- واحة الجارة : سكانها 512 نسمة والطريق إليها خالى من الحياة - الواحة تخلو من السيارات والمدرسين يعتمدون على سيارات النقل - خط تليفون واحد بالقرية والاهالى يحلمون بطبيب واحد لخدمتهم ورصف الطريق المؤدى للواحة - أهالى الواحة يطالبون بمركز انتخابى للادلاء باصواتهم فى الانتخابت البرلمانية بدلا من انتقالهم ل300 كيلو - لا يوجد بالواحة سوى شخص واحد من ابناء الواحة حصل على مؤهل عال في قلب الصحراء وبعيدًا عن مدن العمران بمئات الكيلومترات تقع واحدة من البقاع التي ما إن تطأها قدماك حتى يتوقف بك الزمن وتعود بك عجلاته آلاف السنين، لتفاجأ بعالم غريب وعجيب يمتزج فيه الواقع بالخرافة لتصنع لنا أسطورة اسمها واحة "الجارة " المصرية احدى واحات مدينة سيوة. "صدى البلد" انتقل من خلال مصر الغائبة لواحة الجارة لترصد هموم ومشكلات أهالى هذه الواحة والتى تحظى بالعديد من القصص والاساطير والتى تبعد عن اقرب مناطق العمران بنحو 287 كيلومترا فى اتجاه واحة سيوة و300 كيلو فى اتجاهة مطروح. البداية مع طريق واحة سيوة مطروح والذى لا يوجد به أى خدمات إلا فى منتصف الطريق وهو ما يعرف ببئر النص حيث توجد كافتيريا بسيطة ونقطة اسعاف وتبدأ رحلة العزاب الى داخل واحة الجارة فالطريق غير ممهد وعبارة عن حارة واحدة ضيقة لا يتسع الا لسيارتين صغيرتين وفى بعض المناطق لا يتسع الا لسيارة واحدة وهذا ليس بغريب على طريق يخلو من اى حياة فلا يوجد اى بشر ولا نبات على طول الطريق الذى يصل ل128 كيلو مترا فخلال طول الطريق بالكامل للواحة لم يتم مقابلة سيارة واحدة كما ان الطريق فى ال30 كيلو الاولى منه عبارة عن طريق ترابى يحتاج الى انواع معينة من السيارات ذات الدفع الرباعى التى تستطيع ان تسير فى الرمال والأتربة لوجود شركة تقوم برصف الطريق فى ال30 كيلو مترا الأولى منه. وهناك أخطار عديدة على أى شخص يسير فى هذا الطريق ، فإذا حدث له أى شى مثل تعطل السيارة ،أو حدوث حادثة فمن الممكن أن يظل بالطريق لفترة كبيرة نظرا لندرة السيارت وعدم وجود شبكة تليفون محمول على طول الطريق ولا حتى نقطة إسعاف وحدة. وبعد معاناة مع الطريق لمدة 3 ساعات تصل إلى واحة الجارة حيث تبدأ الحياة من جديد فأشجار النخيل تظهر عن بعد ومبانى الواحة القديمة والتى ما زالت حتى الآن عبارة عن مبانى طينية دور واحد فقط ، وأناس بسطاء فى كل شئ فهم منعزلون تماما عن الحياة فى العالم ولا يوجد لديهم سوى خط تليفون ارضى واحد فقط يخدم جميع ابناء الواحة البالغ عددهم 512 نسمة منهم 235 ذكوراً و277 من الإناث يضمهم 99 منزلا و تم انشاؤه لربط اهالى الواحة بالمحافظة وواحة سيوة. وتوجد بالواحة مدرسة واحدة لجميع المراحل السنية من ابتدائى وحتى الصف الثالث الاعدادى والتى تم انشاؤها موخرا وتخلو الواحة تماما من اى نقاط اسعاف او وحدات صحية او مستشفيات فهم حتى الان يعتمدون على الطب الشعبى ، وإذا اضطرتهم الظروف القهرية ، فيتم نقل المريض لمدينة مرسى مطروح أو واحة سيوة لتقديم العلاج له بعد وصول السيارة ، وهذا يسلتزم وقتا طويلا جدا ، كما أن الواحة لا توجد بها أي محلات تجارية للحرف والمهن والبقالة فكل شئ بسيط وبدائى. كما يتميز أهالى الواحة بالكرم فعلى الرغم من اعتمادهم الأساسى فى معيشتهم على ما يزرعونه بأيديهم ولا يصل إليهم أى منتجات أو مواد غذائية من خارج الواحة إلا أنهم يقدمون أفضل ما لديهم لإكرام الضيف والترحيب به داخل دار الضيافة أو المربوعة ، ويحرصون على قيام زائرى الواحة من المسئولين بتسجيل أسمائهم فى سجل الزيارات. ويحكى أهالى واحة قارة أم الصغير وكيف أنها كانت منعزلة عن العالم إلى أن قام المهندس محمد احمد علام رئيس جهاز تعمير الساحل الشمالي الغربي عام 1985 بإنشاء طريق يربط القرية بمن حولها. كما أن الفضل في اكتشاف الواحة يرجع إلى المشير عبد الحكيم عامر عام 1948 عندما كان ضابطا صغيرا وعند قيام الثورة عام 1952 تولى المشير عامر وزارة الحربية ، وقرر أن تقوم القوات المسلحة بإرسال كميات من الدقيق والسكر والأرز والبطاطين والملابس الذي أصبحت عادة سنوية ، وتولت المحافظة