عبد العاطي لنظيرته السلوفينية: تمكين قوة الاستقرار الدولية أساس لحماية الفلسطينيين في غزة    رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    حزب الله اللبناني: اغتيال الطبطبائي لن يدفع المقاومة إلى الاستسلام    وزير الخارجية يشيد بالمواقف البرتغالية الداعمة لمصر في مؤسسات الاتحاد الأوروبي    برشلونة يقترب من تمديد عقد إريك جارسيا حتى 2030    ليفربول يحسم الجدل حول مستقبل سلوت    محافظ جنوب سيناء يتابع إقبال المواطنين على اللجان الانتخابية بشرم الشيخ    وزارة الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي تصدر بيانًا لسلسلة جديدة بعنوان "توعية وتواصل"    منتخب الطائرة يفوز على السويحلي الليبي وديا قبل المشاركة في بطولة التحدي بالأردن    مدحت شلبي يحضر لنقابة الإعلاميين بشأن شكوى النادي الأهلي ضده    حازم العبيدى: رسائل الرئيس السيسى أحدثت طمأنينة للناخبين    مفتي الجمهورية: الإسلام دين عدل ورحمة وأفعال المتطرفين لا تمت له بِصلة    اليوم.. افتتاح الدورة العاشرة من مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى    بعد أزمته الصحية الأخيرة.. أول ظهور ل تامر حسني رفقة أسماء جلال في عمل فني جديد    غرفة العمليات المركزية لحزب الإصلاح والنهضة تتابع التصويت بانتخابات مجلس النواب    الحبس 6 أشهر وغرامة 20 ألف جنيه لفادي خفاجة بتهمة سب وقذف مجدي كامل    المرأة وكبار السن وذوي الهمم يتصدرون المشهد الانتخابى بالشرقية    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الإثنين 24-11-2025    أحمد المسلماني يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    وزير الداخلية: استنفار أمني يضمن انتخابات تليق باسم مصر.. والعملية الانتخابية تسير بشكل منتظم (فيديو)    «بعد ضجة البلوجر سلمى».. نصائح مهمة تحميكي من التشتت وتثبتك على الحجاب    مظهر شاهين: برنامج «دولة التلاوة» نجح فى أن يعيد القرآن إلى صدارة المشهد    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يشكك في جدوى العلاقات مع اليابان بعد النزاع بشأن تايوان    الهلال الأحمر المصري يشارك في تقديم الدعم للناخبين خلال المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    مسلم يفجر مفاجأة ويعلن عودته لطليقته يارا تامر    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    محمد مسعود إدريس من قرطاج المسرحى: المسرح فى صلب كل الأحداث فى تونس    الأمن السورى يمدد حظر التجول فى حمص    وزير التعليم: التحضير لتوقيع بروتوكولات تعاون مع إيطاليا لإطلاق 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية جديدة    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    أحمد سعد وآدم يلتقيان بحفل غنائي في الكويت 27 نوفمبر    ضبط 1038 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص فى ترعة على طريق دمياط الشرقى بالمنصورة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن:حين يختلط التاريخ بالخطابة الانتخابية.    