مساهمة النساء الريفيات يعد أمر حيوي لتحقيق كل ما يقرب من الهدف 17 الانمائي.. ولتحسين أوضاع المرأة الريفية في السنوات ال 15 المقبلة، يجب علينا الاعتماد على الدروس المستفادة من تنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية.. إن الفقر المدقع هو ظاهرة سائدة في المناطق الريفية.. وحتى يتسنى للمرأة الريفية أن تساهم في التنمية المستدامة والاستفادة منه، يجب علينا بناء أنظمة مرنة للحماية الاجتماعية وأسواق العمل والمنتجات، ومؤسسات الحكم ومنظمات المجتمع المدني. ودعا مون في اليوم الدولي للمرأة الريفية قائلا "هو الوقت المناسب لإعطاء صدى أكبر لأصوات وخبرات المرأة الريفية في جميع أنحاء العالم الآن.. دعونا نفي بالتزامنا لخلق فرص للمرأة الريفية في جميع الأهداف ذات الصلة وتعزيز التقدم للجميع". وتضطلع المرأة الريفية بدور حاسم في الاقتصادات الريفية للبلدان المتقدمة والبلدان النامية على السواء.. حيث تشارك المرأة الريفية في معظم أنحاء العالم النامي، في إنتاج المحاصيل ورعاية الماشية وتوفير الغذاء والماء والوقود لأسرتها، والإنخراط في الأنشطة غير الزارعية لتنويع سبل العيش لأسرهن. ويقمن، بالإضافة إلى ذلك، بمهام حيوية في رعاية الأطفال والمسنين والمرضى. إن تمكين المرأة الريفية والدور الذي تضطلع فيه في القضاء على الفقر والجوع، ودورها في التنمية مواجهة التحديات الحالية. إن العالم بأجمعه يعترف اليوم بالإسهامات الهامة للنساء الريفيات، ومنهن نساء الشعوب الأصلية، في التنمية.. فالمرأة الريفية هي مزارعة وصائدة أسماك وراعية ماشية وصاحبة أعمال؛ وهي حافظة للهويات الإثنية والمعارف التقليدية والممارسات المستدامة؛ وهي مقدمة للرعاية وأم وولية أمر، وهي عنصر أساسي في التنمية الزراعية، والأمن الغذائي والتغذوي، وإدارة الموارد الطبيعية. وفي البلدان النامية، تضطلع المرأة الريفية بمعظم الأعمال الزراعية، ولكنها تعاني من العمل في أسوء الظروف مقابل أجور متدنية وفي ظل حماية اجتماعية ضئيلة أو دونها.. والمرأة الريفية تنتج معظم الأغذية في العالم، ولكنها تحرم في غالب الأحوال من حيازة الأراضي ومن خدمات القرض والأعمال التجارية اللازمة لها من أجل الازدهار.. وهي المستخدمة الرئيسية للموارد الطبيعية المحلية والقيمة الأساسية عليها، ولكن لا يتاح لها إسماع صوتها في الهيئات الوطنية والمحلية التي تتخذ القرار بشأن كيفية استخدام تلك الموارد.. وهي مقدمة الرعاية وربة المنزل، ولكنها نادرا ما تتقاسم هذه المسؤوليات بالمساواة مع الرجل ونادرا ما تدلي بدلوها في اتخاذ قرارات الأسرة الكبرى. وقد تعهدت الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال مؤتمر القمة المعني بالأهداف الإنمائية للألفية الذي عقد في نيويورك بكفالة المساواة في وصول المرأة الريفية إلى الموارد الإنتاجية والأراضي والتمويل والتكنولوجيات والتدريب والأسواق. والتزمت أيضا بمشاركة المرأة الريفية في التنمية الوطنية مشاركة تامة ومتساوية، ليس فقط بصفتها مجرد مستفيدة بالمساواة مع غيرها، بل أيضا بصفتها شريكة بالمساواة مع غيرها. ووفقا لإحصائيات منظمة ال"فاو" تمثل المرأة، في المتوسط، 43 % من قوة العمل الزراعية في البلدان النامية، وما يزيد عن 20 % في أميركا الشمالية. وتحصل المرأة في قطاع الزراعة والمناطق الريفية على موارد الإنتاج وعلى الفرص بصورة أقل من الرجل.. وتوجد الفجوة بين الجنسين فيما يتعلق بأصول ومدخلات وخدمات كثيرة وتفرض تكاليف على قطاع الزراعة، والاقتصاد الأوسع نطاقاً، والمجتمع، وكذلك على المرأة ذاتها. وتشير الشواهد إلى أن زيادة الفرص المتاحة للفتيات والنساء لا تؤدي إلى تحسين وضعهن في المجتمع فحسب وإنما أيضاً يكون لها تأثير مهم على الفعالية الإنمائية بشكل عام.. وتشير الشواهد أيضا إلى أنه عندما تكون هناك مساواة نسبية بين الرجل والمرأة، فإن نمو الاقتصادات يتحقق على نحو أسرع، ويتسنى للفقراء الخلاص بسرعة أكبر من براثن