طيرت وكالة أنباء الشرق الأوسط خبراً يوم 27مارس الماضي نقلاً عن أثريين مصريين أكدا فيه أن أول قاضية في مصر كانت »نبت« وهي حماة الملك »تيتي« أحد أشهر ملوك مصر الفرعونية. وقد رحبت العديد من الصحف العربية والعالمية بهذا الخبر، وأبرزته في صفحاتها الأولي حيث نقلت عن أثري مصري اسمه: »بسام الشماع« معلومات كثيرة خاصة بأول قاضية في العالم فوصفها بأن »قراراتها كانت نافذة وتصدر وفقاً لبنود القانون المعمول به في مصر منذ7آلاف سنة«. وفي اليوم التالي علقت علي هذا الخبر المنشور في العديد من الصحف العالمية قائلاً:» شكراً للعالم الأثري »بسام الشماع« علي هذه المعلومة الثمينة التي وجدت فيها رداً مفحماً لمن يعادي المرأة ويشكك في قدراتها، ويقلل من نجاحاتها، ويصمم علي تحجيمها تحت خيمة سوداء ولا تتحرك أو تتكلم إلاّ بإذن حاميها ومذلها والمتحكم فيها: الرجل«. وبالأمس تلقيت الرسالة التالية من الأستاذ الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار هذا نصها: [ .. قرأت باستمتاع مقالك المنشور بعنوان: »نظلم من أنصفها الفراعنة«، والذي جاء فيه ما أشرت إليه من معلومات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط عن السيد/بسام الشماع، المرشد السياحي (..). وعندما قرأت المعلومات الواردة عن »بسام الشماع« بشأن المرأة وأول قاضية، وجدت أنها معلومات غير علمية، وغير حقيقية، ولا يوجد لها أية أدلة أثرية أو تاريخية. ليس هناك لقب وزير عدل في مصر القديمة، كما لا توجد شخصية اسمها »نبت« حماة تتي من الأسرة السادسة. الملك تتي هو أول ملوك الأسرة السادسة من الدولة القديمة 2374 قبل الميلاد أي أنه لا يرجع إلي 7000سنة، وليس لدينا »بردي« يرجع إلي 7000سنة من أصله.. كما ذكر. أما عن مكانة المرأة الفرعونية بالنسبة للقضاء فكانت أرفع وأعلي مرتبة مما ذكره السيد/بسام الشماع، حيث كانت المرأة هي رمز العدالة وكانت الإلهة »ماعت« إلهة العدالة ورمز الحق والعدل والنظام في مصر القديمة. تولت النساء مرتبة القضاء في عصر الدولة الحديثة وخاصة في الأسرة (19) والأسرة (20)، وهناك إشارات من دير المدينة بالأقصر عن تولي نساء الفصل في بعض القضايا كما كانت تستشار للفصل في قضايا خاصة بالمرأة. إننا نهدف فقط لترسيخ المعلومات الصحيحة والمؤكدة، وفي هذا الصدد أشير إلي أن الأستاذ بسام الشماع فاجأنا في صيف عام 2007بأن »تمثال أبو الهول« سينهار خلال شهرين بسبب المياه الجوفية (..) والحمد لله لم يحدث مكروه، ولا سوء، لأبي الهول رغم مرور نحو ثلاثة أعوام. كما فاجأنا بسام الشماع في يونيو2008 بأن »العصافير والطيور حوّلت رأس أبو الهول لطعام« مشيراً إلي الثقوب الموجودة في وجه أبو الهول، وهو غير صحيح لأنها ثقوب تمت بفعل اصطدام الرمال نتيجة الرياح، وقمنا بالرد عليه آنذاك بأن الطيور لو أرادت الحجر الجيري طعاماً لها فإن البقايا الصخرية الموجودة في هضبة الأهرامات ستكون متاحة. ومما سبق فإن ما يشير إليه الأستاذ الشماع من معلومات لا يوجد لها سند علمي أو دليل أثري واحد. وهو ما يجعلني أكتب إليك حتي نصحح تلك المعلومات، وحتي لا تصبح حقيقة لدي قرائك الكرام. أما عن عمل المرأة في مصر القديمة فهو يطول الحديث عنه، لذلك فإنني أقدم لك نسخة من كتابي عن المرأة المصرية بعنوان: »سيدة العالم القديم« الصادر عن دار الشروق ]. مع خالص تحياتي وتقديري، أمين عام المجلس الأعلي للآثار أ. د. زاهي حواس
لحسن حظنا أن لدينا أستاذا خبيرا في التاريخ المصري القديم بقدر ومكانة الدكتور زاهي حواس حتي يبادر بتصحيح أي خطأ يمس من قريب أو بعيد هذا التاريخ العظيم الذي يجب علينا جميعاً أن نحافظ عليه سليماً، ناصعاً، وصادقاً. فالتاريخ المصري القديم ليس في حاجة إلي أكاذيب، أو أوهام، أو افتراء. تاريخ الفراعنة مثبت علي الجدران، وفي البرديات، وآلاف الكتب التي صدرت وتروي أحداثه، وحقائقه، وعظمته، دون الحاجة إلي مزاعم أو تخيلات! شكراً جزيلاً للأستاذ الدكتور زاهي حواس الذي نبهني إلي هذا الخطأ الفادح الذي أوقعتني فيه تصريحات السيد بسام الشماع، كما أوقعت قبلي العديد من كبريات الصحف العربية والأوروبية والأمريكية، عندما نقلنا، وعلقنا، علي ما تصورناه حقائق باعتبار أن صاحبه » عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية«، ثم فاجأنا الأستاذ الدكتور زاهي حواس الأمين العام علي التاريخ الفرعوني المصري بأن ماجاء علي لسان الرجل »غير علمي، وغير حقيقي، ولا توجد له أية أدلة أثرية أو تاريخية«!