رغم تشكيك الكثيرين فى نوايا النظام القطرى ومدى التزامه بفتح صفحة جديدة مع مصر الا أن ما تحقق وما سوف يتحقق خلال الفترة المقبلة على صعيد المصالحة يعتبر بمثابة صفعة جديدة على وجه تنظيم الاخوان وضربة موجعة لم تكن متوقعة بالنسبة لهم. لقد ظل النظام القطرى لسنوات طويلة هو البيئة الحاضنة والمحرضة لتنظيم الاخوان ولعبت خلالها قناة الجزيرة القطرية دورا خبيثا فى اثارة الرأى العام فى مصر ضد نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك نكاية فى الرجل شخصيا وتمهيدا للطريق أمام صعود نجم الاخوان كتنظيم سياسى منظم ليكون بديلا عن نظام مبارك ضمن مخطط الشرق الاوسط الجديد الذى تسعى الولاياتالمتحدة لفرضه على المنطقة خدمة لمصالحها ومصالح الكيان الصهيونى. ومنذ اليوم الأول لثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو ضد حكم الاخوان الفاشى التكفيرى سقط القناع من فوق وجه النظام القطرى واصبح بشكل معلن وصريح هو البيئة الحاضنة للارهاب ولتنظيم الاخوان الارهابى وهو الممول فى كثير من الاحيان لارهاب قادم عن طريق حماس او عن طريق عناصر الاخوان بالداخل ذهب ضحيته أبرياء وشهداء سالت دماؤهمالذكية الطاهرة نتيجة أعمال الارهاب الغادر الذى شهدته البلاد من 30 يونيو بدعم قطرى صريح ماديا واعلاميا. ولاشك أن مصر كان لها شروطا محددة لاتمام المصالحة مع النظام القطرى من الطبيعى الا يعلن عنها رسميا فى وسائل الاعلام من مؤسسات الدولة ولكن بالطبع يمكن أن نتصور أو نستشف هذه الشروط والتى يأتى فى مقدمتها وقف كل أعمال دعم الارهاب التى تمارسها قطر ضد مصر وتشمل وقف الحملات الاعلامية واغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر وطرد قيادات الاخوان من قطر وتسليم السلطات المصرية كل العناصر الاخوانية المطلوبة والهاربة فى قطر للمثول أمام القضاء المصرى النزيه. بالاضافة لقطع كل أشكال التمويل القطرى المباشر وغير المباشر الذى يصب فى دعم الارهاب ضد مصر سواء كان تمويلا لحركة حماس التى دعمت من خلاله جماعات الارهاب فى سيناء أو سواء كان تمويلا لجماعة الاخوان وقياداتها تحت أى مسمى. وبالطبع يأتى التعاون الأمنى المشترك فى مواجهة الارهاب ومد مصر بكل المعلومات الامنية عن الاشخاص واعمال الارهاب التى تعلم قطر عنها الكثير فى مقدمة الشروط المصرية للمصالحة وأيضا هذا التعاون سيكون بمثابة اختبار لحسن النوايا القطرية فى التعامل مع ملف المصالحة واغلاق صفحة الماضى. وفى الحقيقة فأن هذه المصالحة تعتبر انهيارا للرهان الاخوانى على وقوف النظام القطرى بأمواله وذراعه الاعلامية فى خندق واحد مع الاخوان ضد الشعب المصرى وثورته ونظام الحكم الذى اختاره وارتضاه. والسؤال الآن ما موقف جماعة الاخوان ولاسيما انها ستفقد - الى حد كبير- الجزء الاكبر من الدعم المالى الذى كان يأتيهم من قطر بالاضافة لوقف وتجفيف منابع تمويل الارهاب بسيناء الذى راهن الاخوان على نجاحه فى زعزعة استقرارا البلاد ؟ لا شك أن هذه الضربة ممكن أن تشكل مرحلة جديدة للجماعة قد تجعلها أو تجعل العقلاء بداخلها يسعون لتغيير تكتيكات التعاطى السياسى مع الأحداث والاستسلام للأمر الواقع الذى ارتضاه الشعب ومن ثم وقف أعمال الارهاب والتصعيد فى الجامعات وغيرها والبحث عن صيغة جديدة للتعايش والعمل السياسى الشرعى ولا سيما أن خطوة المصالحة المصرية القطرية قد تكون بداية لسلسلة من التوافق المصرى مع أنظمة أخرى تدعم الجماعة منها تركيا على سبيل المثال. ومع ذلك فيقينى أن القيادات الحالية للجماعة فى السجون لن تتوقف عن التصعيد وتحريض عناصر الجماعة على مزيد من التصعيد تحت نفس الشعارات المضللة التى تمارسها وذلك بهدف الضغط على النظام بورقة عدم الاستقرار الأمنى والاقتصادى من أجل عقد صفقة لخروجهم من السجن والسماح لهم بممارسة العمل السياسى من جديد مقابل اعترافهم بالأمر الواقع. ولكن هل ينتصر التيار العقلانى داخل هذه الجماعة التى نشأت فكرتها على السمع والطاعة العمياء وتنفيذ التعليمات وأوامر القيادات باعتبارها تكليفا من السماء ؟ ظنى أن الاجابة ستكون بلا..ودليلى على هذا أن التركيب السياسى والبنائى لهذه الجماعة التكفيرية الارهابية يختلف عن البناء السياسى والتنظيمى للأحزاب السياسية التى يمكن ويجوز لها الانقلاب على رئيس الحزب وعزله من منصبه حيث تمثل طاعة مرشد الجماعة جزءا رئيسيا من "ايمان " و"اسلام" عضو الجماعة ويقترب الخروج على المرشد من الخروج على الاسلام نفسه بل أن قسم قبول العضوية بالجماعة أو ما يسمى "البيعة" تشمل القسم على طاعة قادة الجماعة وتنفيذ تعليماتهم. وما الحل من حالة الاحتقان التى نعيشها وما يتبعها من غياب الاستقرار الأمنى والاقتصادى ؟ من وجهة نظرى لابد أن يعلن النظام الحاكم قرارا رسميا جريئا بحل جميع التنظيمات الدينية أو التى تتستر بالدين وفى مقدمتها جماعة الاخوان وأن يعلن رسميا بأن الأزهر الشريف هو المؤسسة الوحيدة المنوط بها جميع الشئون الدينية مع تفعيل الدستور الجديد بحل الأحزاب التى تتستر وراء الدين وفى مقدمتها حزبى النور والبناء والتنمية وبالطبع حزب جماعة الاخوان الذى صدر حكم قضائى بالفعل بحله. وايضا تجريم كل من يشكل مثل هذه الجماعات او التنظيمات حتى لو كانت سلمية لأنها فى النهاية تكفيرية وقنابل موقوتة تنتظر الانفجار فى أى لحظة وتدمر مصر وشبابها بأفكارها التكفيرية الاقصائية التى تسيء للاسلام وتنخر فى جسد الأمة ..مع تجريم الانضمام لهذه التنظيمات أو التبرع المادى لها. ولا يقل أهمية عن ذلك توفير كافة الضمانات لمحاكمات عادلة وشفافة لكل من تم اتهامه بارتكاب عمل ارهابى أو تحريضى أو شارك فى أعمال جاسوسية أو اضرار بالوطن من قيادات وعناصر الجماعة بما فيهم مرسى العياط حتى لا يتاجر الاخوان بأن المحاكمات صورية شريطة عدم التصالح مع كل من شارك فى هذه الجرائم وعدم تخفيف العقوبة عن أى منهم مهما كانت ضغوط الجماعة وارهابها. بالاضافة للبدء فورا فى وقف مسلسل التخوين وتقسيم المجتمع وتصنيف الناس ومحاكم التفتيش التى يحلو للبعض أن ينصبها لكل مخالف فى الرأى مع السماح لكل المصريين على اختلاف معتقداتهم السياسية والفكرية بما فيهم من كان ينتمى للاخوان أو الجماعات والتنظيمات التى سيتم حلها بالعمل السياسى المشروع ضمن أى أحزاب مدنية من الأحزاب المدنية القائمة لأن انخراط شباب الاخوان وعناصرها السلمية – وأقول السلمية - فى الحياة والعمل السياسى دون احساس بالاضطهاد سوف يحررهم من قبضة الجماعة ويجدون أنفسهم فى حضن الوطن وحضن المصريين بدلا من حضن الجماعة الارهابية.