توقع امبوروز جيفت أن يجني دخلا مجزيا حين انتقل لجنوب السودان المنتج للنفط من اوغندا قبل ثلاثة أعوام، والآن لا يريد سوى جمع ثمن تذكرة حافلة للعودة للبلاده. ويسعى عامل البناء البالغ من العمر 23 عاما لجمع 200 جنيه جنوب سوداني أو ما يوازي نحو 50 دولارا في السوق السوداء للخروج من البلد الذي أوقف ضخ النفط في يناير بسبب خلاف مع السودان. ويعني وقف إنتاج النفط بالنسبة لجيفت وآلاف من العمال الأجانب والمحليين في الدولة التي استقلت حديثا ارتفاعا حادا في الأسعار وفرص عمل أقل، فيما تحاول الشركات تقليص الإنفاق في ظل وضع أفرز أزمة اقتصادية. وقال جيفت: "ارتفعت أسعار سلع مثل البيض بل والبصل وكل شيء". واستحوذ جنوب السودان على نحو 75 في المائة من إنتاج السودان من النفط حين استقل في يوليو بموجب اتفاق السلام الذي أنهى عقودا من الحرب الأهلية، وكان النفط يدر نحو 98 في المائة من إيرادات جنوب السودان قبل وقف إنتاجه. والمشكلة أن جنوب السودان ما زال يحتاج لخطوط أنابيب وميناء على البحر الأحمر ومنشآت أخرى في السودان لتصدير الخام، ونشب خلاف حاد بين البلدين بشأن الرسوم التي يدفعها الجنوب مقابل الاستفادة من التسهيلات السابقة. ودفعت نسبة التضخم المرتفعة وهبوط سعر العملة السودان لمصادرة نفط الجنوب مقابل ما وصفه برسوم لم تسدد مما حمل جوبا على إغلاق حقول نفطها احتجاجا. وقلص ذلك تدفقات العملة الأجنبية على الدولة الجديدة وساهم في إضعاف جنيه جنوب السودان إلى نحو أربعة جنيهات مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء من حوالي 3.5 جنيه قبل وقف إنتاج النفط. وقاد ذلك نسبة التضخم للصعود مع اعتماد البلاد على الواردات في كل شيء من المواد الغذائية الأساسية مثل السكر والموز إلى الأثاث والآلات والسلع الاستهلاكية، ولا توجد صناعة كبرى في البلد باستثناء قطاع النفط. وكانت الأسعار تسجل ارتفاعا بالفعل فبل وقف إنتاج النفط، ويرجع ذلك في جزء كبير منه لتعثر التجارة مع الشمال. وتضررت أماكن بصفة خاصة مثل بور عاصمة ولاية جونقلي، حيث تنقل الشاحنات السلع عبر طرق غير ممهدة من أوغندا وكينيا وأماكن أخرى بعلاوة كبيرة. ويقول محللون إن التضخم السنوي في أماكن نائية مثل جونقلي أعلى كثيرا منه من المتوسط الوطني البالغ 42 في المائة حسب بيانات فبراير بسبب تكلفة النقل.