كانت إمامة الحرم المكي لا يصل إليها إلا من بلغ قدرًا كبيرًا جدًّا في علوم القرآن والسنة، وامتلك عذوبة صوت تؤهله لأن يؤم المصلين في الكعبة. وعلى مر التاريخ تولى 3 مصريين إمامة بيت الله الحرام. الشيخ عبد الظاهر أبو السمح ولد الشيخ عبد الظاهر محمد نور الدين مصطفى علي والملقب ب "أبو السمح" في قرية التَّلّين بمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية في ديسمبر عام 1885م، وهو أول أئمة الحرم من خارج السعودية. أتم حفظ القرآن في التاسعة من عمره، وأرسله والده إلى الأزهر لتعلم القرآن وقراءاته السبع. حفظ متون السنة وعلوم الفقه والتفسير واللغة على أيدي مشايخ الأزهر، وتخرج فيه، وحضر مجالس الشيخ محمد عبده، وذاع صيته لغزارة علمه وعذوبة صوته، الأمر الذي دفع الملك عبد العزيز آل سعود أن يطلب منه أن يكون إمامًا وخطيبًا للحرم المكي الشريف سنة 1926، أثناء حضوره المؤتمر الإسلامي الذي عقد بمكة في موسم الحج. ظل الشيخ أبو السمح في منصبه 25 عامًا، ويرجع إليه الفضل في إنشاء دار الحديث بمكةالمكرمة لتعليم علوم القرآن الكريم والحديث الشريف؛ للرد على الفكر الضلل والبدع الغريبة، وظل مديرًا لها طوال 18 عامًا، وهو أول من استخدم الميكرفون في خطبه بالمسجد الحرام، ورحل عن عالمنا عام 1951. محمد عبد الرازق حمزة ولد في قرية كفر الشيخ عامر بمركز بنها محافظة القليوبية عام 1887. أتم حفظ القرآن في عمر 14 عامًا، لازم الشيخ حمزة نظيره الشيخ أبا السمح في رحلة الحج التي رآهما فيها الملك عبدالعزيز آل سعود، حيث رشحهما الشيخ رشيد رضا للملك عبد العزيز لإمامة الحرمين الشريفين، ليفوز بها الشيخ أبو السمح، ويعين الشيخ عبد الرازق معلمًا بالمسجد الحرام والمعهد السعودي. وبأمر ملكي انتقل الشيخ حمزة من مكة إلى المدينة، وعمل إمامًا وخطيبًا للمسجد النبوي، وظل في منصبه عامين، حتى دب خلاف بينه وبين أمير المدينة بسبب أسلوب الدعوة الدينية؛ ليعود إلى مكة من جديد، ويعين مدرسًا بالمسجد الحرام ومساعدًا للشيخ عبد الظاهر أبي السمح، إضافة إلى عمله مدرسًا بالمعهد العلمي، ومديرًا لدار الحديث المكية. ويعتبر الشيخ حمزة أول من قدم اقتراحًا بتأسيس مرصد فلكي في السعودية لرؤية هلالي رمضان وذي الحجة، حيث قوبلت فكرته بترحيب شديد من الملك عبد العزيز الذي أمر وزارة المالية ببناء المرصد فوق قمة جبل أبي قيس بمكةالمكرمة وتجهيزه بكافة احتياجاته. رحل الشيخ حمزة عن عالمنا بعد معاناته لفترة كبيرة مع المرض، وذلك عام 1973، ودفن بمكةالمكرمة. الشيخ عبدالمهيمن أبو السمح هو الشقيق الأصغر للشيخ عبد الظاهر أبي السمح، حيث نشأ الشقيقان وتربيا معًا، وتلقى الشيخ عبد المهيمن تعليمه في الجامع الأزهر على يد كبار علمائه، ومنهم الشيخ محمد عبده. سافر إلى السعودية عام 1950 بعد استدعاء الملك عبد العزيز له ليكون؛ إمامًا وخطيبًا ومدرسًا بالمسجد الحرام، حيث ظل في هذه الدائرة حتى عام 1969، وفي السعودية كان أول من تولى منصب مدير المعهد السعودي في عنيزة، إضافة إلى عمله في وزارة المعارف السعودية ودار الحديث بمكة، حيث قام بتدريس الحديث والقرآن والتفسير. يرجع الفضل في إنشاء رابطة العالم الإسلامي للشيخ عبد المهيمن، حيث عرض الفكرة على الملك فيصل، وأيدها الأخيرة بشدة، وحرص على حضور جلساتها. رحل الشيخ عن عالمنا عام 1978، ودفن في مكةالمكرمة.