بعد ذلك إرسالها باسم الرئيس المخلوع مبارك حيث ينتظرها الأهالى بعد الزيارة التي قام بها مبارك للواحة عام 1996 ، والتقى خلالها بالشيخ حسن أكبر شيوخ الواحة والذي توفى منذ 7 سنوات. وهناك اعتقاد سائد بان سكان الجارة لا يزيدون ولا ينقصون،منذ سنوات عدة ويرجع ذلك الى وجود اعتقاد قديم يسود الأهالي أنهم لو أنجبوا طفلا في الصباح فإن شيخًا من كبار السن سيموت في المساء، وتصادف أنه كثيرا ما كان يحدث ذلك. ويرجع اهالى الواحة سبب هذا الاعتقاد لدعوة احد المشايخ ويدعى الشيخ الطرابلسي حيث كان الشيخ قادمًا من ليبيا في طريقه إلى الحجاز سيرًا على الأقدام لأداء فريضة الحج، فمر بواحة "الجارة" فرشقه بعض الصبية بالحجارة، فدعا عليهم الشيخ بقلة النسل. وعن ابرز مشاكل الواحة يقول الشيخ مهدى أكبر مشايخ الواحة إننا نحتاج لرفع كفاءة طريق جارة أم الصغير بئر النص بطول 130 كم حيث يساهم ذلك فى ربط الواحة بمدينة مرسى مطروح ومدينة سيوة و إقامة الخدمات عليه لسرعة انتقال مواطنى الواحة وزائريها بالإضافة إلى رصف طريق سيوه الجارة بطول 80 كيلو مترا حيث يتميز الطريق انة يشق الصحراء لربط القرية بواحة سيوة. كما طالب بزيادة فترات الإنارة للواحة ، فالكهرباء تعمل 10 ساعات فقط بالاضافة الى طلب إقامة صالة لاستقبال ضيوف الواحة ، وأوضح أن إقامة مركز انتخابي للأهالى بدلا من السفر إلى سيوة هو حلم لأبناء الواحة لضمان مشاركة جميع أهالى الواحة في الانتخابات البرلمانية القادمة ، وممارسة حقوقهم السياسية بخاصة وأن صناديقهم الانتخابية تتواجد في مدينة سيوة التي تبعد عن الواحة ب287 كيلو مترا مما يتسبب في منع السيدات من المشاركة في الانتخابات ، نظرا لطبيعة الاهالى التي تمنع السيدات من السفر. وأشار الشيخ مهدى إلى ضرورة توفير خط تليفون محمول بالواحة ، حيث لا يوجد سوى خط تليفون واحد فقط وتصل سعر الدقيقة الواحدة به ل150 قرشا بالإضافة الى العطل المستمر مما يفصل الواحة عن العالم الخارجى. وعن أهم الانشطة الزراعية ، أكد الشيخ مهدى ان محصول الزيتون والبلح هى المحاصيل الرئيسية التى يتم زراعتها بواحة ام الصغير وعلى الرغم ان واحة الجارة بها الاف الافدنة الصالحة للزراعة والتى تتميز بجودتها العالية وخصوبتها وعيون المياه العذبة المتدفقة طوال الوقت الا انها حتى الان لم تستغل الاستغلال الامثل لضعف الامكانيات وقلة الايدى العاملة. كما أكد محمد على أحد ابناء الواحة والشخص الوحيد الذى استطاع الحصول على موهل عالى " ليسانس تربية " من قاطنى واحة الجارة ، والذى حصل على مؤهل من خلال الحصول على محو الأمية أننا نتمنى أن يتم زيادة الاهتمام بالتعليم بالواحة لتعليم أكبر فئة من أبناء الواحة مضيفا أنه يقوم بإعطاء طلاب الواحة مجموعات تقوية لتعليمهم القراءة والكتابة لإخراج جيل من المتعلمين على الرغم من الظروف الصعبة التى تشهدها الواحة لعدم وجود الكهرباء بصفة مستمرة ، وأضاف انه تم تشكيل لجنة شبابية تضم المتعلمين بالواحة لتكون حلقة وصل بين قاطنى الواحة ومدن المحافظة المختلفة وليتم من خلالها تحقيق مطالب الواحة. وأكد ضرورة الاهتمام بالواحة فمطالب الأهالى تعد بسيطة جدا فى ظل التقدم بمصر والعالم ففى الوقت الذى يوجد بالعالم ثورة طبية نجد الواحة لا يوجد بها وحدة صحية واحدة ولاحتى طبيب واحد يقدم خدمات علاجية لقاطنى واحة الجارة . كما التقى "صدى البلد" بمعلمى المدرسة الوحيدة بواحة الجارة لرصد همومهم فهم يبعدون عن أقرب محل إقامتهم ب300 كيلو متر لابناء مطروح وتصل لأكثر من 1000 كيلو لبعض المعلمين التابعين لمحافظات البحيرة والشرقية، حيث أكدوا أنهم يعانون من عدم وجود مواصلات تربط الواحة بأى مدينة أخرى وهم يضطرون اثناء أجازتهم للانتظار لأيام حتى تصادف وجود أى سيارة لنقلهم الى واحة سيوة او لمدينة مرسى مطروح مما يمثل معاناة اخرى خاصة مع عدم ادمية هذه السيارات. وأضافوا انهم لا يحصلون على مميزات عن أى مدرس اخر بل بالعكس فهم يعانون من اختلاف اللغة حيث لا يفهم الطلاب بعض المصطلحات البسيطة والتى تحتاج لشرح آخر مما يمثل معاناة للمدرسين.