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    إصابة 8 عمال زراعة بتصادم سيارة وتوكوتك ببني سويف    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    كأس العرب - متى يتحدد منافس مصر الأخير في دور المجموعات    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    الفيضانات توقف حركة القطارات وتقطع الطرق السريعة جنوبي تايلاند    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    إندونيسيا: إصابة 3 أشخاص ونزوح أكثر من 500 شخص جراء ثوران بركان سيميرو    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    الصحة: لا توصية دولية بإغلاق المدارس بسبب الفيروسات التنفسية لعدم جدواها    جامعة حلوان تطلق منافسات الألعاب الإلكترونية وسط مشاركة طلابية واسعة وحماس كبير    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    الدفاع الروسية: تدمير 3 مراكز اتصالات و93 مسيرة أوكرانية خلال الليل    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جماعات التكفير وآليات المواجهة
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 10 - 2014

تمر المنطقة العربية اليوم بواحدة من أصعب حقبها الفكرية والدينية ضبابية وغموضا وخطورة, ومن أعقد فتراتها السياسية والأمنية صراعا واقتتالا وحروبا. فانتشار الأفكار التخريبية،
وتصاعد الدعوات التفكيرية، وازدياد الأعمال الإرهابية، وتحولها إلى ما يشبه الممارسة الطبيعية لدى البعض، يمثل خطورة حقيقية على أمن الدولة واستقرارها وعلى تماسك المجتمع وترابطه ووحدة كيانه. بما يفرض ضرورة المعالجة السريعة والناجزة والدقيقة لمثل هذه التهديدات التى تزداد اتساعا وتعمقا وتجذرا فى أعماق المجتمعات، بهدف تفكيكها واعادة رسم حدودها إما على أسس دينية أو فئوية أو مذهبية- طائفية أو عرقية، وهو ما يحقق أهدافا دولية وطموحات إقليمية سعت إلى تفكيك الدول العربية والاسلامية وجعلها فئات وقبائل تقاتل بعضها بعضا، وليس أدل على ذلك مما يجرى اليوم فى اليمن الذى يدخل بصعود الدور القبلى إلى واجهة الصراع، مرحلة جديدة ترسخ لأسس الانفصال ليس على أسس مناطقية أو حتى مذهبية وإنما على أساس قبلى، وهو الأمر الموجود وإن كان بدرجة أقل فى ليبيا.
ما نود قوله إن تصاعد الدعوات التجزيئية والتكفيرية التى تواجهها المنطقة تستوجب معالجة غير نمطية، ورؤي غير تقليدية قادرة على التصدى بحزم إلى تهديداتها ومخاطرها وتداعياتها، وإلا نكن شركاء مع هؤلاء فى تحمل المسئولية التى تؤول إليها الاوضاع، مع الأخذ فى الاعتبار أن المواجهة المطلوبة لهذه الأفكار التكفيرية والدعوات التقسيمية لا يمكن أن تتحقق بعقد مؤتمر دولى/ إقليمى أو بتجمع رسمى/غير رسمى يخرج بتصريحات وبيانات لا تغنى ولا تسمن من جوع، وإنما يتطلب الأمر وضع استراتيجية واضحة المعالم ومحددة الآليات والاجراءات كى نستطيع أن نقف فى المواجهة بصلابة وبقوة. وفى محاولة جادة لوضع ملامح لهذه الاستراتيجية التى تتطلب تكاتف الجميع، يمكن تسجيل ثلاث ملاحظات:
الأولى، من المهم أن يفهم الجميع أن طبيعة العقل التكفيرى هو عقل سطحى غير متعمق، فينظر إلى الأشياء والقضايا نظرة سطحية، غير قادر على التمييز الفعلى والحقيقى لبواطن الأمور وجوهرها. كما أنه غير قادر أيضا على التفاعل بايجابية مع المتغيرات والتطورات التى قد تشهدها المجتمعات، حيث يظل واقفا أمام جمود النص، بما يضفيه من قداسة للتفسير والاجتهاد البشرى إلى قداسة النص الالهى، حيث يعتبر أن هذا التفسير جزء من النص وأنه بدونه لا يمكن أن يرى النص تطبيقًا على أرض الواقع. فى حين أن التغيرات والتحولات التى تشهدها البشرية كل يوم تؤكد أن النص القرآنى قادر على التعامل بمرونة عالية مع الوقائع والاحداث المتغيرة دون أن يفقد قدسيته أو دلالته.
