في الوقت الذي انشغل فيه معظم الأحزاب الموجودة على الساحة بعقد عشرات الاجتماعات وإطلاق آلاف التصريحات يوميا، لبحث الانضواء تحت كيان انتخابي كبير لتكوين كتلة برلمانية تكتسح الانتخابات البرلمانية المقبلة، ركز حزب النور السلفي على الاحتكاك بالشارع والتعاطي مع مطالب الجمهور والتعبير عن قضاياهم وعقد عشرات المصالحات بين العائلات المتناحرة في القرى والنجوع. هذا الموقف الإيجابي من حزب النور يُحسب له، لكن بقية الأحزاب إن استمرت على هذا النهج ستخسر خسارة كبيرة في الانتخابات القادمة، رغم أن الهدف هو إنشاء تحالف أو لنقل ظهير سياسي يدعم الرئيس السيسي خلال المرحلة المقبلة. مع احترامي لهذا الغرض، لكنه لن يخدم الرئيس السيسي، بل سيكون وبالا عليه، فالرئيس له من الشعبية ما له، ولا يحتاج لتحالف حزبي يسيطر عليه هؤلاء. الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أنشأ الاتحاد الاشتراكي خلال فترة رئاسته، فالتف حول السلطة المغرضون والطامعون في النفوذ والمال، وبالتالي فشل هذا الاتحاد في النهاية. ما زلت عند رأيي بأن مصر ليس بها أحزاب سياسية بالمعنى الحقيقي، ليس الآن فحسب، ولكن قبل قيام الثورة، وأثناءها، وبعدها، والدليل على ذلك أنه أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك لم يكن للأحزاب دور حقيقي على الأرض، اللهم تصريحات فردية من بعض قادة هذه الأحزاب تظهر معارضتها لمبارك، ولكنها في الحقيقة كانت تتمنى مجرد الجلوس معه، فضلا عن أنه أثناء الثورة، وعند سقوط النظام، لم يثق أحد في الأحزاب الموجودة لتوليها الحكم، أو تنصيب أحد قادتها زعيما للثورة، وكان الكلام الذي يقال وقتها إن جماعة الإخوان هي الجهة المنظمة الوحيدة التي تستطيع تولي الحكم. والآن وبعد مرور أكثر من 3 سنوات على سقوط مبارك، وتوالي الحكومات المتعاقبة، ما زالت تلك النظرة كما هي، وحالة عدم الثقة في الأحزاب القائمة كما هي. تجربة الحكم هذه لو فشلت لن يثق الشارع في أحد بعد ذلك، ولن تتقدم مصر خطوة واحدة نحو الأمام، وعلى الأحزاب إن هي أرادت الاستمرار أن تلتف حول الشارع لا حول السلطة، فمن يرد خدمة المواطنين، وتحقيق تقدم ملموس على الأرض لصالحهم ليس بالضرورة يجب أن يكون في السلطة. [email protected]