بوجه طفولى لم يستطع الشارع ان ينتقص من براءته، وعينين أصابتهما الحسرة، وصوت خافت ترتعش نبراته من هول ما مربه، تروى احدى فتيات مركز التأهيل النفسى لامهات الشوارع حكاية هروبها من اسرتها ، وتعرضها للتحرش والاغتصاب مرارا وتكرارا تحت تهديد السلاح، وطفلتها التى لاتعرف عنها شيئا مذ اكثر من عامين، والمصير الذى ينتظرها فى بلدتها البائسة بمحافظة الاسماعيلية وهو القتل لا محالة حسب روايتها. الفتاة التى لم يتجاوز عمرها العشرين عاما بدأت تسرد تفاصيل مأساتها التى سطرت اولى فصولها قبل 4 سنوات تقريبا :" انفصلت امى عن والدى وتركتنى انا واشقائى الثلاث بلا حضن يحتوينا ، ولا قلب يحنو علينا، ولا نعرف الى اين ذهبت حتى الان ولماذا تركتنا للكلاب الضالة تنهش عرضنا، تزوج ابى بأخرى اذاقتنا المرار من اهانة وتعذيب، توفى ابى، وتركنا لزوجته التى لا تعرف الرحمة مكانا فى قلبها، حولتنا الى عبيد، نعمل صباحا باحد المصانع، ونضرب ليلا، ازدادت الحياة بؤسا على بؤس، حين تولى عمى رعايتى انا واخواتى الصغار، فكان قلبه لا يقل قسوة عن زوجة ابى، فاحيانا كان يكهرب جسدى كوسيلة لتأديبي " فتاة المصنع" تصمت قليلا محاولة السيطرة على ارتعاشة اصابعها ثم تتابع تفاصيل مأساتها:" لم اجد امامى الا ان اهرب من هذا الشقاء، وانا لم اكمل 16 عاما، ذهبت الى محافظة الاسكندرية، وهناك عشت تحت الكبارى، مع فتيات اخريات حكايتهن لاتقل عن حكايتى، عرضن على شرب المخدرات لكنى رفضت، بعت مناديل لكى اعيش دون ان امد يدى لأحد، تعرضت لكل ما يمكن ان يخطر على بال احد، تحرش و محاولات اغتصاب، فقررت انا انتقل الى القاهرة واتخذت من ميدان القللى مأوى لى، وهناك تعرفت على سائق اوهمنى انه يحبنى ويريد ان يتزوجنى، وجدت فيه ضالتى، انتقلت معه الى بيته عبارة عن غرفة فى بيت آيل للسقوط، لكنه لم يتزوجنى كما وعد، بل اغتصبنى بعد ان وضع سكينا على رقبتى، وبعدها اعتاد معاشرتى تحت تهديد السلاح، وعندما علم بخبر حملى، اخته رمتنى فى الشارع وهو اختفى، عدت الى الشارع مرة أخرى ولكن هذه المرة احمل فى احشائى جنينا يتشكل، عملت مع احدى السيدات فى بيع الشاى فى نفس الميدان الذى شهد خداعى، لعلى اعثر على قاتلى، كنت انام وقتها باحد مراكز الشباب بروض الفرج حتى اغلق، اتذكر اياما كنت انام وانا واقفة وبطنى خاوية". تتسارع انفاسها وتمتلئ عينيها البائستان بالدموع وتقول:" هاجمتنى الام المخاض، ونقلنى اهل الخير لمستشفى الجلاء، حيث وضعت ابنتى هناك، لكنهم اخذوها منى بحجة انها مجهولة النسب ولا يحق لى رعايتها، وبعد شهرين اودعوها فى ملجأ، حاولت ان اراها لم أتمكن ولا اعرف عنها اى شيء منذ سنتين لكن قلبى يحدثنى انها لا تزال على قيد الحياة، دخلت بعدها الى مؤسسة العجوزة ولكنى هربت منها ، لانى رفضت ان اعيش مع الفتيات المحكوم عليهن باحكام الجنائية و تعرفت على سيدة قدمتنى على طبق من فضة لبلطجى، فاغتصبنى ، ولا اعرف لماذ فعلت بى ذلك، هل ارادت ان تفدى نفسها بى لكى لا تغتصب، ام قبضت ثمن جسدى و حملت مرة ثانية ، وانا الان فى الشهر الرابع". و توجهت الى قرية الامل لتساعدنى ، دلنى عليها شخص وجدنى فى الشارع، وانا هنا منذ حوالى شهر، ولن اعود للشارع مرة اخرى، فهنا اشعر بالأمان الذى حرمت منه، كل مااخشاه ان يتعرض اخوتى لنفس مصيرى بسبب قسوة عمى، انا لازلت على اتصال بهم، اخبرونى بانه ينوى قتلى ليتخلص من عارى، حسبى الله ونعم الوكيل فيه، لم يكفه ما اوصلنى اليه، احيانا افكر فى الانتقام منه، لكن الله هو المنتقم الجبار" بهذه الكلمات الممزوجة بالامل والخوف اختتمت الفتاة العشرينية حكايتها.