انتقد بعض من الإسلاميين كتابنا عن داعش الذى ستصدره دار الشروق قريباً والذى اشتركت فى تأليفه مع المفكر الكبير فضيلة الدكتور ناجح إبراهيم، وطعموا كالعادة انتقاداتهم بتطاول فج، والعجيب أنهم لم يقرأوه بعد، ويدل هذا على أن العقلية القديمة المنحازة إلى المصادرة دون قراءة ودون نقاش علمى لا زالت سائدة، وأتساءل لماذا الخوف من كتاب؟ وإذا كان لديهم أفكار ورؤى نافعة أخرى فليطرحوها وليردوا على الكتاب بكتاب آخر ، لكن العجز هو الرد على الفكر بالتطاول والاتهامات المسبقة . أهم ما لاحظته أن كثير منهم غير تكفيريين ولا ينتمون لتنظيمات تكفيرية ، بل منهم قيادات فى جماعات إسلامية تقليدية معروفة ، فهل انحصر رهانهم على داعش وحدها، وأصبح شغلهم الوحيد هو انتظار أن تأتى وتحل بطريقتها مشكلتهم مع الجيش والسلطة فى مصر بعدما فشلوا هم فى تسوية الأزمة سياسياً.. هذا وحده تصور كارثى . بعضهم عاب العنوان "داعش.. السكين التى تذبح الإسلام" ولو قرأوا الكتاب لوجدوا أن المقصود هو أن داعش وغيرها من تنظيمات تكفيرية مسلحة توظفها القوى الغربية لتقسيم الأمة والنيل من صورة الاسلام والإمعان فى السيطرة على مقدرات الأمة والتحكم فيها ، أى أنها مجرد سكين وأداة فى يد الأعداء . تساءلوا أيضاً: لماذا التركيز على داعش وانتقادها وهناك الشيعة الحوثيون وما فعلوه باليمن وجرائم أمريكاوإيران .. الخ ! والكتاب – لمن يقرأ ويعى - يفصل فى شرح هذا المحور ؛ فالشيعة والغرب لم يتمكنوا من التوسع والتغول فى ديار الإسلام الا بتوظيف داعش وغيرها وجعلها بديلاً للدولة الوطنية المتماسكة بحدودها وتنوعها وجيشها ، وإلا كيف تمكن الحوثيون والشيعة من فعل ما فعلوه فى اليمن وهى أهم البلاد التى يسيطر التكفيريون والقاعديون على كثير من المناطق الاستراتيجية فيها ، وفى اليمن – التى نجح فيها الشيعة - أكبر تجمعات لهذه التنظيمات المسلحة وأوسع حضور . الكتاب تبصير للأمة وشبابها من خطر التكفير وخطر توظيف التنظيمات التكفيرية المسلحة فى استهداف بنية الدولة الوطنية العربية ودول الإسلام الكبرى كسوريا والعراق وليبيا ومصر وهدم بنيانها وتفكيك جيوشها والإتيان على البقية الباقية من تميزها الحضارى وتنوعها وصولاً إلى الهدف الكبير للدول والقوى المعادية للإسلام وأمته وهو الامعان فى تقسيمها وتجزئتها على أسس طائفية مذهبية ومحو عوامل تميزها وحضورها الحضارى والوطنى، وما قامت وتقوم به داعش يجعلها سكيناً فى يد إيران والدول الغربية والولايات المتحدةالأمريكية لتحقيق هذا الهدف . والكتاب يتناول قضية داعش من كافة جوانبها ويجيب على كثير من الأسئلة المتعلقة بالتنظيم ويعالج بالتفصيل والشرح الأبعاد السياسية والاستراتيجية، ثم الأبعاد الفكرية والحضارية ثم الأبعاد الشرعية، مع فصل كامل عن التعريف بالتنظيم وملابسات نشأته وعلاقته بالقاعدة، والكتاب يقع فى أربعة فصول . من القضايا السياسية والاستراتيجية المهمة التى طرحها الكتاب قضية استفادة إيران فى مشروع توسعها المذهبى الطائفى من تلك التنظيمات واتخاذها ذريعة لمزيد من التوسع والتمكين فى المنطقة، وكذلك تأثير داعش وغيرها من التنظيمات التكفيرية المسلحة على ثورات الربيع العربى وكيف أسهمت بقوة فى تحويل أحلام الشعوب العربية البيضاء السلمية ومطالب الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى كابوس من الدم والقتل والصراعات الساخنة على السلطة من منطلقات أيديولوجية وطائفية، وكذلك استفادة الدول الغربية والولايات المتحدة من تلك التنظيمات بتوظيفها فى مواصلة مشروع ومخطط تقسيم المنطقة بعد القضاء على بنيتها الأساسية وعمودها الفقرى المتمثل فى الوحدة المجتمعية والتنوع الحضارى والثقافى وجيوش وقوات هذه الدول المسلحة وأجهزتها الأمنية . وفى البعد الفكرى والحضارى ناقش الكتاب باستفاضة إسهام داعش فى تشويه الجانب الحضارى للأمة وإظهارها بمظهر العاجز عن مواكبة التطور التشريعى والدستورى وتطوير أنظمة الحكم بما يحافظ على الثوابت ويعانق المبادئ الأساسية للشريعة من شورى وحرية وعدل ومساواة ، وفى نفس الوقت يواكب آليات العصر ومقتضياته . وكذلك كيف أن داعش تقدم هدية للأعداء بإمكانية هزيمة الدول العربية والاسلامية بأسهل الطرق؛ لأن الدولة التى تصمد وتعيش فى هذا الواقع وتحدياته وامكانياته وتنوعاته وحضارته وتقنياته هى الدولة الحضارية ذات التنوع والتاريخ والرموز العلمية والخبرات الفكرية والثقافية والاستراتيجية والعسكرية ، فالدولة ليست مجرد سلاح وليست مجرد محاربية، إنما تاريخ وثقافة وماض وخبرات فى مختلف المجالات . أيضاً لم يغفل الكتاب البعد الشرعى والدستورى وأفرد لهذا البعد، فصلاً كاملاً حيث ناقش وعالج القضايا الشرعية والدستورية المتعلقة بالقضية ومنها على سبيل المثال قضية الخلافة وما يتعلق بها من مسائل وقضية فتن وملاحم آخر الزمان التى يعتمد عليها قادة داعش فى تبرير مواقفهم والرد على ذلك ، ومن ثم الرد على معظم الشبهات الشرعية المتعلقة بهذه القضية .