الفقر، وتعزيز رفاهية الرجال والنساء والأطفال. وتبين الدراسات أيضاً أن من شأن تعليم الأمهات تحسين صحة أطفالهن، وتخفيض معدلات الخصوبة.. وتظهر الدراسات أيضاً أنه عندما يكون لدى المرأة قدر أكبر من التحكم في دخل أسرتها أو أصولها الإنتاجية، فإن الوضع الكلي للأسرة يشهد تحسناً، فعلى سبيل المثال في البرازيل، تكون للدخل الذي تتحكم فيه الأمهات أربعة أضعاف الأثر الإيجابي على تغذية الأطفال (يقاس ذلك بنسبة الطول إلى العمر) عما إذا كان الآباء هم المتحكمين في هذا الدخل. وفي أفريقيا جنوب الصحراء، نجد أن نسبة كبيرة من النساء تعمل في قطاع الزراعة. وإذا ما استطاعت المرأة المشاركة في قطاع الزراعة على قدم المساواة مع الرجل، فمن الممكن أن يرتفع الإنتاج الزراعي الكلي بما نسبته 20%. وفي مصر تشير تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء ، تقرير وضع المرأة والرجل في مصر لعام 2011 ، حيث وجد أن 42.8% من النساء تعملن في القطاع الزراعي، وتصل النسبة في الريف إلى 65.9%، كما تعملن النساء بقطاع الإدارة العامة والتعليم والصحة والخدمات الشخصية، مقابل ذلك تزيد نسبة مساهمة الرجال في نشاط الصناعات التحويلية، ونشاط التشييد والبناء. وهذه الظاهرة تعكس اتجاهين الأول قد يرجع إلى العادات والتقاليد المتوارثة في المجتمع وتشجع النساء على العمل قي قطاعات معينة مثل التدريس والتمريض وأعمال المنزل وتشجع الرجال على العمل في الصناعة والتجارة، أما الاتجاه الثاني هو انخفاض المستوى التعليمي للنساء عن الرجال. كما إحتلت نسبة النساء المزارعات المرتبة الأولي بين ذوى المهن 43%، تليها نسبة النساء من الأخصائيات وأصحاب المهن العلمية 22.9% ثم الفنيات 13.7% ، ثم نسبة القائمات بالأعمال الكتابية 4.6%، بينما أقل مرتبة تحتلها نسبة النساء العاملات في مهنة الحرفيون 1.4% وذلك عام2010. كما لوحظ أن نسبة العاملات لدى الأسرة بدون أجر 22.7% لإجمالي الجمهورية، وترتفع نسبتهن في الريف 37% ونظراً لكون هذا العمل ليس له عائد نقدي فإن عمل المرأة بهذه النسبة المرتفعة في أعمال خاصة بالأسرة وبدون أجر نقدي يقلل من مردود ذلك العمل عليه.. كما لوحظ أيضاً انخفاض نسبة صاحبات الأعمال عن الرجال حيث تبلغ 2.4% للنساء مقابل 16.7% للرجال وهو ما يؤكد أن موارد المرأة في الغالب أقل من موارد الرجال مما يقلل من قدرتها على إقامة مشروعات تملكها وتقوم بإدارتها.. كما بلغت نسبة النساء اللاتي يعملن بأجر نقدي 40.3% من النساء. هذا وقد اتضح أن القطاع الخاص هو القطاع السائد لأغلب المشتغلين وترتفع نسبة مساهمة الرجال المشتغلين عن النساء المشتغلات لهذا القطاع 74.7 % للرجال مقابل 59.3% للنساء، فيما يتعلق بالقطاع الحكومي فيأتي في المرتبة الثانية حيث بلغت نسبة النساء المشتغلات بالقطاع الحكومي 37.8% كما بلغت نسبة الرجال المشتغلين في نفس القطاع 19.3% ويرجع ذلك إلى تفضيل النساء العمل بالقطاع الحكومي لتوفر الأجازات لرعاية الأطفال، ثم يأِتي القطاع العام في المرتبة الثانية فيعمل به نسبة ضئيلة من النساء 1.4% و3.7% من الرجال، أما بالنسبة لقطاع الاستثمار والتعاونيات والاجنبي فيحتل المرتبة الأخيرة لكل من عمل النساء 1.5 % والرجال 2.3% . وفيما يتعلق بالقطاع غير الرسمي فيعمل به من النساء 47.8% مقابل 52.2% يعملن بالقطاع الرسمي عام 1995، تنخفض هذه النسبة لتصبح 46.7% من النساء يعملن بالقطاع غير الرسمي مقابل 53.3% بالقطاع الرسمي عام 2010، ولاحظ أن أغلب المشتغلات في الحضر يعملن بالقطاع الرسمي 93% بينما لا يعمل سوى 6.9 % منهن بالقطاع غير الرسمي عام1995، بينما في عام 2010 انخفضت نسبة المشتغلات في القطاع الرسمي إلى 87.4% مقابل 12.6% بالقطاع غير الرسمي. ووجد أن أغلب النساء في الريف يعملن في العمل الأسري غير مدفوع الأجر بنسبة 62.6% بينما بلغت نسبتهما في الحضر 41.3%، كما بلغت نسبة النساء العاملات بأجر نقدي في الحضر 14.9% بينما لا تتجاوز 4.1% في الريف.