استنكر عدد من علماء الآثار والأثريين فكرة وجود أنثى لتمثال "أبو الهول"، وهى الفكرة التي طرحها بسام الشماع المرشد السياحي والذي يلقي من حين لآخر محاضرات عن الآثار والحضارة المصرية، ووصفوا تلك الفكرة بأنها "خرافة" ولا تستند إلى أي دليل مادي أو أثري. وقال الدكتور عبد الحليم نور الدين، أستاذ الآثار والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، ل"صدى البلد" إن هذا الكلام يظهر بسبب هوس الناس بالآثار وفرط إبداع الحضارة المصرية القديمة، وعدم قدرة الناس على تصور إمكانية أن أحدا من البشر يمكن أن يصنع هذا الإبداع مما يجعل البعض يخرج علينا بمثل هذه الخرافات، كما أن المتحدثين في الآثار من غير المتخصصين أصبحوا كثيرين لتجد أطباء ومهندسين ومجالات أخرى يتحدثون في الآثار وبالتالي هذا يعطيني الحق في التحدث في الكيمياء والطبيعة والرياضة وهذا أمر غير مقبول. وأضاف: "نحن نعتمد أولا وأخيرا علي نتائج التنقيب والحفائر الأثرية وما إذا أخرجت أدلة مادية على هذا الشيء أو ذاك فأهلا وسهلا بها، لكننا لا نستطيع أن نعتمد على أي مصدر آخر، ومن لديه دليل أثري على ما يقول فليقدمه، وفي الآثار لا نسلم بكلام لأي أحد دون أدلة أثرية قوية". وأوضح أن المجتمع المصري متوازن وفيه إله ذكر وإلهة أنثى وملك وملكة، والازدواجية قائمة دائما في الحضارة المصرية لإحداث التوازن في مجتمع يتكون من ذكر وأنثى كلاهما شريك فيه، وهى فكرة مقبولة لدى المصريين بلا شك، وأبو الهول عبارة عن صورة من صور الشمس التي تحمي وتضيء الدنيا التي يوجد فيها الذكر والأنثى، ورغم ذلك فالحديث عن أنثى لأبى الهول غير مقبول طالما لا يوجد دليل واضح، كما أن الكلام الذي يخرج من غير الأثريين لا يسلم به هكذا دون سند.
ومن جانبه، أوضح الدكتور علاء شاهين، العميد الأسبق لكلية آثار القاهرة، أن بسام الشماع قال هذا الكلام منذ فترة طويلة وحدثت مشادات بينه وبين الدكتور زاهي حواس حينما كان أمينا عاما للمجلس الأعلى للآثار، ولا أعرف لماذا جدد الموضوع مرة أخرى حاليا. وأشار إلى أن ذلك كلام غير منطقى لأن أبي الهول حالة استثنائية في التاريخ لظروف معينة مرتبطة بهضبة الجيزة التي أعيد تشكيلها ومرتبطة بإله معين وشكل من أشكال آلهة الشمس المرتبط بالعقيدة الشمسية في جبانة الجيزة، وعندما طرح هذا الموضوع منذ حوالي خمس سنوات تمت مهاجمته ولا جدوى من إعادة الحديث عنه مرة أخرى. وأوضح أن أبي الهول تشكيل خاص استثنائي وتم تحويله إلى شكل مرتبط بالعقيدة الشمسية وهو ما كان موضوع الدكتوراه التي حصل عليها زاهي حواس عن العقيدة الشمسية في جبانة الجيزة وهي لا علاقة لها بفكرة الثنائية المعروفة، كما أنه في مرحلة تالية من التاريخ كان يوضع تمثالان لأبي الهول في مداخل المجموعات الجنزية وهذا لا يعني بالضرورة وجود تمثالين له لأن ذلك كان مرتبطا بحماية المكان. وامتد رفض الفكرة إلى الدكتور أحمد مصطفى، رئيس إدارة الآثار المستردة بالمجلس الأعلى للآثار، الذى قال إن المنطق إنه يقول لو كانت توجد أنثى لتمثال أبو الهول بجواره لا بد أن تكون في مستواه وإذا ما كانت مدفونة فما الذي دفنها؟ وأوضح أن تمثال أبي الهول منحوت من الصخرة نفسها المقام عليها وبالتالي فهو جزء منها والاثنان معا كتلة واحدة، وبالتالي لو كان هناك تمثال لأنثى له كانت لابد أن يكون وضعها مثله وليس صحيحا أن الأرض ابتلعتها لأنه هو الآخر كان لابد أن يتعرض لنفس الظروف الطبيعية التي تعرضت لها بحكم تجاورهما معا، وما هو دليل من أطلق مثل هذا الكلام، وليس كل صاحب نظرية بلا دليل يهلل لها، خاصة مع ما يردده من أنه أثري ولابد أن يكون احتكامه للدليل المادي لا النظري فقط.