سيادة رئيس الجمهورية المنتخب عبد الفتاح السيسي.. تعلمون جيدا حب الشعب لكم وحجم الآمال والطموحات المعلقة عليكم، فالكثيرون يتوقعون منكم كل خير لمصر وأن تخرج من أزماتها وأمراضها المزمنة ونثق جيدا فى إخلاصكم ووطنيتكم لمصر، ولكن ماذا يحدث وهل علاج أمراض الدولة المصرية عن طريق سياسة القرارات الصادمة هو الحل؟ وأين صوت الحكمة والعقل والتوقيت المناسب لكل قرار من شأنه إحداث بلبلة أو إثارة لمشاعر المصريين؟ فهل حكومتكم بقيادة محلب لا تقدر قيمة وقدر هذا الشعب؟ فمن الواضح بعد عدة القرارات الأخيرة بزيادات أسعار الكهرباء والبنزين والسولار وغيرها أن الشعب خارج حسابات الحكومة ولم تدرس جيدا تأثير تلك القرارات على المصريين، فهل حرق المصريين ورفع الأسعار عليهم هو من سياسات العدالة الاجتماعية وحماية الطبقات الفقيرة. الجميع يعلم أن أزمة مصر فى عجز الميزانية وارتفاع التضخم وتراجع معدلات الاستثمار، ولكن هل يكون الحل لتدبير موارد مالية للدولة هو رفع أسعار كل شيء على الفقراء؟ لأن تصريحات رئيس الحكومة أن العدالة الاجتماعية ستتحقق برفع الدعم لا محل لها من التفسير لأن الواقع ببساطة وبلغة الأرقام والحسابات يقول العكس، فالزيادات المترتبة على رفع الدعم تقول إن كل شيء سيرتفع سعره فى مصر بنسب تتراوح بين 25 و50% وهى زيادة ستطول كل شيء لأن الوقود هو عصب الحياة وحركة النقل تتدخل فى كل شيء، فستزيد أسعار المواصلات والاغذية والخضر والفاكهة والأدوية والملابس وكل منتجات المصانع وتعريفة مكالمات المحمول والقطارات والمترو وكل شيء فى مصر، فتخيلوا هذا القرار الذى على الأقل سيكلف الأسر المصرية عجزا قدره 25% من دخولهم وسيدخلون فى مأساة تدبير هذا العجز، وفى المقابل لا تحريك للرواتب والدخول وكأن الحكومة تبدع فى إذلال الفقراء وتعمل على زيادة عددهم فى مصر. الحكومات الرشيدة تعمل وفق عمل مؤسسى علمى، تدرس كل شيء قبل تنفيذه عبر دراسات واستطلاعات رأى تدرس إيجابيات وسلبيات هذه القرارات ثم تقوم بتهيئة الرأى العام لهذه القرارات وتضع فى منظومتها خطة أزمات بديلة فى حال حدوث ردود أفعال غير محسوبة، فهل حكومتنا فعلت ذلك؟ وبمثال بسيط لو تخيلنا حركة المواصلات اليومية للمواطنين، هل الحكومة تملك القدرة على السيطرة على الأسعار وهل تملك القدرة على توفير مواصلات بديلة فى حال إضراب السائقين لإجبار المواطنين على التسعيرة الجديدة؟ وهكذا بالنسبة للأسواق والأسعار وكل شيء، فأعتقد أن الحكومة لم تدرس التأثيرات السلبية لهذه القرارات. ولنتخيل موظفا راتبه ألف جنيه مصري، لأن الحد الأدنى لم يطبق كما يروجون، ومع هذه الزيادات فى الكهرباء والطاقة وقبلها الغاز وتأثيراتها على حركة الأسعار فسيجد نفسه فى كارثة، يعانى عجزا بنسبة 50% من دخله ويحتاج لتعويض ذلك، وبالتالى نزيد الأعباء والهموم على الفقراء ومتوسطى الدخل، وهم غالبية الشعب المصري. الحكومة الرشيدة عليها قبل إقرار أى زيادات فى الأسعار عمل عدة قرارات تعيد الحياة للفقراء، ومنها جدول موحد للأجور فى الدولة المصرية على أساس الدرجات الوظيفية لعلاج الخلل الواضح فى الأجور الحالى، فموظفو مصر حسب وزاراتهم منهم فقراء وأغنياء، ولا يجوز التمييز بين الوزارات بالشكل الفاضح الحالى وإلغاء سياسة الكادر التى دمرت النسيج الاجتماعى للموظفين فى الدولة وميزت وزارات دون أخرى. والأهم من ذلك هو دراسة كيفية وصول الدعم لمستحقيه وإقرار سياسات إصلاحية حقيقية تعيد مبدأ العدالة الاجتماعية بين مواطنى مصر، فما تسير فيه الحكومة هو مؤامرة لإحراج الرئيس السيسي أمام الشعب المصري وزيادة الغضب ضده لأن الرجل يحمل على عاتقه هموم شعب مصر ويأمل الجميع منه علاج أزمات مصر دون المساس بحقوق الفقراء المطحونين فى جميع العصور.