تتزايد الضغوط الدولية على الكيان الصهيوني يومًا بعد يوم، حيث أصبحت ممارساته وانتهاكاته تلقى انتقادًا من الدول الأوروبية والغربية، خاصة بعد أن تيقنت هذه الدول من أن كيان الاحتلال هو السبب الرئيس في تعطيل مفاوضات السلام، بل أدركت هذه الدول أن الاحتلال هو منبع الإرهاب الدولي، الأمر الذي دفعها إلى اتخاذ بعض الإجراءات التي أثارت الغضب الصهيوني. تحركات نشطة شهدتها الدبلوماسية الصهيونية خلال الفترة الأخيرة؛ لمحاولة لتطويق وعرقلة الجهود الدولية الساعية للضغط على الكيان الصهيوني، لإجباره على السير نحو مفاوضات سلام جديدة مع الفلسطينيين، وفي الوقت ذاته يأتي هذا النشاط الصهيوني محاولة أيضًا لعرقلة تقرير اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، التي تتكون من الولاياتالمتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة، وهو التقرير الذي ترتعد إسرائيل من مضمونه وتحاول تخفيف حدة انتقادها خلاله. وكان التقرير قد أُعد خلال لقاء وزراء خارجية الرباعية الدولية، في ميونيخ في فبراير الماضي، على خلفية الجمود السياسي بين إسرائيل والفلسطينيين، والتدهور الأمني والمبادرة الفرنسية، وتطرق البيان للمرة الأولى إلى التعاون الممكن بين الرباعية الدولية ومجلس الأمن، الأمر الذي صعّد من حالة القلق في تل أبيب. قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، جون كيربي: إن اللجنة الرباعية تعد تقريرًا عن الوضع على الأرض، وسيشمل التوصيات التي من شأنها أن تساعد على إيضاح المناقشات الدولية حيال أفضل السبل للدفع باتجاه حل الدولتين، وبحسب كيربي، فإن التقرير سيعكس بشكل كبير الآراء السابقة للجنة الرباعية الصادرة في سبتمبر الماضي، وشدد على أن طبيعة النشاط الاستيطاني المتواصل، والعدد الكبير لعمليات هدم البيوت الفلسطينية، كانت خطيرة بطريقة تشكل تهديدًا على جدوى حل الدولتين. ومن المتوقع أن يشمل التقرير قسمين، الأول يشمل وصفًا وتحليلًا للأوضاع في الضفة وغزة، والجمود السياسي والتصعيد والخطوات السلبية من كل جانب، حيث يُتوقع أن يوجه التقرير انتقادات إلى الفلسطينيين في موضوع التحريض والعنف ضد إسرائيل، وكذلك بشأن الانشقاق السياسي بين فتح وحماس وضعف السلطة في كل ما يتعلق بإعمار غزة، فيما سيوجه القسم الأكبر من الانتقاد إلى إسرائيل، خاصة في مجال البناء في المستوطنات وسياستها في المناطق «ج» في الضفة، كذلك من المتوقع انتقاد هدم بيوت الفلسطينيين ومحاولة تضييق تحركهم في ذات المناطق، ويتوقع أن يحدد التقرير أن السياسة الإسرائيلية تهدد القدرة على تحقيق حل الدولتين. القسم الثاني سيكون أقصر من الأول، وسيتضمن توصيات بالخطوات البناءة للثقة التي يقترح على الجانبين فعلها لتحسين الأجواء، والحفاظ على إمكانية تطبيق حل الدولتين، والعودة في مرحلة معنية إلى المفاوضات المباشرة، ويتوقع أن تتطرق التوصيات إلى موضوع البناء في المستوطنات والسياسة الإسرائيلية في المناطق «ج» والتحريض الفلسطيني. ذكرت صحيفة هارتس الصهيونية أن رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أجرى خلال الأيام القليلة الماضية العديد من الاتصالات المباشرة مع القادة ووزراء الخارجية الأوروبيين ومسؤولي الأممالمتحدة، في محاولة للتأثير على صيغه التقرير الذي تُعده الرباعية الدولية، حيث يريد نتنياهو التوصل إلى تقرير متوازن قدر الإمكان في الانتقادات التي سيوجهها إلى الجانبين، ومدى المسؤولية عن الباب الموصد للعملية السلمية. في إطار محاولة التأثير في الصياغة النهائية لتقرير الرباعية، ذكرت صحيفة هآرتس، أن إسرائيل حولت وثائق وقدمت شرحًا شفويًّا إلى ممثلي الرباعية الدولية، أضف إلى ذلك الاتصالات المكثفة التي أجراها نتنياهو مع قادة الرباعية، حيث سبق أن هاتف نتنياهو الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وناقش التقرير معه، كذلك أكد مسؤول إسرائيلي رفيع أن نتنياهو وبوتين ناقشا هذه المسألة خلال اللقاء بينهما الأسبوع الماضي، ولذات الغاية، ينوي أن يغادر إلى روما غدًا الأحد، للقاء وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، لمناقشة التقرير معهما، كما سيلتقي الثلاثاء المقبل بالأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، للغرض نفسه. من جهته أكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، جون كيربي، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، سيلتقيان لمناقشة وضع مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، كما سيتطرقا إلى المسائل المتعلقة بالسلام والأمن، وأضاف كيربي أن هناك مواضيع كثيرة مقبلة تستحق النقاش بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، ولا سيما الأزمة السورية والجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب بالمنطقة. في الوقت الذي قال فيه مراقبون إن نتنياهو يمكنه التأثير على صيغه التقرير والتخفيف من حدته من خلال اتصالاته ولقاءاته المكثفة التي يجريها مع القادة ووزراء الخارجية الأوروبيين خلال الأيام الماضية والمرتقبة، إلَّا أن بعض المراقبين ذهبوا إلى استبعاد أن يتمكن نتنياهو من الوصول إلى هذا الهدف، وجاء هذا الرأي استنادًا إلى ما أكده مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى، ودبلوماسيون غربيون في أحاديث إلى صحيفة هارتس، حول أن مسودة التقرير اسُتكملت وحُولت للتصديق عليها من وزراء خارجية دول الرباعية؛ تمهيدًا لنشرها في خلال الأيام المقبلة. تأتي هذه التحركات بعد أن تلقى الاحتلال الصهيوني صفعة دبولماسية مؤخرًا من الاتحاد الأوروبي، حيث فشلت الجهود الدبلوماسية الصهيونية التي بذلتها في سبيل منع تبلور قرار أوروبي يدعم المبادرة الفرنسية، حيث قادت وزارة الخارجية الإسرائيلية، ومعها سفارات تل أبيب في العواصم الأوروبية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، حملة كبيرة للضغط على الدول الأوروبية من أجل منع صدور قرار داعم لمبادرة باريس، إلَّا أن هذه التحركات لم تمنع وزراء خارجية الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من المصادقة على قرار يدعم المبادرة الفرنسية ويتبنى البند الرئيس فيها الداعي إلى عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة إسرائيل والفلسطينيين حتى نهاية السنة.