يعتبر الروائي محمود سالم أحد وأهم المؤسسين لأدب المغامرات والروايات البوليسية في مصر والعالم العربي. تميزت أعماله بالبساطة والإثارة والتشويق، وكانت ألغازه تعلم الطفل العربي البحث بشكل عملي والوصول لحقيقة الأشياء بالتفكير والتجربة. ولد في الإسكندرية عام 1929، وعندما بلغ التاسعة أصيب والده الضابط البحري بشظية في عينيه أثناء أحداث الحرب العالمية الثانية، واضطر الطفل محمود إلى مساعدته والقيام بقراءة الصحف له يوميًّا؛ ليبدأ من تلك اللحظة انطلاقه وشغفه مع القراءة بشكل كبير. ويقول سالم عن طفولته إنه وأخاه كانا شغوفين بالقراءة، لدرجة أنهما كان يشتريان من مصروفهما الروايات بشكل يومي، وأثناء عودتهما من المدرسة يقوم أحدهما بقراءة الرواية، ويمسك الآخر بيديه أثناء السير. انطلاقته الحقيقة في عالم الرواية بدأت عام 1960، وذلك من خلال تعاونه مع نادية نشأت رائدة فن الكوميكس في الوطن العربي، وحفيدة جورجي زيدان مؤسس "دار الهلال"، حيث طلبت من سالم صياغة تقرير صحفي عن مدينة "ديزني لاند"؛ لإعادة نشره في مجلة سمير، فقدمه لها في شكل قصة، ومن هنا طلبت منه أن يتحول إلى كتابة الألغاز للأطفال؛ ليخطو أولى خطوات طريقه للشهرة، فبفضله ارتفع توزيع المجلة بشكل كبير جدًّا، لكن الفرحة لم تكتمل، فقد أممت دار الهلال مع الثورة، ورحلت نادية إلى لبنان. دور نادية نشأت لم ينتهِ في هذه اللحظة مع محمود سالم، بل عادت من جديد إلى مصر عام 1968؛ لتبدأ عن طريقها رحلة روائي الألغاز مع "المغامرون الخمسة"، فعندما عادت حفيدة جورجي زيدان إلى العمل في "دار المعارف" أعطته سلسلة مغامرات للأطفال تصدر في بريطانيا، حملت اسم ""The five"، وطلبت منه تلخيص مغامرة "لغز الكوخ المحترق"، لينجح الأخير من جديد في تمصيرها، ويصل توزيعها إلى 100 ألف نسخة، ويتوقف إصدارها عند العدد 100. كان سالم متعلقًا بشدة بشخصية الرئيس جمال عبد الناصر، حيث كان يعلق صورة له في أي مكتب يجلس عليه، رغم أن الأخير هو من أمم دار الهلال، ومنعه من الكتابة، كما أنه بغد ذلك منع من الكتابة عام 1972؛ بسبب انتمائه للفكر الناصري. وفي أزمة منهخ من الكتابة أطلت نادية نشأت فى حياة محمود سالم، عام 1974، حيث كانت مقيمة في ذلك الوقت في لبنان، وطلبت منه السفر إليها؛ لمواصلة شغفه في كتابة الروايات البوليسية؛ لتبدأ هناك سلسلة "الشياطين ال 13″، التي حققت نجاحًا كبيرًا ضاهي نجاح "المغامرون الخمسة"، رغم أنها صدرت خارج أرض مصر، واختتمت سلسلتها عند العدد 250؛ ليثبت أنه روائي من الطراز الأول قادر على تحقيق النجاح في أي عمل بأقل الإمكانيات. ووفقًا لبيانات دار المعارف فإن التاريخ لم يعرف كاتبًا وزع 20 مليون نسخة من أعماله مثل سالم؛ ليبقى علامة بارزة في التاريخ الروائي للأطفال.