عندما تعلمنا كيف نداعب الحروف بأعيننا ونفك مساماتها.. وتوجهنا لهذه المتعة التي لا يعرف لذتها إلا من ذاق وعرف.. وهي متعة القراءة.. أول ما وقع على أعيينا ونحن صغار تلك المجلات المصورة الجاذبة بمغامراتها (ميكي- سمير- تان تان).. وعندما اكتشفنا بالصدفة في مكتبة منزل أحدنا (ألفريد هيتشكوك) تعرفنا على عمنا (السمنودي) بائع الكتب القديمة.. وعم (مصطفى الأعجر) صاحب محل الكتب الشهير رحمه الله، الذي أمدنا بأعداد كبيرة من كتب ألفريد هيتشكوك، وأجاثا كريستي، وأرسين لوبين، وقعنا في أسر هؤلاء.. وعلى أيديهم عشقنا القراءة وحب الاطلاع.. وعندما ظهرت مغامرات (المغامرون الخمسة) للكاتب المصري محمود سالم، تصادقنا مع أبطالها الرائعين (تختخ ومحب ولوزة ونوسة والشاويش علي).. وعشنا معهم أمتع الأوقات.. هكذا كانت الرواية البوليسية مدخلاً مهماً في تأصيل عادة القراءة لدينا.. عاشت بداخلنا ردحاً من الزمن.. ومازالت. تذكرت تلك الهالات من زمن مضى.. مع محمود سالم وأبطاله تجذرت فينا محبة القراءة، وشدت هذه المغامرات جيلنا ومازالت تؤثر في الأجيال بماتقدمه من مغامرات مشوقة وجاذبة . وكماتذكر موسوعة" ويكيبديا " : " ولد محمود سالم عام 1929م، وهو صاحب ألغاز المغامرون الخمسة التي تعد أشهر سلسلة مغامرات بوليسية عربية, كذلك سلسلة الشياطين ال13. وتضيف : " أجمل ما في الألغاز أنها تعلمنا فن البحث عن الحقيقة.. تعلمنا أن خلف الواقع الذي نراه أسرارا تكتمها النفوس.. تختفي وراء ستار بكاد يكون محكما من الأكاذيب التي تنشر الضباب أمام العيون.. لكن الأرواح اليقظة لا تنقاد لخداع الحواس, إن في أعماقنا بصيرة فيها طاقة يسري منها شعاع قد يكون وحيدا لكنه صاف كاشف يخترق الظلام بإصرار حتى يصل إلى قلب الحقائق فنراها واضحة وكأننا عشنا هذه اللحظة التي يخفيها الشرير, ذاك البطل المضاد الذي ضللنا وخدعنا.. إن المغامر رحال في فضاء مسكون بالأسرار والأشرار, وقدر الإنسان الذي منحه الله الذكاء الروحي والذهني أن يظل ساعيا من أجل الاكتشاف.. تلك هي الحياة في ألغاز محمود سالم.. في الكوخ المحترق والبيت الخفي والحقيبة السوداء واللص الشبح والفارس المقنع وملك الشطرنج والكلب ذو الرأسين وجاسوس السويس وعين السمكة والقفاز الأحمر والرسائل الغامضة والفهود السبعة.. تلك هي المعادي التي احتضنت الأبطال الصغار الذين مازلنا نحبهم ربما أكثر مما أحببنا "مسيو بوارو" في عالم إجاثا كريستي المثير" . وبعد رحلة عطاء استمرت حتى آخرحياته وعن عمر يناهز 84 عاما، غيب الموت كاتبنا العلامة يوم 24/2/2013 . وكمايذكر موقع " اليوم السابع : " وولد سالم في الإسكندرية عام 1929، لأب يعمل ضابطًا بحريًا في خفر السواحل، ما أتاح له التنقل والعيش أثناء طفولته في عدة مدن ساحلية كالإسكندرية والمنزلة