الثانى، أن الفكر التكفيرى لا علاقة له بالدين والصراع بشأنه، وإنما هو مرتبط ارتباطا كاملا بالصراع السياسى وتحديدا الصراع على السلطة، يدلل على ذلك ان أول ظهور لهذا الفكر ارتبط بالصراع السياسى، حيث خرجت جماعة الخوارج التى أسست لهذا الفكر. وغنى عن القول ان هذه المعلومة من الأهمية بمكان أن تكون واضحة للجميع لأن توظيف الدين واستغلاله من أجل تحقيق مكاسب سياسية يظل أمرًا محكوما عليه بالفشل. فقدسية الدين ومكانته ترتقى به إلى ما فوق مثل هذه الصراعات السياسية. مع ضرورة الأخذ فى الاعتبار أن هذا لا يعنى فصلا للدين عن السياسة وإنما يعنى من وجهة نظرى- أن توظيف الدين واستغلاله فى إدارة معركة سياسية أمر لا يتفق ومكانة الدين الحنيف وقدسيته. وعليه، فيجب أن يكون هناك تمييز واضح بين الدين الاسلامى بوسطيته وبسماحته، وبين بروز هذه التنظيمات الارهابية- التكفيرية مثل داعش وحلفائها التى تتستر بالدين وتتمسح فى مسميات خادعة للبعض حينما تصف نفسها بالدولة الاسلامية أو حينما أعلن قائدها اقامة الخلافة الاسلامية، وهو لا يعلم حقيقة الخلافة وشروطها وكيفية تنظيمها لشئون الدول والمجتمعات.
الثالث، ليس صحيحا أن مسئولية مواجهة هذه التنظيمات والجماعات التفكيرية- الارهابية تقتصر على الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية فحسب، وإن كانت المسئولية تقع بصورة أكبر على عاتقها، إلا أنه من المهم التأكيد على دور المجتمعات ومؤسساتها المختلفة فى تحمل المسئولية فى مواجهة مثل هذه التنظيمات، بدءا من الأسرة التى يجب أن تقوم بمسئوليتها فى تحصين أبنائها ضد الفكر المنحرف، ودور المدرسة وخاصة المقررات والمناهج التى يجب أن تظل بعيدة عن جميع صور التطرف والغلو، مرورا بأجهزة الثقافة والاعلام ودورها فى تصحيح المفاهيم واجلاء الحقائق بعيدة عن أي تهويل أو تهوين من حجم المشكلة وتداعياتها، وصولا إلى دور المؤسسات الدينية وعلى رأسها مؤسسة الأزهر الشريف والاوقاف والافتاء فى ضرورة توضيح حقيقة الفكر التفكيرى وجذوره وظروف نشأته وأسباب انتشاره، والرد على شبهاته وافتراءته بالحجة والدليل والبرهان الشرعى والعقلى شريطة أن يتم صياغتها فى أسلوب سهل ميسر يصل الى الكافة ولا يبقى حبيس مستوى النخب والمتخصصين.
نهاية القول إن محاربة الفكر التفكيرى والارهابى لا يمكن أن تكون بالآليات الأمنية فحسب، صحيح أنها مطلوبة فى إطار الدستور والقانون، كى تمثل ردعا سواء أكان ردعا خاصا أم عاما، إلا أنه من الصحيح أيضا أن موجبات المواجهة تتطلب وجود معالجات سريعة لعدد من الملفات القومية على رأسها ملف المحاكمات ضد رموز الانظمة السابقة التى فسدت وأهملت ومارست الارهاب فى حق الدولة والمجتمع، ومنها أيضا الملف الاقتصادى المتمثل فى معالجة الاوضاع الاقتصادية التى ترهلت كثيرا خلال الاعوام القليلة الماضية مع سرعة العمل على استعادة الاقتصاد الوطنى لقوته وقدرته على الانطلاق والجذب. ويظل فى النهاية قدرة الدولة وأجهزتها على ترسيخ ثقافة الحوار كوسيلة فاعلة للتغيير، لأن الفكر لا يُحارب إلا بالفكر، والحجة لا تد حضحها إلا حجة أخرى، والدليل لا يُذهبه إلا دليل أقوى منه.
لمزيد من مقالات عماد المهدى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.