كلما شاهدت تلك الوجوه من الإعلاميين الذين يطلون علينا يوميا عبر شاشات بعض الفضائيات، وهى تمارس هجومها الممنهج على الدولة، وعلى رئيس الدولة والتقليل من حجم ما يجرى من انجازات كبرى بأسلوب أقل ما يمكن أن يوصف به أنه "فعل إعلامى فاضح"، فإننى أتذكر على الفور "محجوب عبد الدايم" تلك الشخصية المحورية فى الرواية الشهيرة "القاهرة 30" للكاتب الراحل نجيب محفوظ، والتى قدمتها السينما المصرية عام 1966 فى فيلم يحمل نفس الاسم للمخرج الراحل صلاح أبو سيف. فتلك النوعية من الإعلاميين يربطها بمحجوب عبد الدايم صفة واحدة وهى "التفريط" فى كل شيء من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية حتى لو كان الثمن التفريق فى شرف المهنة إن كان لهم شرف أصلاً، فالرواية تقول إن "محجوب" دفعته الرغبة فى الثراء وتحقيق مكانة اجتماعية مرموقة الى التحول من النقيض الى النقيض بما فى ذلك موافقته بمحض إرادته على أن يقدم زوجته للباشا الذى كان يمتلك السلطة والنفوذ لتصبح "عشيقته" ويمارس معها الرزيلة مقابل وظيفة "محترمة" بمرتب لم يكن يحلم به.. فيحقق المكانة المرموقة التى كان يتمناها، ولكنها فى حقيقة الأمر مجرد مكانة "وهمية" لم تساعده حتى على أن يتخلص من تلك "القرون" التى أصبحت تلازمه باستمرار ويراها الناس رأى العين بعد أن غاصت قدماه فى "الوحل"، وتحولت القرون الى "ماركة مسجلة" له أينما ذهب. نفس الشيء تفعله الآن تلك النوعية من الإعلاميين الذين يبيعون أنفسهم عبر شاشات الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة، فمن أجل إرضاء رجال الأعمال الذين يمتلكون تلك المؤسسات التى يعملون بها نجدهم وقد تنازلوا عن مبادئهم وتوجهاتهم التى كانوا يؤمنون بها من قبل ليصبحوا بقدرة قادر ألد أعداء الدولة بعد ان كانوا بالأمس القريب من أشد المؤيدين للنظام الذى تشكلت ملامحه فى اعقاب ثورة 30 يونيه الشعبية. إذا لم يكن الأمر على هذا النحو، وكنت لا سامح الله متجنياً على هؤلاء الإعلاميين "المتحولين" الذين يبثون سمومهم يوميا عبر وسائل الإعلام، فبماذا يمكن أن نصف ما نسمعه منهم عبر بعض الفضائيات ونقرأه فى صحفهم منسوباً اليهم باعتبارهم من أهل النخبة ؟ .. أليس عدد غير قليل منهم قد حقق شهرته الحالية من خلال "تجاوزه" فى حق الدولة وبيعه لنفسه ولمبادئه وربما "شرفه" لمن فى يده الأمر والنهي. [email protected]