تعد إمامة المصلين في الحرم المكي من المهام العظيمة التي أسندت إلى أئمة أمضوا سنوات طوال في قراءة القرآن والصلاة. وعلى مدى حقبة كبيرة من الزمان، أم المصلين في الحرم مجموعة من الأئمة السعوديين والمصريين، الذين امتازوا إلى جانب التبحر في القرآن وعلومه، بقدرات صوتية كان لها أعظم الأثر في الشهرة الواسعة التي نالوها بين مسلمي العالم. ويؤم الحرم الآن مجموعة من الأئمة أقدمهم تعيينا الشيخ عبد الرحمن السديس عين في محرم 1404ه، وتميز السديس بأنه أول إمام تم تعيينه كإمام في الحرم المكي الشريف، كما أنه أصغر إمام يعين حتى الآن حيث عين وهو في الثانية والعشرين من عمره، والشيخ صالح بن حميد وعين في عام 1404ه، والشيخ سعود الشريم وعين في عام 1412ه، والشيخ أسامة عبد الله خياط وعين عام 1418 في شهر صفر، والشيخ صالح آل طالب وعين في شهر جمادى الآخرة عام 1423ه، والشيخ عبد الله الجهني وعين في 25/6/1428ه وكلف في رمضان عامي 26 و27، والشيخ ماهر المعيقلي وعين في 25/6/1428ه، والشيخ خالد الغامدي وعين 1/1/1429ه، والشيخ فيصل الغزاوي وعين في 1/1/1429ه. وقالت صحيفة "الشرق" السعودية إن من هؤلاء الأئمة: الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ، وعينه الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود إماما للحرم في عام 1343ه، واستمر حتى عام 1346ه، حيث صدر الأمر بتعيينه رئيسا للقضاة بالحجاز، والإشراف على الحرمين والتدريس فيهما، إضافة إلى بقائه إماما للحرم.. وكانت المهام الإشرافية تتمثل في الاهتمام بشئون الحرم واختيار الأئمة وتعيينهم، وتوفي آل الشيخ في عام 1387ه. والشيخ عبد الظاهر أبو السمح، من مصر وهو أول إمام من خارج السعودية، واستقدمه الملك عبد العزيز آل سعود في عام 1345ه من الإسكندرية، ليؤم ويخطب في الحرم، وتمتع أبو السمح بصوت جميل، وكان المصلون يتزاحمون ليكونوا قريبين منه، كما أنه كان صاحب نشاط علمي، وأسس مدرسة دار الحديث المكية، وكان أول من خطب بالميكرفون في المسجد الحرام. وتوفي في مستشفى الجيزة في مصر في عام 1370ه. والشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، من مصر، وقدم مع أبو السمح، لكنه أمّ المصلين في الحرم النبوي أول الأمر إلى أن صدر أمر بتعيينه إماماً وخطيباً في المسجد الحرام، وكان له نشاط علمي، وشارك في تأسيس دار الحديث المكية، كما أنه درس في المعهد العلمي، وتوفي في عام 1392ه. والشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، أم المصلين في الحرم إبان عمله وكيلا لوزارة المعارف، حين كان الملك فهد بن عبد العزيز وزيرا لها، واستمر إماما وخطيبا في المسجد الحرام، وفي مسجد نمرة حتى بعد أن أصبح وزيرا للمعارف. والشيخ عبد المهيمن أبو السمح، من مصر، استدعاه الملك عبد العزيز آل سعود عام 1369ه لإمامة المصلين في المسجد الحرام، ويعد أبو السمح من أكبر المتحمسين لفكرة رابطة العالم الإسلامي، وربما يعتبر صاحب أقدم تسجيل تليفزيوني بين أئمة الحرم، حيث ظهر في لقطات متفرقة كانت جزءا من فيلم وثائقي عن زيارة الرئيس المصري السابق محمد نجيب للسعودية وللحرم. وفي عقدي السبعينيات والثمانينيات الهجرية ظهر جيل جديد من الأئمة والخطباء الذين عرفوا في العالم الإسلامي كله، بسبب تزامن ظهورهم مع ظهور الإذاعة والتليفزيون وانتشارهما، ومن هؤلاء: الشيخ عبد الله خياط، عين خطيباً للمسجد الحرام عام 1373ه. والشيخ عبد الله الخليفي عُين إماماً للحرم في عام 1373ه، وظل حتى وفاته في عام 1414ه، ويذكر له أنه أول من جمع المصلين في صلاة التهجد، حيث كانوا يصلون قبل ذلك فرادى. وأشارت "الشرق" إلي أن أئمة الحرم ال19 تركوا مكتبة علمية ضخمة تنوعت موضوعاتها ما بين التفسير، والفقه، وأصوله، والتاريخ، والعقيدة، والتربية، والثقافة العامة، كل بحسب تخصصه، كما كانت لكثير منهم ميول أدبية وإن لم تتبلور في شكل أعمال أدبية مستقلة، مثل الشيخ أبو السمح قديماً، والشيخ سعود الشريم حديثاً، وربما كان الشيخ محمد السبيل الوحيد الذي صدر له ديوان شعر مطبوع، كما كانت لبعضهم مساهمات صحفية مثل الشيخ عبد الله الخليفي الذي كان يكتب مقالاً أسبوعياً في صحيفة "عكاظ"، والشيخ عبد الظاهر أبو السمح الذي كان يكتب بشكل مستمر في صحف الأخبار، ووادي النيل، ومجلة المنار مقالات ذات طابع سجالي في تصحيح العقيدة، كذلك كانت للشيخ أسامة خياط مقالات متقطعة في صحف "المدينة"، و"عكاظ"، و"البلاد".