وبلطيم وغيرها، إلى أن حصل على شهادة الثانوية العامة متنقلاً بين المنصورة ودمياط وبني سويف. بعد حصوله على الثانوية العامة، انضم إلى الكلية الحربية، غير أن انضمامه إلى حركة «حدتو»، التي كانت إحدى المجموعات اليسارية السريّة في مصر، حال دون أن يستكمل دراسته فيها، رغم أنه لم يكن عضوًا ناشطًا في الحركة. انتقل «سالم» بعد ذلك إلى كلية الحقوق ثم كلية الآداب، ولكنه لم يستكمل دراسته إذ استغرقت القراءة العامة، بالإضافة إلى هوايته الأثيرة، صيد السمك، كل وقته، إلى أن ساعده أحد أقاربه وتوسّط لتعيينه موظفًا في وزارة الشؤون الاجتماعية. بدأت رحلته مع الصحافة عند تعرفه على الصحفيين صبري موسى، وجمال سليم، والد رسام الكاريكاتير عمرو سليم، اللذين كانا يعملان في مجلة «الرسالة الجديدة» التي كانت تصدر عن دار «التحرير». عمل بعد ذلك مراسلاً عسكريًا لصحيفة «الجمهورية» أثناء العدوان الثلاثي عام 1956، وبعد أن حقق نجاحًا في تغطيته الصحفية للحرب، استقال من وظيفته الحكومية وتفرغ للعمل الصحفي، حتى أصبح رئيسًا لقسم الحوادث في «الجمهورية» قبل أن ينتقل للعمل في دار الهلال. في مجلة «سمير»، التي تصدرها دار الهلال اكتشف محمود سالم موهبته في الكتابة للأطفال، وأصبح مسؤولاً عن تحرير المجلة، إلى أن غادرت نادية نشأت، رئيسة تحرير المجلة، دار الهلال لدى تأميمها عام 1961، لتنتقل إلى دار المعارف، وينتقل «سالم» إلى مجلة «الإذاعة والتليفزيون». عام 1968 اقترحت «نادية» على «سالم» إصدار سلسلة مغامرات شهرية للأطفال، فقام بتعريب سلسلة إنجليزية تُدعى «The Five»، تحكي عن خمسة أطفال يتعرضون لمغامرات ويحلون ألغازًا ويتعقبون لصوص ومجرمين، ليظهر «المغامرون الخمسة»، وهم خمسة أطفال مصريين (تختخ، محب، عاطف، نوسة، لوزة)، يعيشون في المعادي ويساعدون الشرطة في ضبط الجناة وحل الألغاز، للمرة الأولى عام 1968 في «لغز الكوخ المحترق». استمرت هذه السلسلة في الصدور شهريًا حتى عام 1972، إذ فُصل «سالم» من وظيفته لميوله الناصرية، ثم صدر قرار بمنعه عن الكتابة في مصر، لينتقل إلى بيروت، ويبدأ إصدار سلسلة «الشياطين ال13» التي تضم مغامرين من كل أنحاء الوطن العربي يتصدون لمؤامرات تقودها أجهزة مخابرات أجنبية تهدد سلامته. عاد «سالم» إلى مصر في ثمانينيات القرن الماضي، واستمرت سلسلة «الشياطين ال13» تصدر من القاهرة عن دار الهلال، حتى منتصف التسعينيات. في عام 2007 تحولت إحدى مغامرات «الشياطين ال13» إلى فيلم سينمائي، بعنوان «الشياطين»، من إخراج أحمد أبوزيد. كما تحولت سلسلة المغامرين الخمسة إلى مسلسل رسوم متحركة للأطفال. ولم يتوقف «سالم» عن الكتابة حتى الشهور الأخيرة من حياته، إذ واظب على كتابة حلقات جديدة من «المغامرين الخمسة»، بدءًا عام 2010، صدرت عن «دار الشروق».