اتخذ العرب قرارا إستراتيجيا بألا يكونوا مرة أخرى في مرمى المصالح الأمريكية . حزب التجمع اليمني للإصلاح يمثل تهديدا للسعوديين عقب إزاحة الحوثيين
. "عاصفة الحزم" أحيت موات العرب ووحدتهم بعد أن ظن الجميع أنهم في سبيلهم للتقسيم
. المقارنة بين اليمن وسوريا ممكنة فالبلدان تحت عبء صراع قبلي وطائفي ويضمان فصائل مسلحة تتلقى الدعم الخارجي
. مشروع خط الغاز الإسلامي يجعل من بقاء النظام السوري ضرورة حتمية بالنسبة لطهران
لم تكن "عاصفة الحزم" مجرد رغبة في استعراض عسكري لقوة عظمى على غرار ما حدث من أمريكا تجاه العراق ليس ذلك هدفا لتحالف ضم تسع دول عربية بالإضافة باكستان تحت شعار معلن هو دعم شرعية رئيس طرد من قصره وحوصر منزله وفر من العاصمة . والسؤال ..لماذا انطلقت تلك العاصفة من المملكة وتولت بنفسها قيادة أعمالها أرى أن ذلك يعود لثلاثة أسباب لا رابع لهما أولا: المملكة اليوم أمام معضلتين فمن جهة يهدد الحوثيون المملكة من حدودها الجنوبية، في نزاع استمر منذ حرب شنتها السعودية على الحوثيين في سلسلة من الاشتباكات العسكرية عبر الحدود في عام 2009 وثانيا من جهة أخرى تقف المملكة خصماً لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي أطلق هجماته على المملكة منذ حين. إخوان اليمن ويضاف لكل ما سبق أن أكبر تجمع سني في اليمن هو "حزب التجمع اليمني للإصلاح" ويمثل تهديدا آخر لسعي السعوديين لتحقيق الاستقرار في المنطقة،في ضوء استراتيجية المملكة للقضاء على الجماعات الإسلام السياسي مثل الإخوان المسلمين وتوابعها لذا فإن السعودية حالياً عليها أن تختار ما بين أمرين أحلاهما مر. وبين عشية وضحاها قوضت سيطرة الجماعة الحوثية على صنعاء الخطوات الكبيرة التي حققها اليمن نحو المصالحة الوطنية؛ ففي نوفمبر من عام 2011 وافق صالح -الذي حكم اليمن منذ عام 1978- على التنحي تحت ضغط الاحتجاجات التي أبرزتها ثورة الربيع العربي في اليمن، حيث أُجبر صالح على توقيع اتفاق توسطت فيه دول مجلس التعاون الخليجي لنقل السلطة إلى نائبه هادي لكن دائما لاتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. سوريا واليمن وبعد ان أحيت عملية عاصفة الحزم موات التكامل العربي ووحدت صفهم بعد أن ظن الجميع أنهم في سبيلهم للتقسيم والفرقة فقد بات من الممكن أن نطرج تساؤلات عن المحطة القادمة فإن عزم التحالف الوليد الذي يمثل ناتو عربيا جديدا يؤكد أنه لا مجال للفشل في مهمة تحرير اليمن من نفوذ إيران وتنظيم القاعدة.
وهنا تبدو المقارنة بين اليمن وسوريا ممكنة فالوضعان المنهاران في البلدين متشابهان فكلا البلدين واقعان منذ فترة طويلة تحت عبء الصراع القبلي والطائفي، كما أن اليمن وسوريا يضمان على أرضهما فصائل مسلحة تتلقى الدعم الخارجي كما أن الحكومة المركزية في الدولتين فقدت السيطرة على الأرض فضلاً عن وجود جماعات إرهابية متناحرة حيث يتمركز تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في اليمن ويحاول استغلال الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة وهذا هو مسلك تنظيم داعش الذي يحتل مساحة لا يستهان بها من الأراضي السورية الخلاصة أن القاسم المشترك الذي يجمع البلدين هو إيران فالحوثيون كوكلاء إيرانيين، هدفهم تطويق الممالك السنية بالدول الشيعية المتحالفة مع إيران من بيروت إلى الخليج .
وتعد سوريا في نظر السعودية المثال الأوضح للمساعي الإيرانية للتدخل في السياسات الإقليمية لتعزيز عدم الاستقرار في المنطقة، وتعتبر أن إيران تعمد إلى دعم نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا وحزب الله في سورياولبنان كأدوات لتحقيق مطامعها. خط الغاز الإسلامي لكن ما هي أطماع إيران في سوريا والإجابة في ملف الطاقة حيث تمتلك إيران ثاني أكبر احتياطي من الغاز بعد روسيا وتسعي الجمهورية الإسلامية إلي توسيع دائرة زبائنها لكسر الحصار الغربي المتزايد عليها و زيادة مواردها الاقتصادية لذلك يمثل مشروع خط الغاز الإسلامي أحد أكبر المشروعات الاستراتيجية لتصدير الغاز إلي العراقوسورياولبنان ومن ثم يمتد في المستقبل إلي أوروبا كما تخطط طهران.
إذن هذا المشروع يجعل من بقاء النظام السوري ضرورة حتمية بالنسبة للجمهورية الإسلامية لتأمين مشروعها الاستراتيجي وضمان استمرار دور حزب الله السياسي و الأمني في لبنان علي المدي البعيد لذا فإن أمن إيران الاقتصادي المُهدد بشكل متزايد يجعل من أمن الطاقة في سوريا لدي صناع القرار الإيرانيين .
لقد أعلنت عملية عاصفة الحزم عن تحرير العالم العربي من سطوة إيران وأن ما حدث وسيحدث في اليمن مؤهل للتكرار في سوريا بل والعراق فقد اتخذ العرب قرارا استراتيجيا بألا يكونوا مرة أخرى في مرمى المصالح الأمريكية وتحالفها الواضح مع الجمهورية الإسلامية كما قرر العرب أن يستخدموا الشرعية الدولية لا أن يعتمدوا عليها لقد قدم العرب أنفسه كقوة إقليمية جديدة قادرة على إجبار الجميع على احترام مصالحها.