43 عاما مرت على رحيل عميد الأدب العربي، طه حسين، الذي يعد من أبرز دعاة التنوير في العالم العربي، فقد بصره لكن بصيرته قادته إلى إنتاج تراث أدبي ترجم إلى لغات العالم، ليعلنها أن عائق البصر لن يمنع العقل من التفكير والإبداع. ولد طه حسين في 14 نوفمبر 1889 بعزبة الكيلو الواقعة بمركز مغاغة محافظة المنيا، ترتيبه السابع بين أشقائه الثلاثة عشر، أبوه كان موظفا بسيطا في شركة السكر، فقد بصره في السادسة من عمره بعد علاج أحد الأمراض في عينه بشكل خاطىء. درس في الأزهر الشريف وتتلمذ على يد أبرز علمائه وقتها الشيخ محمد عبده، الذي علمه الترد على طرائق الاتباعيين من شيوخ الأزهر، لينتهي الأمر به إلى الطرد من الأزهر، ليلتحق في عام 1908 بالجامعة المصرية ويدرس الحضارة الإسلامية والمصرية القديمة والجغرافيا والتاريخ واللغات السامية والفلك والأدب والفلسفة على أيدى أساتذة مصريين وأجانب. حصل على درجة الدكتوراة عام 1914 في رسالة عن الأديب والشاعر أبي العلاء المعري، ليسافر بعدها إلى فرنسا ويلتحق بجامعة مونبلييه، متلقيًا دروس في الاجتماع والتاريخ، ويحصل على درجة الدكتوراة في الاجتماع عام 1919، وعندما عاد إلى مصر، عين أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني، واستمر كذلك حتى عام 1952 حين تولت الجامعة المصرية إلى جامعة حكومية، حيث عين أستاذا لتاريخ الأدب العربى بكلية الآداب، كما أنه عين وزيرًا للمعارف عام 1950. أحدث كتابه "في الشعر الجاهلي" ضجة كبيرة عند صدوره، حيث اتهم على أثره بتعديه على الدين الإسلامي والطعن في القرآن الكريم والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتم التحقيق في القضية لفترة طويلة، وانتهت بحفظها، حيث يقول الدكتور أحمد هيكل، وزير الثقافة الأسبق، عن القضية، إنها في الأساس سياسية، حيث إن طه حسين كان مواليا للأحرار الدستوريين ضد الوفديين بقيادة سعد زغلول الذين وجدوا ضالتهم في كتاب طه حسين ليعلنون الحرب عليه، فهاجمه رئيس المجلس وقتها سعد زغلول، ودافع عنه عبدالخالق ثروت، رئيس الوزراء، لينتهي الأمر بنقل القضية إلى ساحات النيابة ومصادرة الكتاب في النهاية. تزوج عميد الأدب العربي من الفرنسية سوزان برسو أثنا دراسته في باريس، وأنجب منها ابنته أمنية، وهي أولى المصريات اللاتي تخرجن من جامعة القاهرة وشقيقها موينيس، ومنذ بدايته عمل حسين في الصحافة؛ حيث بدأ الكتابة في صحية السياسة وملحقها "السياسة الأسبوعية" بجانب الثنائي محمد حسين هيكل ومحمود عزمي. وقال عنه الأديب عبَّاس محمود العقاد إنه رجل جريء العقل مفطور على المناجزة والتحدي، فاستطاع بذلك نقل الحراك الثقافي بين القديم والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب. ألف أديبنا الراحل ما يزيد على خمسين كتابا في القصة والأدب والتاريخ وفلسفة التربية من أبرزها "الأيام"، و"دعا الكروان"، و"المعذبون في الأرض"، و"فلسفة ابن خلدون"، و"مرآة الإسلام"، و"الشيخان" وغيرها الكثير، كما ترجمت العديد من مؤلفاته إلى لغات الأجنبية، وفي يوم الأحد 28 أكتوبر 1973، رحل طه حسين عن عالمنا.