في الوقت الذي تفرض فيه بعض الدول الأوروبية غير المعنية بالقضية الفلسطينية العديد من الإجراءات الصارمة تجاه الكيان الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية، ومع رفض الكثير منها استضافة شخصيات إسرائيلية في بلادها تضامنًا مع الفلسطينيين، تأتي الدول العربية التي من المفترض أن تكون القضية الفلسطينية على قائمة أولوياتها لتمد يد العون والمساعدة للكيان المحتل. من بوابة الرياضة جاء التطبيع الخليجي الإسرائيلي هذه المرة، حيث أكد رئيس اتحاد كرة القدم البحريني، علي بن خليفة آل خليفة، أن الاتحاد الإسرائيلي سيكون ضمن المشاركين في اجتماعات كونجرس الفيفا المزمع عقده في المنامة في 11 مايو المقبل، وأوضح آل خليفة أن زيارة الوفد الإسرائيلي المتوقعة تأتي بعد حصول اتحاد الكرة على الضوء الأخضر من الجهات المختصة في مملكة البحرين، رافضًا إعطاء هذه الزيارة أبعادًا سياسية. في ذات الإطار قلل رئيس اتحاد كرة القدم البحريني من أهمية الغضب الشعبي البحريني الناتج عن زيارة الوفد الإسرائيلي للبحرين، قائلًا: نحن ننظر دائمًا إلى الجزء المليء من الكأس، ومن الواضح جدًّا أننا لسنا الوحيدين الذين فصلنا السياسة عن الرياضة، مشيرًا إلى أن استضافة البحرين لكونجرس الفيفا أكبر بكثير من مسألة دخول ثلاثة أعضاء من اتحاد الكرة الإسرائيلي إلى البحرين. وعلى الرغم من تطبيع الحكومات العربية والإسلامية مع الكيان الصهيوني بشكل رسمي وعلني، إلا أن العديد من الشعوب العربية لا تزال متمسكة بمبادئ القضية الفلسطينية ومؤمنة بأهميتها ومعارضة لتوجهات حكوماتها وزعمائها الساعين نحو المصالح السياسية بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، حيث أطلق مغردون هاشتاج "#البحرين_ضد_التطبيع" ردًّا على هذا القرار، وعبّر المغرودن عن غضبهم إزاء هذه الخطوة التي تفتح باب التطبيع أكثر فأكثر بين البحرين وإسرائيل. من جانبه قال رئيس الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني، جمال الحسن، إن التقدم في المجال الرياضي لا يجب أن يكون على حساب ثوابت الأمة العربية، مضيفًا أن المكانة الرياضية التي يسعون لتحقيقها ليست أغلى ولا أهم من دماء شعبنا العربي الذي قدم الشهداء والمناضلين في سبيل تحرير كل شبر من أرض فلسطين من دنس الصهاينة. وأضاف الحسن، تعليقًا على موافقة المنامة على استضافة وفد إسرائيلي ضمن الوفود المشاركة بكونجرس الفيفا، أن "ما نشر في الصحافة المحلية بشأن إبعاد الشأن الرياضي عن الشأن السياسي، وذلك بقبول تدنيس وفد من الصهاينة المحتلين أرضنا وقبول التطبيع معهم بحجة أن استضافة كونجرس الفيفا حدث رياضي عالمي مهم لهو أمر مرفوض جملة وتفصيلًا"، واستنكر "الحسن"، وأضاف أن "الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني تستنكر هذه التصريحات وهذا التطبيع الواضح والمباشر والتنازل غير المسبوق عن ثوابت الأمة العربية تجاه القضية الفلسطينية التي تشكل القضية المركزية لكافة العرب"، وتابع أن مثل هذه الخطوات التطبيعية تأتي في إطار السياق الذي تسير فيه الصهيونية العالمية وحلفاؤها في المنطقة؛ من أجل فرض التطبيع على الشعب العربي وكسر الحاجز النفسي والتعامل مع الكيان الغاصب كأمر واقع. وأوضح رئيس الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني أن الخلاف ليس سياسيًّا أو رياضيًّا، وأننا لسنا أمام معضلة بل أمام مهزلة، "إذ إن قرار قبول تدنيس أرض مملكتنا الحبيبة بأقدام الصهاينة المحتلين يخالف الإجماع الشعبي البحريني والعربي، ويستفز شعب البحرين بكافة فئاته، وهو الأمر الذي لا نقبل به، ونطالب الجهات الرسمية المختصة بالعدول عن قرارها، ونطلب من كافة أبناء شعبنا الوقوف صفًّا واحدًا في وجه هذا التطبيع الواضح والجلي". تأتي موافقة البحرين على استضافة اجتماع كونجرس الفيفا بعد شهرين تقريبًا من رفض ماليزيا الاستضافة، حيث قال نائب رئيس الاتحاد الماليزي لكرة القدم، أفندي حمزة، إن استضافة هذا الحدث تعني تنفيذ بعض الشروط، ومنها وضع العلم الإسرائيلي على الطاولة خلال أعمال الكونجرس، بعد أن أخذنا في الاعتبار الإيجابيات والسلبيات، رأينا من الأفضل لماليزيا عدم استضافة هذا الحدث، كما أنه يأتي بعد أيام من تظاهر مئات الناشطين الفرنسيين والجالية العربية أمام مقر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، للمطالبة بطرد إسرائيل من الفيفا. التطبيع الرياضي لم يكن البوابة الأولى ولا الوحيدة بين البحرين والكيان الصهيوني، فقد سبقه تطبيع سياسي تمثل في زيارات سرية وتوافق في المواقف بشأن القضايا الدولية، فقد سبق أن قال ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، قبل أشهر خلال كلمة له أمام رئيس مؤسسة التفاهم العرقي في نيويورك، الحاخام اليهودي مارك شناير، إن إسرائيل قادرة على الدفاع ليس عن نفسها فحسب، بل عن أصوات الاعتدال والدول العربية المعتدلة في المنطقة، وأضاف أن توازن القوى في الشرق الأوسط بين معتدلين ومتطرفين يستند إلى إسرائيل، ودعا الملك خلال لقائه الحاخام إلى توسيع مواجهة حزب الله قدر الإمكان في العالم العربي، مضيفًا أن الجامعة العربية يجب أن تتبنى موقف تصنيفه منظمة إرهابية.