أبى حاول قتلى بالسم بتحريض من زوجته وعرض على مبلغا ماليا لترك البيت الضياع والعيشة فى الشوارع والقطارات دفعنى للإدمان تزوجت عرفى مرتين وعمرى15 سنة احد ازواجى أرغمنى على تناول المخدرات والموس سلاحى لمواجهة المغتصبين نفسى فى شغلانة محترمة واوضة جلست فى ركن هادئ فى مركز التأهيل النفسى لأمهات الشوارع،على كرسى مكسو بجلد بنى، أمام منضدة تبعثرت عليها اقلام خشبية، وفرشات رسم ولوحات ورقية لوجوه فتيات بائسات، بدت جامدة الملامح حادة النظرات والتعبيرات، متحفزة للانقضاض على اى شخص يقترب منها، يهابها الجميع، ويخشى ثوراتها وتقلباتها، رغم ضعف بنيتها وعمرها الذى لم يتجاوز الخامسة عشرة عاما، فخلال اسبوع من إقامتها بالمركز حظيت وعن جدارة بلقب "المفترية". بدأت الفتاة الصعيدية حديثها عن حكايتها بعد ان اطمأنت لنا، وأفصحت عما كتمته من تفاصيل اثقلت صدرها لعام كامل حتى كادت ان تخنقها، فحكايتها مؤلمة واسترجاع أحداثها أشد الما قائلة:" امى سامحها الله هى من جعلتنى أعرف أن الشارع عندما تضيق بى الدنيا، ويزيد على ظلم احبائى، فاول محاولة هرب من البيت كانت هى السبب فيها حينها كان عمرى لم يتجاوز الرابعة عشرة بسبب معاملة والدتى القاسية لى . تملكنى الخوف ولم اجد مهربا من الموت الذى ينتظرنى سوى أن اترك البيت، خرجت بلا مال او زاد اتجول فى الشوارع واتصفح الوجوه المتعطشة لنهش جسدى النحيل، استقر بى الحال ان اقضى ليالى الطويلة فى القطار مع القطط والكلاب الضالة، اتنقل من عربة لأخرى، وانام فى ساحة المحطة الموحشة، عندما يقرصنى الجوع وينهكنى التعب من الترحال، بقيت على ذلك الحال لفترة، الموت يلاحقنى اينما كنت ، حينها قررت العودة الى البيت، فانا هالكة هالكة، تقدمت بخطوات ثابتة نحو بيتنا البائس توفيت والدتى بعد هروبى من المنزل بعام تقريبا، لا اتذكر انى بكيت عليها ، فالدموع تحجرت فى عينى من ظلمها لى،ولم البس عليها اسود يوما، وبعد ان وارينا جسدها الثرى، وقفت امام قبرها وقولت لها :" انت ظلمتنى وانا مش مسمحاكى"، لم تمض اشهر قليلة حتى تزوج ابى بأخرى ، انقلب حاله وسكنت القسوة قلبه، وأصبح الضرب بخراطيم المياه والصعق بالكهرباء طريقته الوحيدة فى التعامل معى وتحملت لكن زوجة ابى لا تتدخر جهدا للتخلص منى، حتى وصل بها الامر ان وضعت السم لوالدى فى الشاى واتهمتنى انا بوضعه، الغريبة انا والدى فى هذ الليلة لم يضربنى او حتى يعاتبنى ، لأنه فى الحقيقة كان يرتب لقتلي وبعد ها بأيام وضع لى هو السم بيده فى الطعام وكدت ان افقد حياتى بالفعل، لا انسى اننى كنت اتلوى أمامه واستنجد به وهو يقول لى :" انا قتلتك زى ما كنتى عايزة تقتلينى ، كلماته لا تزال ترن فى اذنى" الفتاة المكلومة تصمت قليلا محاولة السيطرة على الاعياء الذى اصابها جراء تدافع الذكريات المؤلمة امامها ثم تتابع نقلت الى المستشفى فى حالة حرجة وأجريت لى عمليات عدة، استئصل الاطباء فيها اجزاء من الأمعاء كنت بحاجة ماسة الى نقل دم ابى رفض ان يشترى لى اكياس دم بتحريض من زوجته، وعمى هو من انقذنى، مكثت ما يقرب من شهرين طريحة الفراش ، الخراطيم تخرج من كل مكان بجسدي تحولت الى هيكل عظمي لم ينس ابى ثأره منى ، ولم تنس زوجته حلمها فى التخلص مني وأرسلت ابنها ليشق بطنى فى المستشفي . خرجت الى منزل ابى ، وفوجئت به يعرض على مبلغا من المال مقابل ان اترك البيت، ترجيته ان ابقى لكنه اصر ورمانى فى الشارع عدت الى عربة القطار وساحة المحطة الموحشة، حينها تعرفت على زوجى الاول بعقد عرفى، وعشت معه فى بيته لمدة شهرين و20 يوما بالكمال والتمام، كنت اظن ان الزواج سيكون هو طوق النجاة ، لكنى كنت واهمة، بعدها تركته بسبب رغبته فى إنجاب اطفال، كيف وانا متزوجة منه عرفى؟ ، لكنك اذا اردت الصراحة فانى كنت اصاب بحالة من الذعر عندما اسمع سيرة الانجاب، فوالدى رمانى فى الشارع، وتركنى لكلاب السكك تنهش فى لحمى، ولا اريد ان يمر اطفالى بنفس تجربتى". " هذة المرة لم اعد لساحة محطة القطار بل غادرتها بلا عودة الى القاهرة لا تعرف على زوجى الثانى بعقد عرفى" قالتها بصوت متهدج ووجه عابس، متابعة رواية مأساتها :" قبل الزواج حاول ان يغتصبنى فى سيارته فاصابته بموس بوجهه، فى بيته تحولت إلى مدمنة مخدرات بعد ان كان يرغمنى على شربها، اصبحت أسرقها منه لتخفيف نوبات جسدى المتعطش للمخدر، دخلت مصحة إدمان بعد ان تدهورت حالتى، بعدها هربت من زوجى خاصة بعد خضوعه لعمليات جراحية افقدته القدرة على الحركة، فجن جنونه وهددنى بالقتل". الفتاة البائسة تختتم روايتها بعبارات ممزوجة بالالم قائلة:" لم اجد مكان امن من المركز هنا الذى عرفته عن طريق احدى زميلاتى فى الشارع ، لحمايتى فيه فطريق العودة لبيتى انقطع، واذا عدت سأقتل اول ما أن تطأ قدمى بلدتنا الفقيرة، وسيطوفون بجثتى لإعلان غسلهم لعارى، ورغم ظلم امى وقهر ابى اتمنى ان يسامحانى على ما فعلت، وكل ما اتمناه بعد خروجى من المركز وظيفة محترمة وغرفة اعيش فيها بكرامة".